الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 03 / مايو 12:02

صفحات من وجع النكبة- بقلم: تميم منصور

كل العرب
نُشر: 23/04/10 10:53,  حُتلن: 14:33

* اسرائيل داست فوق هذا البند واحتلت المنطقة المذكورة احتلالاً عسكرياً

* ما يميز هذه المواجهات عدم وجود قيادة عسكرية عربية واحدة ، ولم يكن هناك خططاً وبرامج محددة ومدروسة

في يوم الثالث عشر من ايار سنة 1948 ،اعلن الناطق باسم الوكالة اليهودية ان الخطط اصبحت جاهزة لاعلان الدولة اليهودية ، وقد ارسل الدكتور حاييم وايزمن في اليوم نفسه رسالة الى الرئيس الامريكي ترومان يرجوه الاعتراف بالدولة التي سيعلن اليهود قيامها بعد يومين .

وفي يوم الرابع عشر من ايار سنة 1948 اذاع ملك الاردن عبد الله بيانا قال فيه . ( لقد انتهى الانتداب البريطاني على فلسطين ، وزال بزواله وعد بلفور ، لذلك نعلن بهذا انه لا وجود لاي ادعاء استقلالي للطائفة اليهودية في فلسطين .

هذا هو الحال في فلسطين عشية قيام الوكالة اليهودية بالاعلان عن قيام دولة اسرائيل دولة مستقلة لليهود في الخامس عشر من شهر ايار سنة 1948 ، صدر هذا الاعلان رغم لاءات الملك عبدالله الثلاثة – لا لقرار التقسيم ، لا لوعد بلفور ، ولا لدولة مستقلة لليهود ، لم تهز لاءات الملك شعرة واحدة في جسم القادة اليهود ، لانهم كانوا يقابلونه كل اسبوع على الاقل في منطقة الشونة في وادي الاردن .

كانوا يعرفون ان تصريحاته ماهي الا الرغوة والغبار الذي يحاول التستر وراءه امام الشعوب العربية ، ويعرفون اكثر ماذا يدور في العواصم العربية وما هي قدرات وطبيعة جيوش دول الجامعة العربية ، ويعرفون حقيقة الخلافات بين قادة العرب وعمق خضوعهم للهيمنة البريطانية ، كانوا على ثقة ان الدول العظمى في ذلك الوقت وهي امريكا و الاتحاد السوفياتي وفرنسا وبريطانيا سوف يعترفون بقيام دولة اليهود بمجرد ان يعلن عن قيامها ، لانهم وافقوا على قرار التقسيم دون تردد باستثناء بريطانيا التي امتنعت مؤقتاً هذا ما حصل ، فقد اعلن عن الاستقلال وبدا اليهود بتحقيقه ميدانيا خلال المواجهات العسكرية بين المنظمات العسكرية اليهودية وبين المقاتلين العرب من نظاميين ومتطوعين .

ما يميز هذه المواجهات عدم وجود قيادة عسكرية عربية واحدة ، ولم يكن هناك خططاً وبرامج محددة ومدروسة ، اما بالنسبة لعدد القوى المتحاربة، فقد كان عدد المحاربين اليهود ضعف ما اعدته جميع الدول العربية في ذلك الوقت من مقاتلين ، فقد بلغ عدد المقاتلين اليهود بعد الاعلان عن قيام الدولة حوالي 60 الف مقاتل في حين فان عدد المقاتلين العرب لم يتجاوز الاربعين الفاً نصفهم غير مدربين .

لم تقاتل هذه الجيوش سوى بضعة اشهر متقطعة ، كانت نهايتها وبالا ً على الشعب الفلسطيني ، لان هذه الجيوش قامت بتسليم ما عجز اليهود عن احتلاله من ايدي الفلسطينين ، خاصة في النقب واللد والرملة والمثلث والعديد من قرى الساحل .

بدات الجيوش العربية تهرب من الميدان ، تحت غطاء ما سمي بالتوقيع على اتفاقيات للهدنة ، مع انها اتفاقيات الاعتراف بالهزيمة ، الدولة العربية الاولى التي هربت كانت مصر النظام البائد ، وقد تم هذا يوم 24 /2/ 1949 ، بعد مصر سارع لبنان الى اكمال المؤمراة فوقع على اتفاقية الهدنة يوم 24 / 3 / 1949 ، لم يتاخر الاردن هو الآخر عن الهروب ووقع الاتفاقية يوم 2 / 4 / 1949 ثم تبعتهم سوريا ووقعت على الاتفاقية يوم 20 /7/1949 ، اما العراق فلم يوقع لعدم وجود حدود مشتركة مع اسرائيل .

