هذه الجليلية اليانعة المتربعة بين جبال وأشجار دوما تتصدر الأخبار ويتلألأ اسمها بين العناوين ولا تراها بالهامشية إنما بالعاجلة وحتى بالرئيسية باللغــة الأصــلية وبالعبـــرية،
تارة عن حوادث عنف راح ضحيتها خيرة الشبان، وتارة عن أسلحة وذخيرة أو اختطـــاف وانتحـــار
ناهيك عن إطلاق رصاص، حرق بيوت وانتقامات لسابق خلاف أو لمجرد شجــار،
لا تستغربوا حتى إنها عن دون البلدات المجاورة زارها ذات مرة إعصار وعبث بهدوئها وترك خلفـــه ما لا ينســى من خراب ودمــار
مسكينة أنت يا بلـــــدتي
كلما حاولت لملمة نفسك وكفكفة عبراتك تشتعل مجددا اللوعة في قلبك. فتعودين للصدارة وتتفتح من جديد كل الجراح، وليس هذا بإرادتك ولا كنت صاحبة هذا الاختيـــار
أعلم أنك تتمنين الصدارة بأمور تجلب الفخر والافتخار...ككل أم تتمنى لفلذات كبدها العلو والارتقاء...كنت تتمنين رؤية اسمك مجلجلا فوق قوائم الإنجازات، علمية كانت أو ثقافية، رياضية أو اجتماعية ....كنت تتطلعين لزيادة مرموقة لحملة الشهادات وللعائدين لحضنك لرفع مكانتك لأعلى المستويات، ككل أم تحلمين أن يكون أولادك من خيرة الناس وأن يكونوا من الأبرار وممن يرفعون رايات الحق ويحفظون حقوق الدار ويقفون بوجه كل معتد على حرمة الأهل والديار،
قريتي يا أم الجميع يا من تأملين أن يتقبل أحدنا الآخر وأن تتصافح
القلوب قبل الأيادي بكل عزة ووقـــار...
بلدتي كسائر الأمهات تخشى على أولادها من تفشي الضغينة والحقد و تسعى بكل جوارحها ليبقى مربوطا بين أولادها حبل الــود والوصال

إنها تمشي ببطء على درب الآلام ..لا تهدأ روحها ولا عينها تنام
هيهات لو كانت مشكلتنا الوحيــــدة هي الانتخابات...
فلا شك إننا نعلم أن إعادة الانتخابات أمر جائز لأسباب سنت في القوانين والتشريعات وقد سبق وحصلت هذه الوضعية في كثير من البلدات
لــــــكن بلدتنا ما عادت قادرة على حمل المآسي وتحمل مزيدا من النكبات والنكسات... شاخت وهرمت النفوس بانتظار الطمأنينة والأمان ...وباتت العيون تخشى النظر لضريح آخر أو وداع أحد الشباب في موكب الجنازات...
هيهات لو كانت مشكلتنا الوحيدة هي الانتخابات ...ومن يتبوأ هذا الكرسي لعدة سنوات...
أو ليست مدارسنا بحاجة لترميم وإصلاحات
أو ليس لأطفالنا حق بهذه المصروفات ... ألا يحتاجون لملاعب ونواد وحدائق يمارسون فيها عفوية الطفولة قبيل الكبر وفوات الأوان
أو ليس هذا الجيل اليافع بأمس الحاجة لأماكن ترفيهية تشغل فكرهم وتمنحهم فرصة لإثبات الذات وتفريغ الطاقات
أو ليس شبابنا بحاجة لوقوفنا بجنبهم وهم في ضياع وتشرذم ويتوقون لمن يمد لهم يد العون لانتشالهم من بؤرة التيه الغارقين بها في كل الأوقات
هيهات لو كانت مشكلتنا مجرد انتخابات ...

تفرقنا باسم الانتخابات ...صرنا جسدا مبتور الأطراف مكللا بالعاهات
أو ليس رسولنا الكريم من قال في الاتحاد بركة وقوة ؟؟ ومن علمنا أننا مثل الجسد الواحد في تراحمنا وتعاطفنا فإن اشتكى عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى؟؟
أليست المحبة والتآخي والسلام الدرب التي سار عليها المسيح عليه السلام؟؟
أين نحن من هذه التعليمات ؟؟
بات كل منا يرفع من شأن نفسه أوعائلته أو عشيرته أو أتباعه ويحط من شأن الآخرين ...بتنا لا نرى أبعد مما تراه العين ...تفشت العداوة بيننا ..صرنا خلف الشر مسيرين ...لا نأبه لا لعقيدة ولا شريعة ولا ديــن
وهذا ما تعيبه علينا الديانات السماوية التي تنزلت تنادي بالمودة والتسامح والأخوة ...وطالبتنا بالتصالح مع أنفسنا ومع غيرنا ونثر بذور المحبة ..
التي لابد وأن تزهر ولو بعد حيـــن ....وحينها سوف تتصدر قريتي عناوين الأخبار باعتزاز وافتخار...!!

جديدة-المكر

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net