الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 03:02

إلهام دويري تابري ترد على سؤالك:هل عناد الطفل هو أكثر سلوك مزعج للأهل؟

خاص بمجلة ليدي
نُشر: 24/12/12 16:17,  حُتلن: 07:56

إلهام دويري تابري:
تمسك الوالدين بالقوانين وباحترام الأنظمة الاجتماعية ضرورة تربوية من البديهي تعويد الطفل على السلوك المنضبط والتصرف اللائق

المشاكل تبدأ عند تراخي الأهل وعدم ثباتهم على تطبيق النظام اليومي يضعف موقف الأهل حين تنازلهم عن التنظيم وذلك لأسباب كثيرة منها ردة فعل الطفل الاعتراضية تعبهم انشغالهم رغبتهم بمراضاته

 إن أكثر ما يساعد الأولاد على التعويد على الطاعة هو عدم تقلب الأهل بالأسلوب أي مرة مسموح الكسر ومرة غير مسموح التنظيم المتقلب ضار بتطور شخصيته والدوام على الأسلوب التربوي الترغيبي الاشتراطي يحترم مشاعره ويتفهمها

سؤال:
العناد وعدم طاعة الطفل لأهله هي شكوى ثابتة وتتكرر يوميًّا. يحتار معظم الأهل بأسلوب التربية المناسب لمعالجة تمرده الدائم. كلما اصطدموا مع تلك الظاهرة، يلجأون لأنواع تجارب عفوية وعشوائية. منها مثلاً، العقاب، المسايرة، أحيانًا الضرب، الشرح والتوبيخ مرات أخرى و... لماذا هذا التمرد وما هو الحل؟ اليك الجواب

أين هي المشكلة؟
المشكلة تكمن بعدم استعداد الأهل لتطور شخصية طفلهم وتغير سلوكه أثناء نموه. المشكلة أيضًا هي بعدم توقعهم اعتراضه. هم اعتادوا طفلاً وديعًا، مسالمًا. اتكل عليهم بأصغر حاجاته ورغباته ولم يعترض. في سنة الطفل الثانية نمت شخصيته. أصبح يطلب الاستقلالية ويتمسك بقدرته على القيام بخدماته بثقة وبتقدير ذاتي كامل، هنا يبدأ التأزم، سببه عدم تغيير الأهل أسلوبهم التربوي الذي يتناسب مع تطوره بالمرحلة الجديدة الحاضرة والطبيعية، فيحصل التضارب. لم يستعد الأهل لحالات تقلب الطفل المزاجية، ولم يتوقع منه التمرد والعناد. يتفاجأ ويبدأ بالتخبط بأسلوب تعامله.
هذا لا يعني السماح له بالانفلات التربوي. تمسك الوالدين بالقوانين وباحترام الأنظمة الاجتماعية ضرورة تربوية. من البديهي تعويد الطفل على السلوك المنضبط والتصرف اللائق.

هل من المعقول ومن الطبيعي طاعة الأطفال الدائمة؟
بالطبع لا. تلك حالة مثالية ولا تنطبق على طبيعة الطفل التلقائية والمتحفزة دائمًا. الطاعة تعني التزامه بالأنظمة واحترامه القوانين. أي انضباطه الدائم برضى ورغبة. تلك حالة لا تنطبق على طبيعة الأطفال. لأن الطفل بطبيعته تلقائي وعفوي. هو يرفض القيود والحواجز. القوانين حدود، قيود وحواجز. الأنظمة ضبط. لذا فمن غير الطبيعي طاعة الطفل التلقائية والدائمة للأنظمة والحدود. هو يرغب بالتحدي والمجازفة بخوض التجارب والاستطلاعات. ولكن كيف التعامل مع ذلك المخلوق الصغير من غير المس بطبيعته صحيحة النفس؟ التدريب بالتحفيز والترغيب من غير المس بثقته وبتطور شخصيته السوية.
أي بالتعويد. كيف؟

هل يحب الطفل العادة أي تكرار السلوك؟
نعم. لكن في بداية كل تعويد تربوي لا بد للطفل من أن يرفض ويعترض. حين يعود الطفل مثلاً من روضته تتراكم كمية من الرمال بداخل حذائه بعد لعب يوم طويل هناك. كثيرًا ما تكون أيضًا يداه غير نظيفتين... تلك حالة يومية تحتاج من الأهل لتعويده على المبادرة الفردية لطلب غسل يديه ورجليه يوميًّا. هذا السلوك سوف يكتسبه بالتدريب يومًا بعد يوم. مثل هذا السلوك يحتاج لتكرار على تعويده على النظافة كي يصبح الاغتسال اليومي حاجة ضرورية. التعويد لا يأتي بالشدة، بالعقاب أو بالتوبيخ. التعويد يحتاج لأسلوب ترغيبي كي يصبح حاجة مطلوبة. الترغيب المناسب للطفل المناسب. كل طفل له مزاجه وله رغباته الذاتية. من الطبيعي الفروق الفردية بين الأطفال. فالترغيب المناسب هنا مثلاً، هو الدراما بالقول: ( إيدينا وإجرينا كتير وسخين وما راح نقدر ننط على السرير النظيف. إحنا لازم إسا نغسلهن عشان نقدر ننط هناك...). أسلوب ترغيبي ( النط على السرير) يدفع الطفل للاغتسال بدافع وفرح. استخدام عبارة: (عشان نقدر ننط هناك ) هي الحافز الترغيبي الذي يدفعه بلهفة واندفاع للقيام بالاغتسال. بعد تكرار ذلك الأسلوب يوميًّا ولمدة معينة – أقصاها 21 يومًا- يعتاد نظام الاغتسال فيصبح مطلبه اليومي والتلقائي.

