الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 23:01

بين لبنان القامات ولبنان الشهوات!/ بقلم: الياس الديري

كل العرب
نُشر: 24/08/16 08:13,  حُتلن: 08:14

إلياس الديري في مقاله:

أين يا أطلال صوت الغاضب أين أولئك الزعماء الذين يهرعون إلى احتضان لبنان بكل ما لديهم وبكل المناصب؟

كانت دنيا لبنان بألف خير وكانت الجمهوريَّة تتزنطر باستحقاق وجدارة كجميلات المجتمع المخملي وكان الناس بكل طبقاتهم ومهنهم راضين وسعداء

لا صوت يعلو فوق صوت الاستحقاق الرئاسي الذي يشكّل بكونه بذاته أهمّ معركة يمكن أن يخوضها مَنْ يُفتَرض جلوسهم في مقاعد القيادات والمرجعيات وذوي الألباب.

أو ما كانوا قديمًا يحملون هذه الصفات والعلامات، ويتصرَّفون وفق مستلزمات المصلحة الوطنية العليا ومتطلَّبات المرحلة، والتي لا تخلو من التضحية أحيانًا...

في أيام العزّ والازدهار والإنبهار والزمن الجميل، كان من البديهي ومن واقع الحال أن يلجأ السياسيّون، بكبارهم قبل صغارهم، إلى ما يُسمّى الحرتقات السياسيَّة. من تعيينات موظّفي الدرجة الأولى وصولًا إلى مناقلات قد تتناول أحيانًا صغار الموظّفين، بلوغًا ما كان يُسمّى "سياسة المختار والناطور".

كانت دنيا لبنان بألف خير. وكانت الجمهوريَّة تتزنطر باستحقاق وجدارة، كجميلات المجتمع المخملي. وكان الناس، بكل طبقاتهم ومهنهم راضين، وسعداء، ما دامت التبّولة والكبّة النيّة تدخل جميع البيوت وفي أقصى "مجاهل الجمهوريّة".

وكانت الدولة اللبنانيّة تستطيع، بنظامها الديموقراطي البرلماني، أن تتدلَّل وتشوف حالها، وتحكي مع أوروبا وأميركا من الند إلى الندّ...، وخصوصًا بعد انتشار أنظمة الشخص الواحد المحيطة بلبنان من الجهات الأربع.

أمّا المؤسّسات الدستوريَّة، فكانت مُدعاة اعتزاز كبير، وتحظى بتقدير دولي وعربي تستحقُّه فعلًا، نظرًا الى اعتماد هذه المؤسّسات النصوص الدستوريَّة والقوانين المرعيَّة الإجراء بنسبة عالية، وبكفاءات نادرة.

حتمًا، لم يكن للملائكة أي مكان أو وجود على المستوى السياسي. إلّا أن القامات الكبيرة كانت متوافرة بغزارة. وكان حضور الكبار في الأزمات الكبرى يُبهر العالم. يتناسون الخصومات فورًا. يتحوّلون للحال فريق عمل، أو فريق إنقاذ إذا كان لبنان في مأزق أو مشكلة كبرى. فلا يبقى للخصومات والمنافسات مكان. فالوطن الصغير مصلحته فوق كل مصلحة.

عُدت إلى ذلك الزمن، وإلى أولئك الرجال، وإلى تلك الهمم والتضحيات، نظرًا إلى ما يعانيه لبنان واللبنانيّون منذ سنتين وثلاثة أشهر، ومقارنة بين رجال هذه الأيّام ورجالات تلك الأيام... وبين سياسيّي ذلك اللبنان وسياسيّي لبنان الفراغ الرئاسي، وتعطيل الدولة، وشلل الحكومة ومجلس النواب، وانهماك بعض المتزعّمين في السعي الى المناصب والمكاسب والمغانم، وإصرار هذا أو ذاك على ان يكون هو الرئيس أو لا كان لبنان ولا كان لبنانيّون...
أين يا أطلال صوت الغاضب، أين أولئك الزعماء الذين يهرعون إلى احتضان لبنان بكل ما لديهم، وبكل المناصب؟ أَينهم يتألّمون أين أصبح ذاك اللبنان وكيف أُحْرِق بنيران شهواتهم؟

نقلًا عن النهار

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

مقالات متعلقة