الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 00:02

أرملة- قصة مؤثرة عبر موقع العرب/ بقلم: كفاح

كل العرب
نُشر: 02/03/13 11:39,  حُتلن: 11:43

تحت نافذتها الصغيرة، تجلس كالمعتاد تنظر الى السماء نظرات فارغة بلهاء.عبراتها تجرح خديها،تمسحها بقميصك الأسود،عطرك ما زال يغمره،بل كلك ما زلت تغمرها...
أهذه هي السماء نفسها التي جمعتنا معا في كوكب واحد ؟؟ أهذه هي النجوم التي زينت ليالي غرامي؟؟.
يولد النهار يبزغ اول خيط نور يتثاءب بروية..نَهضَت لتهيأ نفسها لاستقبال يوم اخر، ولم تنسى قناعها صاحب اللامعنى ، تفاصيل صارمة رسمتها عليه.
امضي في سبيلي ابحث عنك واستغرب، كيف تعيش البشر من بعدك انها تتنفس تتكلم تضحك،كيف تزهر الأراضي كيف يزقزق الطير ، كيف وكيف وألف كيف لا متناهية اسألها في طريقي اليك. اصل،رعشة خفيفة تمر في جسدي النحيل، ابحث عنك اين انت يا حبيبي ، اني اراك هناك ، وقد ذبلت الزهور من على قبرك، شجرة صغيرة بدأت بنموها بجانبك، اصبحك بالخير وابتسم. نصف سنة من بعد الرحيل او ربما الاف السنين ، وانت ما زلت هناك وانا ما زلت هنا. اجلس بجانبك اشكيك همي، اتسمعني؟؟. جئت احملك نبأ بيعي!!!....
تتساقط دموعها بحرارة تدخل كلها بنوبة بكاء حاد. لقد باعوني يا حبيبي باعوني الى غيرك، اذكر ذلك اليوم، عندما كانت تجلس كعادتها تحت نافذتها الصغيرة ، يدخل اباها بعينيه الباهتة، بثوبه الأبيض ووجه الذي اكل الدهر عليه وشرب!.يجلس امامها ويحاول تماسك اعصابه، تنظر اليه نظرات زجاجية ، وقلبها يشعر بالمصيبة الأتية ، كيف حالك يا عزيزتي يسألها متملقًا ، تجاوبه بابتسامة صفراء. كما تعلمين يا بنيتي! لقد انهيت عدتك الشرعية وما بعدها بكثير، واظن الوقت قد حان لأن ترجعي عالمك الذي انقطعتي عنه لتفرحي من جديد. انت غاليتي! واريدك ان تبدأي من جديد ان تعطي نفسك فرصة اخرى، لقد تقدم لك اليوم شاب اخر وهذه المرة لن اقبل اعتراضك كالمرات السابقة، انت ارملة،حديثة السن جميلة وجمالك فتان، وألسنة الناس لا ترحم يا بنيتي فكري جيدا . يقبلها على جبينها ويذهب.
يذهب كانه لم يرمِ لتوه قنبلة فجرت كل ذرة من روحها، كانه لم يطعنها بكل كلمة تفوه بها. ما له ولها، ما لهم ولها. ارملة، لقد سمعتها عديدا من المرات ،تمشي في شارع القرية تقذفها الاف النظرات الحانقة، تريد ان تخترق ثيابها السوداء. وإذ كانت ارملة؟ اهذا جرم تحاسب عليه ؟ فربها الذي اختار زوجها ليكون الى جانبه.
هي تعيش فوق التراب ميتة، وهو ميت تحت التراب يعيش.
لكن الذنب ليس ذنبها، الحب عواطف ومشاعر بل اسمى من المشاعر.يتلوى قلبها الصغير الما، فهو لا يستطيع العشق من بعدك، لا يستطيع السعادة من بعدك، كيف يأمرني ابي بالحضور وعرض بضاعتي على غريب!؟، املّ بقائي في بيته، ام يخاف ان اجلب له العار.
مجتمع ابله اخرق،ابهذا يمنعها عن الخطيئة، بزواجها من غريب، فما الفرق عن الزنى اذن؟. فرق واحد ووحيد، فالزانية تختار عشيقها ، وهي لم يعطوها حق الإختيار.
حبيبي لقد جئتك اليوم، لكي اودعك الوداع الأخير ، لكي اترك لك روحي، تحرسك وتسقي ورود قبرك، فهي الشيء الوحيد الذي املكه، انت روحي وحبيبي وطبيبي، لكن لا يسعني الرفض ولا يسعني الهروب، يا ربي اسألك الرحمة فارحمني يا رب العالمين.
اراها تجلس بفستانها الوردي، وذلك الشيء يجلس نافشا ريشه كديك فاز بمعركة.. فستانها الوردي يجعلني اشمأز وتعلوني ضحكة صغيرة، فهي ليست بعذراء ولا يحق لها الأبيض. اراها تبتسم، لقد اختارت رسم قناعها بدقة، عرفتها دوما تحسن اختيار الأقنعة. اراه يأخذها كحمل بانياب ذئب، يقودها الى عش الزوجية!، يغلق الباب...
