الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 17 / مايو 01:01

أشرف الياس: تخويف المسيحيين دفعهم الى الهجرة خارج حدود وطنهم

بقلم: أشرف هاني
نُشر: 24/06/10 14:39,  حُتلن: 19:03

* أبرز ما جاء في مقال اشرف الياس :
- ما  حصل في مشرقنا في العقود الأخيرة لم يكن سرقة آثار المنطقة بل حدث أكثر إيلاماً ورعباً

- في محاولة لمواجهة والتصدي والحد من نزيف وهجرة المسيحيين من ديارهم وبلادهم المشرقية، يبدو أننا أمام مفترق هام

وصل الى موقع العرب هذا المقال للكاتب الشاب، أشرف هاني الياس، والذي ينحدث فيه عن أوضاع المسيحيين في الشرق، وعن زمن الكفاح الذي تعيشه الطوائف المسيحية للحفاظ على تاريخها ووجودها، ذاكراً ان عدد المسيحيين بتناقص مستمر، لأسباب مختلفة تعود للأوضاع السياسية والاقتصادية غير المستقرة - على حد تعبيره -، ويتطرق المقال القرن الجديد، متسائلاً (الكاتب) ما اذا سيكون هنالك شرق جديد مقسم إلى كيانات ومجموعات دينية ,عرقية.
موقع العرب وتماشياً مع حرية التعبير عن الرأي، ينشر لكم المقال الذي يعبر عن رأي كاتبه، وليس بالضرورة ان يعبر عن رأي موقع العرب.

كلما أخط كلمه جديدة عن معاناة الأقلية المسيحية فوق أهداب أوراقي يزداد جنوني الصادق, ويزيد حنيني للكتابة عن قضيتنا العادلة والمؤلمة والمهمشة وعن أوضاعنا المؤسفة كأقلية مسيحية في هذا الشرق , لن أطيل مقدمتي كعادتي لان قلمي قد سال لعابة وطاق للرسم والتحليق ,ولكني كلما ابدأ بخط أفكاري والانطلاق للعنان ,ينكسر قلمي , وأي محاولة لبرية لا تزيد الانكسار ألا عظمة , ويبدأ قلمي المكسور , مكسور الجناح , مكسور مع كل دمعة مهاجر,مسكين ذاك القلم النازف , سيحتاج لوقت للملمة جراحة وانكساراته , لان القضية , قضية كفاح وبقاء.
ليس غريبا أن تعيش طائفة زمن الكفاح للحفاظ على تاريخ وجودها المتشبث في الأرض والمتغلغل في عظام هذا الكيان المشرقي , مكافحة ومناضلة من اجل حقوقها الأساسية ألا وهي البقاء في ارض جبلتها من تراب الوطن , واهبة إياها عراقة وأصولا ومجدا وحضارة زغرد التاريخ لها لما قدمت من تضحيات وخيرات لشرقنا العزيز, أنها الطائفة التي كافحت من اجل البقاء والكرامة مقدمة أبناءها وفلذات أكبادها شهداء وقرابين لأوطان من تماثيل وصفتهم بالشركاء تارة وشردتهم قوانينها الوضيعة تارة أخرى ,هذا هو حال المسيحيين الذين سلخوا عن هويتهم العربية وعن بيئتهم,ليصبحوا بعد ذلك ورغما عنهم , طيور مهاجرة خائفة باحثة عن ملجئ يؤويها وأعشاش دافئة تحميها من لهيب السيوف الحارقة الموجهة نحو أعناقها,هاربة من سياسة شرسة مدروسة هادفة على استئصالهم من عراقة هذا تاريخ المتميز ومن هذا الجسم الشرقي , مؤكدا أن ما حصل في مشرقنا في العقود الأخيرة لم يكن سرقة آثار المنطقة بل حدث أكثر إيلاماً ورعباً , إنها سرقة إنسانية آثارنا وأهم شاهد على استمرارنا من البعيد..إنها وبكل بساطة هجرتنا.


أشرف هاني الياس

ضعف الحس القومي وضعف في الانتماء إلى الوطن
كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن أوضاع المسيحيين في الشرق ولاسيما في العراق ولبنان ومصر والبلاد المقدسة، بعد أن تناقصت أعدادهم بشكل خاص في تلك البلدان وفي ذلك الشطر من العالم بالتحديد لأسباب مختلفة تعود بالدرجة على الأوضاع السياسية والاقتصادية الغير المستقرة في البلدان العربية نتيجة للنزاعات التي تشتعل بين الحين والأخر والتي تخلف ورائها نعوش سوداء تعلوها أكاليل من الورود الذابلة والحزينة,يضاف إلى ذلك غياب سيادة القانون وشلل شبة معدوم في العمل المؤسساتي، وغياب رأفة العدالة وانتشار آفة البطالة وزيادة حادة في نسبة الفقر بين عامة الشعب ،وعدم وجود الوعي الفكري الكافي لفهم مفاهيم وأسس ومبادئ الديمقراطية والمسامحة يؤدي إلى نتاج محتم وهو عدم احترام الخصوصيات الثقافية والحريات الأساسية للأقليات والمجموعات الدينية.
إن هذه الأسباب التي ذكرتها أعلاه تؤدي أيضا إلى ضعف الحس القومي وضعف في الانتماء إلى الوطن والأرض مما تهيئ الأرضية المناسبة لتنامي الأصوليات الدينية المتطرفة والحركات الإرهابية المتشددة التي بدأت تُكبر وتنادي بسفك دماء المسيحيين والصليبيين على حد تعبيرهم شركاء الغرب وقتلهم وحتى اغتصاب أعراضهم وحرماتهم , مما أشاع مناخاً من الخوف بين صفوف المسيحيين،دفعتهم إلى الهجرة خارج حدود دولتهم ليصبحوا لاجئين تحت رحمة السماء.
العصر وحدة الشاهد على معاناة أمه قد ضحت لأوطانها ومنحته كل قدراتها ولكنه في المقابل منحها القتل والدماء والتهجير , فلقد لعب مسيحيو هذا الشرق دورا رائدا في بناء الإنسان والمجتمع والعروبة تاركين ورائهم بصمات لا تخفى لما قدموه من علم وثقافة لهذا الشرق , ولم يَعب المسيحيون عن دورهم في إعادة إحياء معالم الشرق ومضمونة الحضاري الجامع والمنفتح على الحضارات الأخرى الناهضة في مرحلة التراجع والشلل العربي, شكَّلوا حلقة وصل واتصال،وعمقاً ثقافياً اجتماعيا أصيلاً في العمل الجاد ومتقدماً في العصرنه والحداثة.. كان المسيحيون ولا يزالون وسيبقون نتيجة لثقافتهم المتنوعة ممثلة بمؤسساتهم الكنسية ، يخلقون تحدياً مستمراً في الثقافة والفكر, وهجرتهم من هذا الشرق تلغي هذا المعنى وهذا المفهوم، باعتباره تنوعاً غنياً وشبة معدوم، وتسلخ فئة كبرى عن أصولها العرقية والثقافية الأصلية لتحولهم إلى غرباء في أوطانهم.

هل هذا هو القرن الجديد والشرق الجديد !

في محاولة لمواجهة والتصدي والحد من نزيف وهجرة المسيحيين من ديارهم وبلادهم المشرقية، يبدو أننا أمام مفترق هام , إما الانفصال والتفرقة , أي تقسيم هذه المنطقة إلى كيانات ومجموعات دينية ,عرقية متناحرة أو التهيئة النفسية لتدشين رحلة الخروج من هذه المكيدة, من خلال خلق مناخ خال من التعصب الديني والطائفي اتجاه أي أقلية دينية ونحو تأسيس عقد اجتماعي جديد يقوم على مفهوم بناء الإنسان الحر الديمقراطي على أساس المساواة والحرية بين جميع أبناء الوطن , لآن الوطن الحقيقي ليس وطنا دون أهلة المسيحيين.....

* الكاتب اشرف هاني الياس - من سكان مدينة شفاعمرو وهو طالب جامعي في ايطاليا
يطلب موقع "العرب" من زواره عدم التعقيب بصورة طائفية عنصرية وعدم الانجرار وراء معقبين عنصريين، وتسعى إدارة موقع "العرب" بتشديد الرقابه على التعقيبات وبحذف جميع التعقيبات التي تمس بأي طائفة.

مقالات متعلقة