لقد سبق التوقيع على اتفاقيات الاستسلام هذه تشريد حوالي مليون مواطن فلسطيني من وطنه بعد تدمير ما يقارب الخمسمائة قرية .

من اكثر حالات التواطؤ الماً وحرقة ما حدث مع الجانب الاردني اثناء المفاوضات للتوقيع على الهدنة ،فقد اصر الضباط الاردنيون المفاوضون على موقفهم الرافض بتسليم المثلث الصغير لاسرائيل ، حينها تدخل الملك عبدالله وامر وفده بالموافقة قائلاً لهم : ( هل تخافون المسؤولية وانتم معي ، انا والله مستعد لتحمل كل شيء وخلي الناس يقولون اني بعتها ) .

ورد في الاتفاق الخاص بتسليم المثلث ، يتم تسليم المنطقة الواقعة غرب الطريق الممتدة من باقة الغربية – جلجولية – كفر قاسم – بعد خمسة اسابيع من توقيع اتفاقية الهدنة في جزيرة رودس ، وخلال سبعة اسابيع يتم تسليم منطقة وادي عارة ، اما بقية المناطق فيتم تسليمها خلال خمسة عشر اسبوعاً من تاريخ توقيع الهدنة ..

ورد في الاتفاق ايضاً التزام اسرائيل بتعويض الاردن بتكاليف بناء طرق بدلاً من طريق وادي عارة بعد ان سيطرت اسرائيل عليه ، اهم ما ورد في هذا الاتفاق انه لا يجوز دخول قوات يهودية نظامية الى هذه المنطقة ، بل يجب الاكتفاء بعناصر من الشرطة المحلية تكون تحت اشراف دولي .

لكن اسرائيل داست فوق هذا البند واحتلت المنطقة المذكورة احتلالاً عسكرياً .

اما ميدانياً فكانت الخيانة والتواطؤ مكشوفة على الجبهة الاردنية اكثر من كل الجبهات الاخرى ، وقد امتدت هذه الجبهة من النقب جنوباً الى وادي اليرموك شمالاً ، ادى هذا التواطؤ الى كسر ظهر الجيش العراقي وشل تحركات جيش الانقاذ .

كانت اهم الاحداث التي عرفت ميدانياً كما اعترف اللواء على ابو نوار قائد الجيش الاردني السابق ، والتي ساعدت اليهود على احتلال مساحات من الارض الفلسطينية في مقدمة هذا التواطؤ :

1 – الانسحاب من مدينتي اللد والرملة غير المبرر ، وانسحاب القوات العراقية من مواقعها في راس العين ، ومنع قوات عراقية التقدم باتجاه مدينة نتانيا بعد ان وصلت الى مفرق طريق ( بيت ليد ) .

2 – منع الجيش العراقي الاستيلاء على كيبوتس غيشر في غور الاردن ، بعد ان اصدر الجنرال غلوب البريطاني الذي كان يقود الجيش الاردني ، اصدر امراً للقوات العراقيةبالانسحاب من المنطقة دون توفير الاسباب .

3- تواطؤ القائد الاردني ساري الفنيش مع العصابات الصهيونية اثناء حصارها لمدينة صفد مما ادى الى سقوط المدينة بايدي اليهود .

4- تدخل الجيش الاردني لانقاذ الكثيرين من اليهود عندما حوصروا في معمل تكرير البترول في حيفا .

5- كان الاردن السبب في وقوع ماساة النقب ، فقد حدث ان خلال فترة المفاوضات بين الاردن واسرائيل كانت لا تزال القوات الاردنية تسيطر على مساحات شاسعة من النقب ، وتسد الطريق المؤدية الى ام الرشراش ( ايلات اليوم ) فقد صدرت الاوامر من الجنرال غلوب الى القائد الاردني في المنطقة بالانسحاب الى العقبة ، مما فتح الطريق امام العصابات الصهيونية الى التقدم بدون قتال نحو ميناء ام الرشراش واحتلاله ، وبذلك اتموا سيطرتهم على النقب باكمله .

هذه بضع صفحات من دفاتر النكبة، تكشف كيف تمت الهزيمة بدون قتال والوطن الذي اصبح سليبا والمواطن الذي اصبح لاجئا والقرى المدن التي اصبحت خرابا .

مقالات متعلقة