الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 08 / مايو 21:02

الاتجاه الصحيح لبوصلة السياسة الأميركية/ رقية الزميع

كل العرب
نُشر: 18/05/17 07:39,  حُتلن: 07:41

رقية الزميع:

تسع سنوات عجاف مرت على المنطقة منذ زيارة الرئيس الأميركي السابق أوباما للقاهرة وإلقاء خطبته الشهيرة في جامعة القاهرة

 جهود ومساعٍ حثيثة قام بها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يتولى ملف العلاقات بين البلدين، أثمرت عن اختيار المملكة العربية السعودية كأول وجهة خارجية لرئيس أميركي

لا شيء أشهى من الحديث عن السياسة الأميركية لأي محلل سياسي، والزيارة التاريخية الأولى للرئيس الأميركي ترمب للمنطقة كأول وجهة خارجية له، بدون شك تثير شهية الكثيرين للتحليل والبحث في محاولات للتنبؤ وإعادة قراءة الخطوط الرئيسية لما ستكون عليه مقاربة السياسة الأميركية في المنطقة وما ستؤول إليه موازين القوى خلال سنواته القادمة في البيت الأبيض.
جهود ومساعٍ حثيثة قام بها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، الذي يتولى ملف العلاقات بين البلدين، أثمرت عن اختيار المملكة العربية السعودية كأول وجهة خارجية لرئيس أميركي، وبلا شك يحمل هذا الاختيار العديد من الرسائل للشريك الاستراتيجي والتاريخي الأهم في الشرق الأوسط، المملكة العربية السعودية. هذه الوجهة التاريخية للرئيس الأميركي للقاء خادم الحرمين الشريفين ولقاء قادة دول الخليج والقادة العرب وقادة الدول الإسلامية، قمة استثنائية بجميع المقاييس كانت المنطقة وفي هذه اللحظة التاريخية بأمس الحاجة لرسم السياسات وتوحيد الرؤى ودعم العمل المشترك ومحاربة التطرف والتصدي لإيران، إضافة إلى تحجيم النفوذ الروسي بالمنطقة الذي خلفه ضعف الإدارة الأميركية السابقة.
تسع سنوات عجاف مرت على المنطقة منذ زيارة الرئيس الأميركي السابق أوباما للقاهرة وإلقاء خطبته الشهيرة في جامعة القاهرة. الزيارة التي وجه من خلالها رسالته للشعوب العربية واعدا إياها بالدعم ومتعهدا بفتح شراكات جديدة مع الشرق الأوسط، لم تلبث سنتين على الزيارة لتدعم الولايات المتحدة الثورات أو النكبات العربية، إن صح التعبير، التي أكلت الأخضر واليابس وقتلت أحلام الشباب وقضت على مقدرات شعوب المنطقة وأعادتهم سنوات عديدة إلى الخلف عبر ما يسمى الفوضى الخلاقة التي تتبناها مستشارة الرئيس السابق للأمن القومي كونداليزا رايس، مخيبة الآمال بصدق النوايا الأميركية في مد جسور السلام والتعاون مع المنطقة.
خلال إحدى المناظرات الانتخابية للرئيس الحالي دونالد ترمب قال إن على إيران إرسال رسالة شكر للولايات المتحدة لسياسات أوباما التي ساهمت في زيادة نفوذها في العراق "إيران تستولي على العراق، وهذا ما أرادته دائماً، إلا أنه نحن من سهّلنا لها ذلك، لذا ينبغي على إيران أن ترسل لنا رسالة شكر". في كل مناورة ترمبية يثبت الرئيس الأميركي أن شخصا يفهم لعبة السياسة وأولوياتها ويدرك كيف يراهن على الجواد الرابح، يعي جيدا أهمية أن تعود أميركا عظيمة من خلال توطيد العلاقة مع الحلفاء ومدى أهمية عودتها كلاعب رئيسي في السياسة العالمية.
اختيار المملكة كأول وجهة للرئيس ترمب بالتأكيد له رسائل عديدة وليس محض صدفة، هذا الاختيار سوف يخلد تاريخيا للرئيس ترمب حيث لم يسبقه لذلك أي رئيس أميركي. إرسال رسائل تطمين ومد يد التعاون والثقة للحلفاء بأن بوصلة السياسة الخارجية التي انحرفت في عهد الرئيس السابق قد عادت إلى مسارها الصحيح مجددا أنها – أي الولايات المتحدة - لاتزال تحترم تحالفاتها التاريخية وشراكاتها الاستراتيجية، وتسعى لتطويرها والمحافظة عليها، أضف إلى ذلك التأكيد على المساعي الحالية للإدارة الأميركية لاستعادة دورها كلاعب إقليمي ودولي والتصدي للإرهاب وتنظيم داعش، أيضا رسالة لإيران بأن تكف عن سياساتها الاستفزازية والتدخلية في المنطقة، أيضا التأكيد على رغبة الولايات المتحدة في إرساء قواعد السلام والتعايش السلمي بينها وبين الدول الإسلامية وفيما بين أتباع الديانات الثلاث، وأن الرئيس ترمب شخصيا لا يوجد لديه أجندة مناهضة للمسلمين.
زيارة تاريخية تتخللها قمتان، حدث غير مسبوق سياسيا لكلتا الدولتين، لتؤكد من خلالها المملكة على استمرار دورها القوي والمؤثر إقليميا وعالميا على حد سواء، وأيضا وكقائد إسلامي وعربي وخليجي وأحد أهم الفاعلين الدوليين في المنطقة من خلال سياساتها الهادفة دوما إلى دعم استقرار دول المنطقة والذي عبرت عنه من خلال مبادرة السلام العربية الإسرائيلية أو من خلال سياسات التصدي لطموح إيران بمد نفوذها في المنطقة، والمساعي لإعادة الشرعية إلى اليمن واستمرار وقوفها إلى جانب أشقائها العرب لمواجهة التحديات الاقتصادية والسياسية. مؤكدة على دورها الإسلامي كخادمة للحرمين الشريفين وقائدة للإسلام السني المعتدل، حشدت المملكة قادة العالم الإسلامي بما يفوق الخمسين دولة للاجتماع بالرئيس الأميركي لخلق جبهة موحدة للتصدي للعنف والتطرف ومحاربة المنظمات المتطرفة وللتأكيد بأن رسالة الإسلام هي رسالة السلام، وأن الشعوب الإسلامية تنبذ العنف والتطرف ولديها الرغبة في التعايش السلمي.
على الرغم من أن الولايات المتحدة أقوى اقتصاد عالمي بدون منازع وقوة عسكرية أولى عالميا متفوقة بقدراتها المالية والتكنولوجية، إضافة إلى سجلها الحافل بالخبرات العسكرية والاستخباراتية إلا أنه بدون توطيد العلاقات مع الحلفاء والأصدقاء لا يمكن لها استعادة دورها الريادي كقوة عظمى.

نقلا عن العربية

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net     

 

مقالات متعلقة