الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 03:02

ميريليزا/ بقلم: فؤاد سليّمان

كل العرب
نُشر: 27/09/16 07:49,  حُتلن: 07:52

فؤاد سليّمان في مقاله:

ميري ريجب تلعب على الوتر العرقيّ منذ البداية ومغرمة في أغاني إيال جولان

ميري فتمثّل اليهود الشّرقيّين المعاديين للعرب والذين لا نيّة لهم بالتّصالح والتّعايش. فهل تنتصر ميري؟

جلست أمام قطّة أبي أداعبها وقلت لأبي رمزي : “ أتعلم أنّ هنالك إسم عائلة المسمّى بدار البعيصة " . إبتسم أبي وأجابني " نعم وهنالك أيضا دار السطّال " ففرطت من الضّحك. عدّت إلى داري بعد وجبة فلفل محشيّ بالأرزّ من طبيخ أمّي صوفيّا المعدّلة لأجد زوجتي تحكي عبر السكايب مع صديقتها كاتيا من ألمانيا. جلست أمام حاسوبي، فأنا من جيل الحاسوب ولست من جيل الآي فون، وصفنت في الفيسبوك وبدأت بقراءة مقال عن الآنسة ميري ريجب وتركها المنصّة خلال إلقاء قصيدة شعر لمحمود درويش خلال حفلة جوائز أوفير.

إنّ ميري ريجب تلعب على الوتر العرقيّ منذ البداية، ومغرمة في أغاني إيال جولان. أنا شخصيّا أستمتع في أغنية إيال جولان "يافا شيلي" وأحيانا أحاول سماع أغاني أخرى له وسرعان ما يهبط مزاجي وأغيّر الأغنية. أما ميري ريجب فبعد زمن قليل من عملها كوزيرة الثّقافة والفنّ والريّاضة أقامت حفلة وأحضرت إيال جولان ودفعت له سعرا باهظا وجلست تغنّي " يافا شلي". عندما نستوعب ما حصل هنا فنرى أنّ السيّدة ميري ريجب إستغلّت منصبها لتحقيق أمنياتها الشّخصيّة.

إنّ الوضع في مشهد الثّقافة هو أنّ اليّسار هو المسيطر، كما وهنالك الكثير من اليهود الشرقيّين الّذين يتعاطفوا مع العرب والذين ينتمون إلى التيّار اليساريّ الّذي يطلب السّلام والتّعايش. أمّا ميري فتمثّل اليهود الشّرقيّين المعاديين للعرب والذين لا نيّة لهم بالتّصالح والتّعايش. فهل تنتصر ميري؟ ربّما انتصارا جزئيّا ورمزيّا، فكلّ مرّة تكون في مواجهة مع النخبة المسيّطرة في الفنّ، مثل أثناء قضيّة إلقاء أشعار محمود درويش في قناة جلي تساهل عبر أثير الرّاديو، فتقوم طنطنة إعلاميّة وفي النّهاية تجلس ميري مع ممثّلي الرّاديو، وطبعا خلال اللّقاء وبين القهوة والكعك يكتشف الجّميع أنّ ميري ريجب سيّدة حميمة القلب وحسّاسة، كما قال عنها الممثّل نورمان عيسى عقب كلّ قضيّة التمويل لمسرح الميدان الحيفاويّ، وربّما ميري بالفعل حبّوبة ولطيفة وحسّاسة، وبعد كل تلك الطّنطنة الإعلاميّة والمواجهه السّياسيّة، يبقى الحال كما هو، ويبقى الأشخاص المسؤولون عن الفنّ مكانهم ولا يتزحزحوا، كما وتبقى ميري ريجب وإيال جولان وجمهورهم مكانهم ولا يتزحزحون. يبدو أنّ ميري ريجب إنتصرت في أن تضع النّقاش العرقيّ على طاولة الإعلام وترتيب حفلة لإيال جولان، أمّا تغيير جديّ جذريّ فلم يحدث، ويبقى الخطّ المركزيّ في الفن مسالما ومتعاطفا مع العرب وبعيدا عن قبضة يد الحربجيّة والتطرّف ومتواصل مع الوجه الإنسانيّ للدولة، ربّما هذا جزء من تعدّد وجوه الدّولة وسياسة تعدّد الوجوه هذه.

الموناليزا هي رسمة مشهورة للرّسام ليوناردو دافنشي والّذي يعود تاريخها إلى القرن السّادس عشر، وهي إمرأة حنونة، ليس جميلة بشكل خاص، وشعبيّة، وحين يأخذ بنيانين نتنياهو إمرأة شعبيّة، ليس جميلة بشكل خاص، حنونة، ولا تفهم بالفنّ بتاتا ولم ترَ أيّ فيلم لكوانتين تراتاينو، ويضعها فجأة لوزيرة الثّقافة والفنّون والريّاضة، فتصبح هي الموناليزا الشرقيّة الحديثة، الميريليزا، وبدلا من أن تدخل المشهد الثّقافي لعصر الحداثة، فتدخله إلى مسلسل أرجنتينيّ مبني على الخلاف العرقيّ.

إنّ الفلسفة الوجوديّة تتحدّث عن الفنّ كنوع من عمليّات العلاج الرّوحي، فهنالك سرد وشعور ونغمات ومحاولة لمشاركة تجربة إنسانيّة وتخليدها. فكيف إمرأة لا تدرس الفنّ ولا تتذوّق منه إلّى القليل تقف في هذا المكان. إنّي أوجه رسالة إلى ميري ريجف وأقول لها أني بالفعل أستمتع من أغنية " يافا شلي " لإيال جولان وأتمنّى لو كانت ميري بقدرتها أن استمتع بقصيدة " فكّر يغيرك " لمحمود درويش، أو أغنية " على طريق عتيت " لتريز سليمان أو غيرها من الأغاني الفلسطينيّة.

ها أنا أجلس أمام حاسوبي وآخذ جرعة من القهوة ورشفة من السّيجارة حيث أصفن في الميريليزا وأستمع إلى إيال جولان وأفكّر بيني وبين نفسي " ميري، يافا شلي، هوّنيها علينا نحن العرب، فنحن أيضا أقلّية".

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة