الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 26 / أبريل 02:01

دبكة شعبية/ بقلم: د. جريس خوري

كل العرب
نُشر: 22/11/15 09:05,  حُتلن: 18:26

أُعجبَ ببلاغته حينَ قرأ مداخلتهُ النظريّة، يدعو فيها إلى حريّة الفكر والخروج من سجن التلقين الأزليّ والاجترار التاريخيّ، فقال لوزيره بغضب: "كيفَ فاتكَ أن تسخّر هذا الغريبَ لتمجيدي! إنّه يفوق كلّ الذين امتطيتُهم إلى الآن بلاغة وإقناعًا، اذهب واهمس بأذنه أن يزور معبدي اليوم". 

بعد ساعة كان الغريب في معبد السلطان: "انظر! لقد أعجبتُ ببلاغتك، وإن نفّرني فكرُك! سأقف اليوم في أبهى تجلّياتي أمام الناس، وأريدك لنصف ساعة، تمدحني فيها وتنطلق لحال سبيلك ومعك كيس من الذهب الصافي". ابتسم الغريب.
عندما وقف أمام الناس من شرفة المعبَد، وخلفه السلطان وحاشيته بأبهى حلله، وخزه ضميرُه، فبدأ يخطب فيهم:
- إنّ الذات إذا تقبّلت القهر، أدمنت عليه، وإن فقد الإنسان ذاته، فماذا يخسر بعد؟ (رأى الناسَ ينظرون بعضُهم إلى بعض، والهمهمات تتصاعد؛ حاول الوزير الانفلات لإيقافه، غير أن السلطان منعه)
- ولا شيء تخافون عليه بعد ذواتكم، وميراث الخوف الذي تجترّونه كلّ صباح منذ الأزل، أما آن أن تلقوه مِن على كاهلكم وتنطلقوا؟ (ازدادت الهمهمات... وبان الغضب على الوجوه، وبدأ بعضهم يمطره شتائم...)
فغرَ فاه منشدهًا... وفتح عينيه وسعَهما! ثمّ نظر خلفه.. كانت ابتسامة سخرية تسري على شفتي السلطان... قال له السلطان: "وماذا بعد؟". نظر الغريب إلى الجمهور، تأمّله طويلا، ثمّ غنّى: " فما العيْشُ إلاّ سكرَة ٌ بعد سكرة ٍ، فإن طال هذا عندَهُ قَـصُــرَ الـدهــرُ"... فرح السلطانُ به، وطربَ الجمهور وعقدوا أياديهم بعضها ببعض، والتمّوا حلقات حلقات، وبدأوا يدبكون... وتحت أقدامهم جثّة الغريب، لا يهبأ بها أحد!

طرعان

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة