الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 10 / مايو 12:01

التدريبات في بلداتنا والحرب القادمة

بقلم: أحمد كيوان

احمد كيوان
نُشر: 18/11/21 18:38,  حُتلن: 21:32

احمد كيوان يكتب في مقالته: نحن جزء مهم في هذا الصراع الدائر، ولسنا كما تمنوا لنا ان نكون ايتامًا على مأدبة اللئام!

يقوم الجيش الاسرائيلي، منذ اسابيع، بتدريبات في مدننا وقرانا العربية في الداخل الفلسطيني، قيل انها تحاكي حربا محتملة على لبنان، حتى انه نُشر بان مدينة ام الفحم مثلا تحاكي مدينة بنت جبيل في جنوب لبنان!

والحقيقة انني لا ادري ان كانوا اصلا بحاجة الى ام الفحم حتى يتعرفوا على بنت جبيل او غيرها، فقد كانوا لأكثر من عشرين سنة هناك، وكان لهم جيش من العملاء، لكنهم في النهاية هربوا في ليل تاركين عملاءهم لمصيرهم. واظن ان جنوب لبنان اليوم اقوى بكثير مما كان في الماضي عندما هزم اسرائيل مرتين: في حرب تموز 2006، وقبل ذلك الهروب من الجنوب عام 2000. واذا اضفنا لهذه التدريبات ما قاله مؤخرا احد الخبراء اللوجستيين في الجيش الاسرائيلي، الجنرال ترجمان، بان "على اسرائيل ان تبحث عن بدائل لنقل دباباتها وآلياتها العسكرية في الحرب القادمة، حتى لا تمر في وادي عارة!!"، فإنني لا اظن ان هذا التصريح كان غبيا. فالذي اطلقه قد يكون يريد منه بالون اختبار في التحريض الدموي ضد الجماهير العربية. فمن يمتنع حتى الآن عن الاعتراف والاعتذار عن مجزرة كفرقاسم، قد تسوّل له نفسه ان يرتكب حماقات اخرى بحجة ان "قواتنا تعرضت لأعمال عدائية".

اذًا، الهدف من وراء مثل هذه التدريبات وهذه التصريحات لا ارى انه بريء، والتجربة تعلمنا بان نشكك في أي شيء وان نتوقع كل الاحتمالات طالما انهم يتنكرون لحقوق شعبنا، وحقوقنا هنا ايضا. فالذي لا يكتفي بالاعتراف بإسرائيل كأمر واقع، يريد ان ينتزع اعترافا منا بعدم شرعيتنا حين اقر قانون يهودية الدولة، واسرائيل دولة الشعب اليهودي، والغى كون اللغة العربية لغة رسمية في البلاد. وهذا كله يشير الى ما تخبئه الدوائر الرسمية ضد المواطنين العرب الفلسطينيين، رغم ادعائها بانها دولة ديمقراطية. فلا معنى لديمقراطية في ظل القوانين العنصرية القائمة، وسنظل نشك في نواياهم وما المقصود بزجّنا في الحرب القادمة، ونحن اكثر الناس كرهًا لها ونصلي حتى لا تقوم مثل هذه الحرب، لأننا ندرك ابعادها الكارثية على الجميع. فهي حرب تدميرية بامتياز، وستكون كل الحروب السابقة لها بمثابة لعب اطفال. وهي ان وقعت ستحصد الارواح الكثيرة وستخلف دمارا لا يمكن تصوره، ولن يكون شارع وادي عارة حاسمًا في هذه الحرب كما كان في حروب سابقة، لان الجيل الجديد من الحروب لا يشبه الاجيال السابقة منها. فالصواريخ الذكية والدقيقة ستكون حاسمة في حروب المستقبل. وكذلك الطائرات المسيّرة وحروب السايبر. اما الحديث عن شارع وادي عارة فهو حديث تضليلي وتحريضي، وكأنه يقول للإسرائيليين "حذارِ من المواطنين العرب، فهم سيتصرفون كأعداء عند نشوب أي حرب"!

واحب هنا ان اكون واضحًا كل الوضوح، امام الذين يحبوننا او يكرهوننا، واقول انه منذ العام 1948 وحتى اليوم كنا في اشد الفترات حلكة وظلاما، ابان الحكم العسكري، حين كانت تجمعاتنا السكنية في المثلث والجليل بمثابة كانتونات لا تتواصل مع بعضها البعض الا بتصاريح عسكرية، نحسن الدفاع عن النفس. لقد ناضلنا وكافحنا بشرف وشجاعة ضد محاولات طمس هويتنا العربية، وقاتلنا من اجل انتزاع لقمة العيش، وقمنا بانتفاضات عارمة وهبات قوية دفاعًا عن النفس وعن المقدسات، وسنستمر في ذلك في كل الظروف والحالات. وهذه ظواهر طبيعية وليست ظواهر عدائية، لان المؤسسة الحاكمة هي التي قابلتنا بعدائها الذي لم ينقطع بعد، وشهداؤنا في كل الانتفاضات السابقة دليل على عدائية هذه المؤسسة لنا.

واحب ان اقول، لإخواننا في الدول العربية المتعددة، بان مجرد وجودنا هنا ومجرد الحفاظ على هذا الوجود كان معركة كبرى في الحفاظ على القضية الفلسطينية وجعل جذوتها مشتعلة طيلة الوقت، وان خصوصيتنا تجعل من نضالنا الشعبي هو المطلوب ذودًا عن النفس ودعمًا لقضية شعبنا العادلة. ونحن على دراية تامة بخصوص المعارك الشعبية المنتصرة. وكل من يفكر في جعل شعبنا في موقع آخر فهو مخطئ، ودورنا الذي مارسناه، ولا زلنا وسنبقى نمارسه، لا يقل اهمية عن أية وسيلة نضالية اخرى. فالوسائل مهما تعددت فإنها تكمل الواحدة الاخرى، ونحن جزء مهم في هذا الصراع الدائر، ولسنا كما تمنوا لنا ان نكون ايتامًا على مأدبة اللئام!

والمطلوب هو ان تغير اسرائيل من سياستها العدوانية تجاه الفلسطينيين والعرب، وان تنسحب من اراضيهم المحتلة، لا ان تكابر. فالتمارين المشتركة مع الامارات في البحر الاحمر لن تكون منقذًا للاحتلال، ولن تعطيهم افضلية تجاه ايران التي قيل مؤخرًا انها تملك سلاحًا نوويًا في ديمونا، وليست على ارضها!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة