* الألوان استأجرتها منكم أيها البسطاء والورق الأبيض حياتنا المليئة حبراً سرياً وسائل ليمون

* الشهرة يا سادتي ما هي إلا لون من ألوان النجاح.. فلا يشتهر أحدنا إلا إذا حصل على إجماع وإعجاب جماعي

الأضواء .. يا لمفعولها الساحر.. يا لما تفعله وما تشحننا به من رفعة وكبرياء.. ما أروع تلك اللحظات التي يلتف بها الناس حول نجم جديد.. استضاء بأشعة العيون الموجهة إليه.. عيون الجماهير العريضة.
صدقوني.. لم أشعر يوماً بنشوة كتلك النشوة على مسرح الأحداث.. أمام آلاف العيون ومئات الحناجر، تلك اللحظات الوحيدة التي يستطيع الشخص بها أن يقتل في داخله جلد الذات مستبدلاً إياه بتتويج الذات وترصيعها.. ببهاء وأبهة المطرين على أجود أنواع الأداء..
سأتخذ اليوم طريقاً ربيعياً مزيناً بحصاد الجهد ، بانياً لك أيها القارئ صورة مكتملة عن النجاح.. فالألوان استأجرتها منكم أيها البسطاء.. والورق الأبيض حياتنا المليئة حبراً سرياً وسائل ليمون..
أما عن البرواز .. فلا بد أنه المجتمع.. ونحن المجتمع.. إذاً سأرسمنا اليوم بألوان أبجدية .. علها تثير فيكَ شيئاً .. عزيزي القارئ..
الشهرة يا سادتي ما هي إلا لون من ألوان النجاح.. فلا يشتهر أحدنا إلا إذا حصل على إجماع وإعجاب جماعي منا في أحد فصول زواياه.. فهذا يشتهر بفنه .. وهذا يشتهر بصوته وذلك يشتهر بعلمه وابن عم ذلك يشتهر بحكمته.. وهكذا دواليك .
 تبدأ الشهرة منذ نعومة الأصابع.. فينبهنا شخص بنباهته أن له موهبة أو خصلة يشتهر بها بين أصدقائه .. فسرعان ما ينتشر الخبر كموجة تأتي من أول البحر حتى تصدم صخور شواطئ آخره.. ثم يكبر صديقنا فتزداد شهرته كلما ازدادت علاقاته الاجتماعية.. فيخرج من دائرة الأصدقاء إلى دائرة الحي إلى دائرة القرية إلى دائرة المدينة المجاورة وهكذا حتى تتوقف حدود شهرته أو تنتشر أكثر..
تتساءل أيها القارئ.. لماذا لستَ مشهوراً؟.. كم أنت مخطئ.. الشهرة تأتي إذا واظب كل منا على تطوير وتنمية شيئاً دفيناً داخله.. فلو كنت طبيباً وأنت تكره مهنة الطب فكيف ستشتهر بها؟؟ وإذا حاول الرسام أن يكتب شعراً مقلداً نزار قباني فلن يفلح بذلك.. ولو حاول الكاتب أن يغني الميجنا.. يغنيها مقالة أو قصيدة .. إلا من يمتلك أكثر من مجال شهرة فيشتهر بأكثر من مجال ثم يركز على إحدى مجالاته..
يا سادتي.. لا داعي لأن نصبح جميعاً أطباء ندرس الطب في المعاهد العليا.. فلولا البنّاء أين سيسكن الأطباء؟؟  ولولا عامل الكهرباء كيف سينفذ المهندسين مشاريعهم ؟؟ ولولا صانع الناي.. كيف سيعزف الفنان وكيف ستهتز الأكتاف وكيف سيطرب الهاربين من الضجر؟؟
المجتمع يا سادتي.. سلسلة متواصلة لا نستطيع فصل أجزائها فنحن نحتاج إلى الجميع يداً واحدة حتى نستمر في الحفاظ على عبارة \" مجتمع \" .
ثم يقول القارئ.. الشهرة لعنة .. فلا نريد شهرة كتلك التي تحصل عليها فنانات الإغراء..
أخي العزيز.. هل تعرف ابن سينا  وابن المقفع وابن الهيثم وابن رشد ؟؟ هل تعرف أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب؟؟ هل تعرف نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس وأحلام مستغانمي؟؟ هل تعرف نزار قباني وابو القاسم الشابي وأحمد شوقي وحافظ إبراهيم؟؟
كثيرون هم مشاهير أمتنا، كثيرون هم مشاهيرنا الذين أصبحوا مدارساً ومقررات تدرسُ في المعاهد العليا.. ألائك الذين جاءوا لنا بالمزيد والجديد .. كثيرون هم فلماذا لا يزدادون ويزتانون بنا نحن أبناء هذا العصر؟
فليركز كل منا في مجاله هو .. فليسعى لتحقيق نجاحه هو .. ولنعمل ما نحب حتى نحب ما نعمل ، والشهرة في طريقها إلينا تنادينا من بعيد .. وتطلب المزيد منا.
النجاح نحن من يبادر في السعي إليه حتى يسعى بدوره إلينا .. فلا تفعل ما يحب غيرك أن تفعل.. إفعل ما تحب أنت فعله .. وأضمن لك مستقبلاً مليء بأضواء النجاح والشهرة..
 إليك أيها القارئ.. أضع الكلمات بين يديك.. فلتصهر أبجديتي ولتصنع بها الجائزة التي تصبو إليها.. بجهدك أنت.. وإرادتك أنت.