الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 04:01

مأزق عناد الاطفال /بقلم: ايناس زعبي مفرع

كل العرب
نُشر: 28/10/15 15:19,  حُتلن: 20:02

ايناس زعبي مفرع في مقالها:

استعمال العقوبات او التخويف او التهديد "لتهدئة" طفل يصرخ ويبكي هو امر مرفوض حتما

 الحدود الزائدة والاضافية ستزيد من اجواء العصبية في المنزل لهذا فعلى الاهل أن يضعوا حدودا مقنعة منطقية والتي يستطيعون ان يتابعوها وينفذوها

التطور الحسي والعاطفي لا يقل اهمية عن التطور الذهني لدى الاطفال. التطور العاطفي لدى الاطفال يبدأ حين يشعر ان والديه متفهمون لمشاعره وإعطاءهم شرعيه لابداء مشاعر سلبية

احترام الطفل وقدراته والاهتمام بتطوره العاطفي تعد من أهم المحفزات للثبات والنهوض بمجتمع أفضل. المجتمع يبدأ بالاسرة والقيادة الاسرية تبدأ بقيادة والدية سليمة واثقة بنفسها. الاهتمام بالأطفال وتربيتهم تربية سليمة ستعود بالفائدة على هذا المجتمع بالمثل بل وأكثر.

فالمفتاح لوالديه سليمة هو القدرة على الموازنة ما بين العقل والحزم ومن ناحية وما بين العطف والحنان والمرونة من ناحية اخرى.
اما اكثر المواضيع التي تشكل صعوبة على الوالدين في تربية الاطفال هو موضوع عناد الاطفال. اخترت أن اشارك موضوع العناد لدى الاطفال من بداية جيل السنتين واعتمدت على تجربتي الشخصية اولا كأم وعلى مهنتي كعاملة اجتماعية ثانيا. فالتجربة والخبرة تسبق كل علم وعن طريقها اصلا ذوت علمي اكثر فاكثر.

اما عن أكثر المواضيع الشائكة التي من الممكن أن تواجه الوالدين هو موضوع العناد لدى الأطفال الذي يتفاقم خاصة في حال إصرار الوالدين على تنفيذ مطالبهما دون محاولة النقاش. من الجدير ذكره أن الطفل التي يتسمى بصفات "العناد" يستخدم عناده دائمًا كرد فعل تجاه الوالدين، أو لتأكيد ذاته واستقلاليته عن عائلته وهذا في حال شعوره انه لم يكن جزء من القرار المأخوذ في المنزل فنجده يعاند من دافع شعوره بالإحباط والرغبة في ان يثبت انه موجود.

ما هي الحدود؟ وكيف يتم وضعها؟
الحدود هي المساحة الامنة التي من خلالها يستطيع الطفل التحرك بأمان وثقة والتي تعتمد على أسس وقوانين موضوعه في المنزل وخارجه ومن خلالها يشعر الطفل بأمان.
من الامثله المشهورة المعطاة لفهم أهمية ومعنى الحدود هو أن نتخيل نفسنا من على بناية عالية جدا ونقف على حافة احدى شرفاتها ولا يوجد من حولنا اي جسم يحمينا فسنشعر وكأننا في طريقنا للسقوط بالرغم من إحساس الحرية والانطلاق. وهذا هو حال الطفل الذي يشعر بانه دخل الى مكان غير محدد وغير معروف فحتما سيشعر بعدم الامان والثقة.

كيفية وأسلوب وضع الحدود لا يقل اهميه من الالتزام بمضامينها ، فمن ناحية التعامل مع الطفل بقسوة يؤدي الى عناده اكثر وخاصة عندما يتدخل الوالدان فى كل صغيرة وكبيرة فى حياته ويقيدانه بالأوامر ومن ناحية اخرى فالتدليل المفرط هو السبب فى اتباع الطفل للعناد كأسلوب ضغط لتلبيه رغباته. فكيف لنا ان نمارس سلطتنا كأهل في ظل هذه التركيبات؟
1) الاقتناع بالحدود الموضوعه-
الحدود الزائدة والاضافية ستزيد من اجواء العصبية في المنزل لهذا فعلى الاهل أن يضعوا حدودا مقنعة منطقية والتي يستطيعون ان يتابعوها وينفذوها. مثال: شرب الكولا ليس للاطفال/ الاقتراب من الكهرباء امر خطير. الحدود الواضحة كهذه تعكس في اسلوب حديثنا مع اطفالنا وخاصة حين نكون مقتنعين بشكل حتمي من اهميه الحد. بينما هناك حدود التي نحن نفسنا غير مقتنعين فيها فممكن ان نكون فيها اكثر مرونة في التعامل فلا نتحداه حتى لا يتحدانا فنخسر علاقتنا به بمجرد أن يرانا في موقف ضعف وهو ينتصر عليك فيدعم ويثبت عناده أكثر. فعلينا كأهل التساهل في بعض الأمور البسيطة، فإذا قابلناهم بالنهي المتكرر سيكون رد فعله العناد.
2) تفهم الطفل واحترام شعوره-
التطور الحسي والعاطفي لا يقل اهمية عن التطور الذهني لدى الاطفال. التطور العاطفي لدى الاطفال يبدأ حين يشعر ان والديه متفهمون لمشاعره وإعطاءهم شرعيه لابداء مشاعر سلبية.
مثال: طفلتي لا ترضى ان تذهب الى الحضانة.
اولا اصرح لها بكلماتي كام انني اتفهم رغبتها بالبقاء في المنزل ولكني حتما ذاهبه الى العمل ففي نهاية المطاف ستفهم ان عليها الذهاب الى الحضانه.
يرافق سيرورة الاقناع احيانا صراخ شديد، بكاء، نوبة غضب غير مفهومه واحيانا كثيرة تثير الذعر في قلوبنا كأهل (خاص ان كان هناك اطفال يعانون من انقطاع النفس اثناء البكاء). فأولا وقبل كل شيء، يجب علينا ان نحاول المحافظة على برود اعصابنا واعطاء المساحة الكاملة للصراخ والبكاء ففي هذه الطريقة الطفل يعبر عن نفسه. مع التشديد ان لا يحصل على مراده بعد نوبة الغضب التي تستمر احيانا نصف ساعة واكثر حتى لا يتعود ان بعد كل نوبة صراخ منال للمطلب.
3) اعطاء تفسير منطقي للحدود -
فحين نبدأ بالتعامل مع اطفالنا باسلوب يحترم ذكاءهم وقدرتهم على فهم الامور بتفاصيلها وليس "كصغار لا يفهمون" فنظرتنا للامور ستختلف حتما واسلوب حديثنا معهم ايضا سيختلف. فكلمة "لا" لوحدها تخلق شعورا بالسيطرة السلبية على الطفل. بينما ان نتوجه اليه بمقوله مثل "الاقتراب من الكهرباء خطير فلا نقترب منها" بدل "لا كهرباء" او " نأكل ومن ثم نلعب لنكون اكثر نشاطا" بدل "اسا لا لعب" او اعطاءه شعور بأنه شريك بتطبيق المطلوب وليس من دافع الاجبار "افرك اسنانك سريعا ليبقى لديك بعض الوقت لمشاهدة التلفاز" بدل "افرك أسنانك والا سأمنعك من مشاهدة التلفاز".
4) عدم تخويف وتهديد الاطفال-
استعمال العقوبات او التخويف او التهديد "لتهدئة" طفل يصرخ ويبكي هو امر مرفوض حتما. فعلينا كأهل تفهم لحظات غضبه وصراخه وبكاءه فلا ننهره ونطلب منه التوقف عن التعبير عن مشاعره لأن طفلك يتمادى في ذلك لأنه يشعر إنه غير مقبول ولا يوجد من يفهمه ويحتويه فيقابلك بالعناد المستمر. التخويف هو حل مؤقت ولديه اسقاطات نفسيه عميقه تحفر في ذاكرة الطفل حتى بلوغه.
علينا ان نتذكر ان المحافظه على الهدوء في حال البكاء المفرط والصراخ هو امر مهم حتى لا نفقد اعصابنا مع اطفالنا ونجد انفسنا نبحر في نفس السفينه.

5) اعطاءه شعور الاستقلاليه.
علينا ان نترك بعض الأمور التى يتولى اطفالنا أمرها ويديرها بنفسه دون اي تدخل.
مثال: كثيرا ما نواجه عناد في موضوع اختيار الملابس او اختيار تسريح الشعر. ففي هذه الامور الصغيرة مجالا كافيا لان نعطي اطفالنا شعور السيطرة والاسقلالية وبهذا فهم يشعرون انهم يملكون العالم باسره.
مثال اخر: انا وطفلتي نتسوق في المجمع التجاري. طفلتي تأبى رجوع المنزل والصعود بالسيارة. اولا، يجب علينا ان نأخذ نفسا عميقا حتى نحافظ على هدوءنا. ثانيا، من الممكن ان نتوجه اليها بسؤال: هل تريدين أن نذهب الآن أو بعد ان تنهي العصير؟ (السؤال معد للاطفال الصغار الذين لا يميزون عامل الوقت وبهذا اطفال بعمر اكبر من الممكن تحديد وقت).

مديرة ملجأ الفتيات العربيات "البيلسان"

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة