الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 16:02

رحلة البحث عن معنى/بقلم:يوسف حمدان

كل العرب
نُشر: 02/01/17 10:27,  حُتلن: 14:05

رحلة البحث عن معنى
لا تسألني عن غاية مشواري
لي هدفٌ أمضي نحوه
ويظل يشدُّ خطايَ
ويرسم وِجْهة أسفاري
قد أصل الغايةَ يوماً
أو قد تحرمني الغايةُ
من بهجة أنظاري
لكني مهما طال طريقي
وتعرَّج بين تلال الأخطارِ
سأظل أسير بلا كللٍ
كالفرس المغوارِ
هدفي أجملُ بيتٍ
يسكن بين سهول القمحِ
وآكام الأشجارِ
فيه ترعرعتُ
وودعت نعومة أظفاري
ما زالت تدعوني دمعةُ أمي
وهي تودعني:
ارجع يا ولدي!
فمكانك في حضن الدارِ.
***
لا يشغلني إن كان مآلي
أبعدَ أم أدنى
فأنا لا أسعى كي أسترجعَ
عشبَ المرعى..
بل أسعى نحو الدارِ الأولى
كي أجد المعنى.
السروة كانت عاليةً..
كانت في ماضي الأيام دليلي
حين أراها عن بعدٍ
كنتُ أحددُ موقعَ حقل الموزِ
وكرمَ المشمش والتفاحْ
حين امتصتني الغربةُ
كنت أراها في الحلمِ
لكي أرتاحْ.
فلماذا حين أعود اليومَ
أفتش عنها.. لكني
لا ألمسُ في موقعها
غير الذكرى والأشباح؟
***
في درب الهجرةِ
كان اللقلقُ يعبر من بلدي
ويحطُ على رأس السروةْ..
حين يمرُّ الآن وقد ماتتْ
هل يشعر بالحسرة؟
خطواتي ما زالت
في أرض البيارة محفورةْ
وأريج الكمثرى والنَّارَنجْ..
يتبعني
في كل جهات المعمورةْ..
أنَّى ذرَّت أشلائي الريحُ
تلاحقني الزيتونةُ والصبارةْ..
ويظل صغار الأسرةِ
يلهون على كتِفيَّ وحضني
كملائكة بررةْ..
حتى حين أكون على قممٍ
فوق سفوح منحدرةْ..
لا تسألني عن غاية مشواري
فأنا لا أبحث عن
من أخذوا الحقل من الفلاحِ
ومن كانوا ضد الحقِ..
ومن كانوا معنا..
فأنا أبحث
عن أسرار الأحداثِ
وأسعى أبداً
كي أجد المعنى.
***
علمني البحثُ عن المعنى
أن أسعى..
لا أن أتحسَّرْ
علمني الشوقُ
بأن أعشق أحبابي أكثرْ
علمني البعدُ
بأن الأميال سرابٌ
وبأن العالمَ أصغرْ
علمني الآخرُ
أن شعوب الدنيا واحدةٌ
حين تَعلَّمَ مني
أن الآخرَ إنسانٌ مثله..
علمتُ الآخرَ
أن امرأةً تبكي في القدسِ
هي امرأةٌ تبكي في برلينْ..
علمتُ الآخرَ
أن الفلاح الكادحَ
في أوهايو
هو فلاحٌ يكدح في سخنينْ..
علمني الجاهلُ
أن الجهل عدوي وعدوه
علمني العالِمُ أن العلمَ
هو الحكمةُ..
والثروة والقوةْ..
لا تسألني عن غاية مشواري
فأنا لا أبحث عن مأوى
بل أبحث عن بذرة حبٍ
تترعرع في داري..
أتوزع بين دروب الدنيا
وتظل البذرة تزهو كالزيتونةِ
في حضن الدارِ
أنا لا أبحث عن مأوى..
لي أجمل بيتٍ
يسكن بين حقول القمحِ
وآكام الأشجارِ
فيه تعلمت الأسماء الحسنى..
وأنا لا أنفك أفتش
عن داري الأولى..
كي أجد المعنى.

نيويورك
2/1/2017

مقالات متعلقة