هل اعتراض الطفل على الأنظمة بالصراخ والبكاء يضعف ثبات الأهل؟
تلك هي المشكلة. المشكلة تبدأ عند تراخي الأهل وعدم ثباتهم على تطبيق النظام اليومي. يضعف موقف الأهل حين تنازلهم عن التنظيم، وذلك لأسباب كثيرة والتي منها، ردة فعل الطفل الاعتراضية، تعبهم، انشغالهم، رغبتهم بمراضاته و... يومًا بعد يوم يصبح الاعتراض والبكاء هو عادة سلوكية متكررة يومية بعد نجاحه في كسر كل نظام. هكذا يومًا بعد يوم يعتاد الطفل على عادة الاعتراض (العناد) ويواصل الأهل تخبطهم بوسائل استخدام أساليب تجريبية تلقائية وعفوية ضارة.

هل من المفيد للطفل اعتراف الأهل بشرعية مشاعره الاعتراضية؟
في بداية التعويد لا بد اعتراض الطفل على الالتزام بالتنظيم. الاعتراف له بشرعية تعبيره عن مشاعره لا يعني كسر التنظيم. الاعتراف يساعد الطفل على فهم دوافعه العاطفية وعلى تفهم أهله أيضًا بأن اعتراضه هو حالة شرعية وعفوية. ليس للأهل أي طرف بحبه للتلقائية ورفضه الضبط وحبه لكسر الحدود وفتح الحواجز وذلك لأنها طبيعته. تفهم الأهل اعتراضه يؤكد له احترام طبيعته ويساعده على التطور الطبيعي والسوي. المهم هو عدم التراجع عن تعويده على التنظيم. أي لا للخوف من اعتراضه، صراخه، عناده... لا لاستفزازه بعبارات مثل، ( أنا لا أهتم ببكائك، بكاؤك وصراخك لا يهمني...) بل نعم للثبات بأسلوب الترغيب. دور الأهل عند اعتراضه هو بتوجيه عبارات قصيرة مباشرة تعترف له بشرعية انفعاله وطمأنته بالقول: ( إنتِ إسا زعلان وغضبان. بس ترتاح وتبطّل زعلان تعال عشان...). عبارة قصيرة تضمنت الاعتراف له بحالته الانفعالية الطبيعية: ( إنتِ إسا زعلان وغضبان) وبأنه قادر أيضًا على ضبطها بعد حين: ( بس ترتاح وتبطل زعلان). أما خاتمة العبارة والتي هي: ( تعال عشان) تعني ترغيبه. أي ربط ضبطه الانفعالي الذاتي برغبة سوف ينالها. أسلوب يبعث في الطفل الثقة بالنفس وبالتقدير الذاتي. من المهم الابتعاد عن العصبية أو استخدام العنف، التوبيخ، العقاب، الإهانة...

ماذا ينفعه كي يواظب على الطاعة والتعويد؟
إن أكثر ما يساعده على التعويد على الطاعة هو عدم تقلب الأهل بالأسلوب. أي مرة مسموح الكسر ومرة غير مسموح. التنظيم المتقلب ضار بتطور شخصيته. الدوام على الأسلوب التربوي الترغيبي الاشتراطي يحترم مشاعره ويتفهمها. من المهم بعد طاعته للتنظيم تنفيذ الترغيب الموعود فيه مثل، مداعبة، غمره، مفاجأة، مشوار، هدية... أنواع ترغيب جسماني، مادي وعاطفي. لا للتنازل عن التنظيم عند وجود ضيوف، عند التحدث بالهاتف، عند الزيارة أو ... التعويد التربوي هو ليس حالة مؤقتة أو مناسبة إنما هو أسلوب حياة ثابت ومتكرر.
التعويد التربوي المستمر والثابت يجعل الطفل أحيانًا في حالة ضغط. لذا يلزمه بعض أنشطة تسلية ومرح لتفريغ تراكماته العاطفية السلبية. الأنشطة الحركية والفعاليات الرياضية تعمل على تنفيسه وتفريغ شحناته المتراكمة. يلزم الطفل في تلك المرحلة العمرية الكثير من النزهات في البساتين والساحات اللعبية. ليس الحركة الجسمانية واللعب الرياضي هو فقط للتنفيس عن الضغوط، وإنما هو أيضًا لتطوير النواحي الفكرية، العاطفية والجسمانية.
 

مقالات متعلقة