انظر اليك، احاول ان اجد فيك شيئا من الرجولة، عدا ساعتك الذهبية!.انك تقترب مني، اشمأز واشعر بالغثيان، لكني اتمالك نفسي، لقد عشت هذه اللحظات يوما، اه يا زمن ما اقساك، تحملني من جنانه العالية لترميني في اسفل هاوية هذا المخلوق؟؟. تهرول في خلع ملابسك بصورة اضحكتني، في عيونك جوع مخيف، في هذه اللحظة وعندما اقتربت الي شعرت بانني انفصلت عن جسدي، شعرت بانني خارجه ، اقف اراقبك واراقبني، تنزع عني فستاني الوردي، انفاسك متزايدة، تحملني الى سريرك تطبق شفتيك في شفتي، اشعر بحرارة جسدك، واستغرب برودي، اراك تحاول بكل رجولتك المزعومة ان توقظ المرأة التي بداخلي، عبثا وسدى هي محاولاتك ، يتفصد عرق حار من جبينك يقع على لوح خشبي، تنظر باستغراب الى هذه المرأة الباردة التي هي انا! وانظر مثلك باستغراب اشد. فاتذكر زوجي بلمسة واحدة حنون يستطيع ان يشعل ناري، بهمسة دافئة يحولني الى بركان مستعر.وانظر اليك اريد ان اعطيك حق الزوجية، ولكن جسدي يتبرأ مني، تصفعني مرة تلو الأخرى ، علّي اتحرك علّ الثلج يذوب، عبثا وسدى هي صفاعتك، اجهش في البكاء، اتوسل اليك اعتقني دعني وشأني، فانت غريب اقحموك الى حياتي، لا ادري من تكون ولا يستطيع جسدي ان يمارس الزنى، اذهب حيث شأت ولكن اعتقني ارجوك!!!.
ارها في بيتها الجديد تحاول ان تقوم بدور الزوجة، وارى ان التجاعيد قد زادت على وجها وازدادت نحولا، اين ذلك الجسد العاجي الممتلىء باتزان؟؟ اين انوثتك الضاجة، اين صدى ابتسامتك الرنان، يا لقدرك البائس ايتها المسكينة، زوجت كي يمنوعك عن الخطيئة، تنتحرين ببطىء ولست داريةً انت بشيء، اوليست هذه بخطيئة.
تمر بك الايام وفي يوم خريفي باهت تسيرين في طريق مألوف ، احسبك مريضة فهنا عيادة الطبيب، تدخلين اليه مضطربة،وقد طال بقائك في الداخل....
اراها تجلس خلف نافذتها الصغيرة وقد كبر حجمها وزاد.؟؟؟؟انك حامل!!!. اسمعك تناجين طيفه...
انظر يا حبيبي فأنا حامل اتذكر ايام الصبا، كم جلسنا تحت شجرة الخروب، نعم تلك التي حفرنا عليها اسامينا، كم تجادلنا انا وانت، لقد اردت بنت تشبهني واردت صبيا يشبهك، ودارت بي الأيام يا حبيبي ، واحمل في احشائي جنينا ليس من صلبك، اهو حلال ام حرام لا ادري يا عزيزي ، ولكنه يكبر يوما بعد يوم، ماذا اخبره عن عالمي هذا حين يولد...ااقص عليه شعر عنترة ومجنون ليلى؟ام اربيه بان العشق خطيئة والوفاء خطيئة؟؟
في يوم ماطر وسماء متلبدة، اراكِ تسيرين باعياء متشبثة السوار مرهقة، تهرولين تحت قطرات المطر، ذاهبة انت اليه، وهذه المرة تجلبين زائرا معك ، اراك تتألمين تصرخين الما انك في المخاض، ذهبت الى قبره جلست بحانبه والمطر قد بللك من رأسك حتى اخمص القدمين.تشمين رائحة الرطوبة المعهودة، تصرخين الما وتغرسين يديك في ترابه، ولكنك كالمطمئنة فهو الى جانبك يحرسك يا صغيرتي. يشتد المطر ويشتد الصراخ.. وإذ، يصمت كل شيء فجأة، كان الدنيا قد شهقت لمجيء طفلك، لا يمزق السكون سوى بكاء رفيع الصوت، اراك تأخذينه الى حضنك، تضمينه اليك بقوة، بقوة اكثر ولا ادري اتحميه ام تحمي نفسك منه. يصمت البكاء، صمت الموت....
تنامين بجانب القبر والطفل بين ذراعيك كتلة لحم صغيرة. تغمضين عينيك باطمئنان ...
اني اراك.. اهذا انت؟ نعم يا حبيبي انه انت، اقترب اليّ احضني فانني اشتقت اليك، شوقي شوق الموت.... 

موقع العرب يفسح المجال امام المبدعين والموهوبين لطرح خواطرهم وقصائدهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع منبرا حرا في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجي إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة