الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 27 / أبريل 04:01

كان اسمها خديجة/ بقلم: سونا زعبي عثمان

سونا زعبي عثمان
نُشر: 24/04/18 10:50,  حُتلن: 14:25

هي في الخمسين.
أو أقل بسنتين.
لا أعلم حقاً لكنها تبدو بالخمسين.
ترتب وتنظف المكتب من أمامي،
انا وهي العربيتين الوحيدتين في البناية.
أراقبها ثم كعادتي، أُشاكسها، وأتعرف على روحها.
طلقت زوجها بعد أن تزوج عليها.
وشرعت بمشروع أُم.
ثلاثة أطفال. ديون.تعليم.اكل. رعاية.
وأسألها عن أنوثتها،
هل ترغب بالزواج أو الارتباط برجل مرة أخرى.
تضحك من كل قلبها:
-أنا؟؟؟
اسمها فاطمة.


هي في الستين. ربما.
يضيع تخميني نحو عمرها الحقيقي وراء طبقات الجلباب التي لا تتغير صيفا شتاءا.
أراها كلما أخذت طفلتي الى "عوشاق" معهد الفنون في شارع الحريري بالقدس.
تبيع كل ما تنتجه حاكورتها من ورق العنب والميرمية واللوز لتعيل عائلتها.
- شو إسمك؟ سألتها وانا أشتري اللوز الأخضر.
- أم نبيل
- وشو كان اسمك قبل ما تجيبي نبيل
توقفت عن التسويق الأوتوماتيكي ونظرت الى عيني وكأنها تقول لي: "اها! أنتِ من المشاغبين؟"
ثم ابتسمت وقالت وهي تطأطئ رأسها وتعود لعملها:
- بهية. اسمي بهية. بس كلهن بيقولولي أم نبيل.


هي في الثلاثين.
جميلة جدا وجذابة لكني لا أستطيع ان ارى روحها الحقيقية خلف حواجز نفسها وجسدها، لها عينين جائعتين للحب والدفء. وتخبران عن حزن عميق. أشاكسها لأتعرف عليها. وتبدأ صداقة.
لا يقربها زوجها سوى مرةً كل شهرين.
ويرفض بتاتا مراجعة مختص بذلك رغم إلحاحها وحاجتها، وإمكانية خسارته لها.
زاد الإهمال الجنسي من وزنها.
وزاد الإهمال الروحي من عُنف شخصيتها.
وزاد الإهمال الأُنثوي من مرارة لسانها.
اسمها منى.


هي في الأربعين، أرملة.
تاجرة جميلة وذكية.
وقد وقعت أخيرا في الحب.
أخيرا عثرت على الرجل الذي تشعر كلما رأته بقشعريرة تسري في جسدها وروحها.
انه شاب أعزب وسيم، يصغرها بعشرين عام أو أقل.
تشعر نحوه بشغف يشعل أطرافها، ورغبةٍ مندفعةٍ تجعلها تَصْغُرُ بعشرات السنين كلما كلمته.
هذه الدغدغة في بطنها تثيرها.
بعثت بمرسال تسأله إن كان يرغب بالزواج منها، لم تخشى شيئاً فهي حرة طليقة تتقن فن الإصغاء لشغفها.
هي تعلم جيدا ما الذي تريده روحها، وما الذي يرغبه ويحتاجه جسدها.
وهي تعلم جيداً ان الانسان، مهما كان ناجحا، لن يستطيع أن يكون سعيدا في حياته طالما لم يكن سعيدا ومكتفيا في علاقته العاطفية وعلاقته الحميمة.
تتسلق لسفح الحائط مع بعض النساء كي تراقبه وهو عائد الى مكة من الشام ببضاعتها، ولَم تكن لتفعل ذلك من أجل أي رجل من قبله.
وما أن رأته حتى ابتسمت وطغت الأنثى على أحساسها ونظرة عينيها وهي تراه عائداً بنجاح وثقة.
وعلمت حينها في قرارة روحها أنها ستتزوجه وأنها ستبني معه مستقبلا باهرا.
كما علمت أيضا أنها ستدغدغ أنوثتها في حضنه.
كان اسمها خديجة.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة