الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 14:01

ماذا بعد الاقصى؟/ بقلم: د. محمد خليل مصلح

كل العرب
نُشر: 20/09/15 18:32,  حُتلن: 07:41

د. محمد خليل مصلح في مقاله:

يدرك نتنياهو أن معركته تغذيها الأبعاد الشخصية والعداوات مع قيادات الأحزاب الدينية وان تصفية الحساب يتوقف على اللحظة والوقت المناسب لتلك القيادات للانتقام منه

 يرى نتنياهو أن في إشغال الساحة الداخلية في معارك ذات الطابع الديني ستكسبه الوقت في كسب الأصوات والدعم سواء من حزبه الليكود أو الأحزاب الدينية

هل نتنياهو اختار الوقت المناسب لتغيير الواقع في القدس؟ سؤال مهم جدا فالإجابة عليه تمنحنا أساس الفهم للتعامل مع غريزة نتنياهو القتالية وتضعنا في حقيقة الدوافع التي حثته لهذه الجولة من القتال؛ صحيح أن نتنياهو بعد جملة من الإخفاقات من القتال على جبهات دبلوماسية خاصة الإخفاق في منع التوقيع على اتفاق الإطار النووي مع إيران القضية المحورية في استراتيجيه لإشغال العالم في التهديد النووي الإيراني بعيدا عن الصراع العربي الإسرائيلي وقضية المفاوضات مع الفلسطينيين والاستحقاقات المترتبة على ذلك، وهو يدرك أن تماسك ائتلافه مرهون بإرضاء حلفاءه من اليمينيين وهو صعب ولن تسلم الجرة في كل مره من تجاوز الخلافات الداخلية والرضوخ لمطالبه، إذ يدرك نتنياهو أن معركته تغذيها الأبعاد الشخصية والعداوات مع قيادات الأحزاب الدينية وان تصفية الحساب يتوقف على اللحظة والوقت المناسب لتلك القيادات للانتقام منه.

لذلك يرى نتنياهو أن في إشغال الساحة الداخلية في معارك ذات الطابع الديني ستكسبه الوقت في كسب الأصوات والدعم سواء من حزبه الليكود أو الأحزاب الدينية، اذ صور نفسه تلك القاعدة اليمينية المتطرفة نه يسبق حتى قياداتهم نفسها في تحقيق رغباتهم الدينية في تغيير الوضع القائم في القدس بمنحهم اكبر جائزة احتلال داخل القس فعليا وتقسيمه زمانيا ومكانيا؛ خطوة أحجم عنها اغلب الزعامات الإسرائيلية وان شارون عندما أقدم على ذلك سبب باشتعال انتفاضة ثانية، وان أي خطوة من هذا القبيل ستتسبب باشتعال انتفاضه ثالثة يخشاها الإسرائيليون والفلسطينيون ( السلطة وأجهزتها الأمنية) في الضفة الغربية خشية من تداعياتها السياسية والأمنية، واستغلال المقاومة وحماس من جهة أخرى و هو ما يتعارض مع توجهات عباس الدبلوماسية لإدراكه ان ما يقوم به في معركته على المسرح الدولي قد تمنحه الوقت الكافي للاستمرار في السيطرة على السلطة و الرئاسة وإنجاح فكرة إعادة تركيب المنظمة ( اللجنة التنفيذية) والمجلس المركزي لفتح للتخلص من أعدائه؛ خلط الأوراق ما بين إدارته لأزماته الداخلية ومأزقه مع نتنياهو وحكومته وتوقف المفاوضات؛هو ما يمنح نتنياهو التقدم بخطوات على تدبيراته لابي مازن الخاطئة، وتزيد من عمق الأزمة في الساحة الفلسطينية والانقسام إذ يبتعد أكثر كلما شرعت الفصائل في الحديث عن المصالحة الوطنية.


كان بالإمكان الاستعداد للمعركة مبكرا جدا؛ الاستعداد لها داخليا وإقليميا ودوليا بعد أن اتخذت القيادات الأمنية خطوات متقدمة في منع مصاطب وحلقات العلم في الأقصى من جهة واتهام المقدسيات المرابطات في الأقصى بالإرهاب ومنع تواجدهم واعتبارهم تنظيما إرهابيا محظورا ومحاولات الاقتحام المتكررة من قبل اليهود وحفر الأنفاق تحت المسجد والحديث عن الاكتشافات الأثرية التاريخية تعود لليهود كدليل لجبل الهيكل المزعوم، كل ذلك في رأي أغوى نتنياهو بالإقدام على هذه الخطوة المتهورة، وهو في نفس الوقت يظهر لنا قيادة لدولة الاحتلال ضعيفة النظر ومعدومة الحكمة والتقدير السليم لا تملك مواهب لتحليل الواقع ودراسته وان الجنون الديني والهوس والخرافات تسيرها دون النظر للحقائق او رؤية الواقع بكل تفاصيله؛ نتنياهو وزمرته من قيادات اليمين الصهيوني لا يروا إلا أنفسهم وان ما يسمونه السيادة على القدس يمثل الآن أولوية كورقة للصراع مع عباس في معركة ما يسمونها نزع الشرعية؛ وللجنون القيادي دور في ذلك نتنياهو و الكيبينت لسوء حظه اختبر الشعب الفلسطيني وقياداته الجزء الصعب في معتقاته على اعتبار لو كسر هذه الحلقة ستنكسر باقي الحلقات العالقة فيما بين الفريقين أصحاب أوسلو؛ خطوة قد تكون جنونية مغامرة؛ متوقفة على الفعل الفلسطيني الذي يجب ألا يمنح نتنياهو الشعور بالنصر أو بالفخر والانجاز أمام تيار المتدينين الصهاينة؛ وهو امتحان رباني ليميز الخبيث من الطيب وليعلم أهمية مكانة الأقصى في صدورنا وما سنبذل لها من أرواح؛ ما بعد الأقصى بركان صهيوني سيصيب كل العواصم العربية سنتحدث بعد الأقصى عن سوريا تحت الاحتلال الإسرائيلي وعن الأردن تحت الوصاية الإسرائيلية وعن مصر في خدمة الإستراتيجية والمصالح الصهيونية؛ علاقتنا بالأقصى تتجاوز مصالح الأنظمة مع دولة الاحتلال وإذا كان ذلك فلابد من ثورة تقتلع تلك الأنظمة إنها مسؤولية الشعب بكل أطيافه السياسية والفكرية والحزبية؛ لتتوحد الإستراتيجية في المواجهة لحماية الأقصى.

.المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر . لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.net 

مقالات متعلقة