الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 08 / مايو 14:01

هل سيكون هناك ضربة عسكرية مباغتة ضد ايران ؟‎‎-فاضل المناصفة

فاضل المناصفة
نُشر: 13/12/21 00:30

أكدت مفاوضات فينا الأخيرة حول النووي الايراني، بأن الديبلوماسية التي تنتهجها دول الغرب اتجاه ايران لن تجدي نفعا، بل هي في صالح ايران بالدرجة الأولى نظرا لأنها تكسبها الوقت الكافي لتحقيق تقدم جديد في مشروعها، كما ان الفشل المتتالي للمفاوضات ووجود نقاط اختلاف في الشروط المقدمة، يعد مكسبا لطهران التي يبدوا انها تتواجد في أريحية خاصة بعد الانسحاب الامريكي في أفغانستان وهذا ما يضمن لها أنه لا توجد نية لتحرك عسكري ضدها على المدى القريب، حتى وان اشارت تصريحات مسؤوليها الى تهديدات محتملة من جانب طالبان الا ان هذا مجرد كلام للاستهلاك الاعلامي فهي تدرك تماما ان ضعف طالبان يدفعها الى التعامل معها بحذر .

تحاول ايران أيضا ان تترك جبهة غزة دائما على أهبة الاستعداد لتشتت حسابات إسرائيل في القيام بهجوم عسكري ضدها في ضل التوتر الدائم مع القطاع والذي يتقضي منها أن تركز كل اهتماماتها على عدم الدخول في جبهة جديدة غير محسوبة العواقب، ولهذا تركز ايران على بقاء التوتر في غزة لأطول فترة ممكنة لأن غزة هي صمام الأمان، و حلبة الصراع التي تخوضه مع اسرائيل من دون أن تخسر شيئا على أرضها، فكلما احرزت حماس تقدما في مفاوضاتها مع اسرائيل كلما كانت أشد انزعاجا لأنها لا تريد أن تصل اسرائيل الى هدنة دائمة مع حماس، مما يسمح لها باتخادات خيارات عسكرية ضدها، ولهذا فإن طهران تصب دائما الزيت على النار وتدفع المقاومة الفلسطينية الى الاستمرار في تصعيد اللهجة و التلميح الى فتح جبهة مواجهات جديدة تبقي الوضع على ماهو عليه بالنسبة لها .

تدرك الدول الغربية أن حصول ايران على سلاح نووي هو بمثابة حصولها على الحصانة الدائمة ضد أي تهديد خارجي والذي يجعلها تفرض سياسة الأمر الواقع ضد خصومها و يفتح شهيتها لممارسة العربدة في منطقة الخليج وربما التهام دول عربية وضمها مثل البحرين و اليمن. اذا ان ايران لا تبحث عن مصالح الشيعة في البحرين وتعزيز الديمقراطية فيها، ولا تبحث عن تخليص اليمنيين من الفقر والجوع وانما لتعزز من قوتها وتجد موطأ قدم لسفنها في الموانئ اليمنية وتقود القرصنة في الطريق المؤدي الى قناة السويس .

ان وقوع سلاح نووي في يد ايران يعني ميلاد كوريا شمالية أشد فكتا من كوريا كيم يونغ أون، كما يعني أيضا المزيد من التسلح والتوتر وربما اندلاع حرب عالمية ثالثة ستغير من شكل المنطقة، فإيران لا تبحث عن التطور والتقدم باكتساب الطاقة النووية وانما تركز اهتمامها على تكون هاته الطاقة النووية مدمرة لكل من يقف ضدها مشروعها التوسعي .

ربما كان اللقاء الاخير بين وزير الدفاع الاسرائيلي ونظيره الأمريكي بعد فشل مفاوضات فيينا، خطوة نحو تبني أسلوب أكثر نجاعة ضد ايران وايقاف كسبها للوقت الذي سيزيد من تعقيد الموقف، ولكن هل تبدوا الادارة الأمريكية في زمن بايدن مستعدة لقيادة حرب في الشرق الأوسط وهي التي سحبت جيشها وأسطولها منه و اعترفت بأخطاءها في التدخل عسكريا في العراق وافغانستان ؟ لا يبدوا أن هنالك نية بالتحرك عسكريا ضد ايران ولكن هناك مؤشرات بأن اسرائيل تحث أمريكيا على ضرورة التحرك الفوري ضد ايران قبل ان يتخد ملف النووي منحا آخرا سيجعل الحلول المتوفرة حاليا غير ممكنة مستقبليا .

ولكن ما نوع التحرك الذي تطلبه اسرائيل وما موقف الدول الخليجية والأمم المتحدة منه ؟

وهل بحثث اسرائيل عن تطبيع علاقاتها مع العرب لمعالجة الملف الايراني سويا، أم فعلا لدعم السلام في المنطقة؟

لا توجد معطيات تدل على ان العرب جاهزون لخوض حرب ضد ايران حتى وان كانت العلاقات متوترة ولكنها لم تصل الى مرحلة التصعيد العسكري، ولا توجد أيضا مؤشرات على أن أمريكا ستفضل معالجة الملف الايراني على حساب جبهتها الاقتصادية المشتعلة ضد الصين و انشغالها بالخروج من الأزمة الاقتصادية التي سببتها الجائحة . لدى فان احتمال توجيه المزيد من العقوبات الاقتصادية ضد ايران هي الحل المتوفر حاليا، وربما قد تفكر اسرائيل في توجيه ضربة جوية خاطفة على نقاط حيوية في ايران، ما اذا ضمنت أن يكون هناك دعم امريكي وإقليمي لخطوتها، وما اذا تأكدت من ان هذه الضربات لن تستطيع ايران صدها أو الرد عليها عسكريا، خشية من تلقي ضربات أخرى موجعة أكثر .

تعول دول أخرى على معالجة ملف النووي من الداخل الايراني نفسه، وذلك لأنها تدرك أن تخبط ايران وضراوة العقوبات الاقتصادية ضدها سينجح في اشعال ثورة ضد نظام الملا خاصة وان الجبهة الاجتماعية تغلي بفعل موجة الغلاء والركود الاقتصادي وفشل السياسات الحكومية على احتواء معدلات الفقر والبطالة، مع المزيد من التضييق على الحريات الفردية والجماعية.

نحن اليوم امام معضلة كبيرة، والملف الايراني يعد بمثابة قنبلة موقوتة قابلة للانفجار واشعال فتيل حرب عالمية ثالثة : قد يرى البعض أن الغرب يكيل بمكيالين بين كوريا الشمالية وايران ويضخم من المخاوف حيال الملف الايراني، ولكن ينبغي أن نفرق بين كوريا الشمالية التي لاتبحث عن نزعة توسعية وايران التي تريد العودة الى زمن الامبراطورية الفارسية وتريد ان تهيمن على المنطقة برمتها وتشكل تهديدا عالميا على مستقبل الاقتصاد والطاقة.

ان ايران لا تبحث عن تحرير القدس ولا عن الخلاص لشعب غزة بل تعمل على تقسيم الصف و تستعمل الملف الفلسطيني لخدمة أغراضها و لتشتيت تركيز اسرائيل عن ملفها النووي، كما تحارب دول الخليج بأدرع يمنية لتضعف قوته العسكرية، وهي مستعدة على تقاسم سوريا مع روسيا ومستعدة لتقسيم العراق وضم جنوبه.

مقالات متعلقة