الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 07:02

لا أحد يسأل الشعب رأيه .. التنظيمات تقرر وتنفذ بلا رقيب ولا حسيب/ بقلم: د. ناصر اللحام

د. ناصر اللحام
نُشر: 06/08/18 15:03

د. ناصر اللحام في مقاله:

لن أؤيد ولا اعارض أية صفقة تعقدها حماس مع الاحتلال . لقناعتي ان اوسلو هو اكبر مشروع انفصالي وصار هدفا وطنيا كبيرا 

لست اؤيد الحروب ، ولست أعارض السلام . ولكنني اعارض التفرد بالقرار عند الفئات التي أقنعت نفسها أنها الاكثر وعيا واستراتيجية من باقي فئات الشعب

نفس المعادلة التي دأبت عليها القيادات العربية منذ دهر . من يحكم أي بلد يقرر نيابة عن الشعب مدى الحياة ، لا رقيب ولا حسيب ولا علم إجتماع ولا معارضة ولا حتى معارضة داخلية . بل ان العقوبات التي تتعرض لها المعارضة الداخلية في أية مؤسسة أو منظمة او تنظيم تفوق بعشرات المرات قوة العقوبة التي تقع على المعارضة من خارجها . واللافت للإنتباه أن التنظيمات نفسها صارت لا تقرر . وإنما فئة حاكمة في رأس التنظيم هي التي ستقرر ، والفئة لا تقرر أساسا وإنما واحد أو إثنان إو ثلاثة في كل تنظيم هم الذين سيقررون كل شئ وباقي التنظيم لا يقول رأيه أساسا .

ثقافة السيطرة بالقوة ، وازدراء الجمهور وإحكام قبضة الفئة الحاكمة على كل شيء وليس فقط السياسة ( في العلوم وفي الفن والرياضة والغناء .. ) ، لدرجة أن هذه القوى التي تتحكم في حياة الناس وفي أية منطقة صارت تنتحل عناوين لها على مواقع التواصل الاجتماعي لتعبث في عقل الجمهور في العالم الافتراضي . فلكل حكومة جيش الكتروني ولكل جهاز امن ضباط فيس بوك ولكل تنظيم كوماندوز على تويتر وهكذا . ولم تكتف بسيطرتها على حياة الناس بل صارت تريد السيطرة على عالمهم الافتراضي .

لن أؤيد ولا اعارض أية صفقة تعقدها حماس مع الاحتلال . لقناعتي ان اوسلو هو اكبر مشروع انفصالي وصار هدفا وطنيا كبيرا . وصفقة غزة ستتحول الى انجاز كبير للنضال حتى لو كانت مخلوقا مشوّها . ويلفت انتباهي ان اوسلو تم توقيعها خلسة ومباغتة . وهذه مثلها وهي نفس السمفونية التي عزفت عليها جميع التنظيمات طوال مئة عام مضت . والجماهير دائما لا تشارك بقرار الحرب ، ولا تشارك أيضا بقرار السلام .

لست اؤيد الحروب ، ولست أعارض السلام . ولكنني اعارض التفرد بالقرار عند الفئات التي أقنعت نفسها أنها الاكثر وعيا واستراتيجية من باقي فئات الشعب.
وبهذا تكون التنظيمات الفلسطينية قد استكملت سيطرتها على المجتمع الفلسطيني بالكامل ولعشرات السنين القادمة . لا برلمان ولا بطيخ ، لا منظمات اهلية ولا بطيخ . لا معارضة ولا بطيخ . لا مجلس استشاري ولا بطيخ . ولا حرية صحافة ولا بطيخ . ولا مجلس وطني ولا بطيخ . ولا مجلس شورى ولا بطيخ . ومن يعارض سينال من الشتائم وجيوش القمع الافتراضي ما نال شارب الخمر من الإمام مالك .

هم يقررون الصح والخطأ ونحن نصفق ، نصفق للحرب ونصفق للسلام وطالما صفقنا لمرحلة لا حرب ولا سلام . وحين يذهب الحاكم ويأتي بعده حاكم مختلف بكل الصفات والمبادئ ، يفترض ان نصفق للجديد وهكذا حتى أولاد أولادنا . لم نكسر عصا الطاعة للتنظيمات منذ قرن ، وإنضبط أجدادنا لاجدادهم ، وإنضبط اّباؤنا لابائهم ، وإنضبطنا لهم . فهل ينضبط أولادنا لأولادهم !

انا أعرف يقينا ان ما تريده التنظيمات وتقرره في الجلسات المغلقة هو الذي سيتم في النهاية ، ولكنني كنت اّمل استشارة الجمهور في أي شئ ، وإذا ليس من باب الديموقراطية ، ليكن حفاظا على "سمعة المحل ". او ليعتبروننا زبائن في دكاكينهم ومن باب التسويق ليقولوا ( الزيون على حق ).

الكاتب رئيس تحرير وكالة معا الفلسطينية الاخبارية

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

 

مقالات متعلقة