الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 13:01

أمّي/ بقلم: عبد اللطيف عرابي

عبد اللطيف عرابي
نُشر: 24/03/22 16:35

 أُمّي !

في أعمَاقِ الليلِ

كنتُ أستَلقِي وأَحزانِي

في حضنِكِ

كَبقايَا طفلٍ

أتعبَهُ ضجيجُ الحيَاةِ

كَشمعةٍ هزيلَةٍ قدِ انطفأَت

باحتِراقِ دَمعِ الثَّاكِلاتْ .

في حضنِكِ هَمَستِ لي

كلمَاتٍ لَيست كالكلمَات

جعَلَتني أتوهّجُ من جَديد

فَفي بَحرِ النِّسيَانِ

حَتماً

تولَدُ البِدايَاتْ .

في زَحمةِ الحيَاةْ

حينَ هزّتني المَواجِعُ

لامَسْتُ دِفءَ قلبِكِ

فعُدتُ جميلاً ، قويّاً

والتَقيتُ بِذاتي

غنّيتُ لها، عزفتُ

على نايِي، على عيونِ الخيزرانِ

نشيدَ العودةِ

في حناجرِ المُهجّرينَ

من كُلِّ أوطانِي .

أُمّي !

أُناديكِ من خلفِ الذّكريَات

بعدَ أنْ قطفَتْكِ يدُ السّماءِ

وأنتِ زهرةٌ

لَستِ كَجوريّةٍ لَستِ كالياسَمين

لستِ كباقَاتِ العاشقِين

فَهي تَذبُلُ

تنحنِي تموتُ فتُدفنِ !

أمّا أنت يا أُمّي،

حياةٌ، وطنٌ، شعورٌ

وأنبَلُ أشعارِ المُبدعين.

أمّا أنتِ يا أُمّي،

نبضَاتَ قلبي تسكُنين

بينَ حدائقَ أفكاري تجلِسين

كمَاءٍ عَذبٍ حناناً تتدفّقِين.

سنينٌ مرّتْ على رحيلِكِ

وما زلتِ هُنا

تُضيئِينَ ظُلمَتِي

نهارِي تَرسُمين،

تداوينَ جرحِي

خطواتِي تُزهِرين .

أُمّي !

أنتِ حكايَاتٌ نُحتَتْ

على جداريّةِ الزّمانِ

نُسجَتْ من رحمِ فَلَسطِين

من مُعاناةٍ

من ضياعٍ لغُصنِ الزّيتونْ

ومن تَساقُطٍ لورقَةِ التّينْ

أنتِ حكايَاتٌ

سأروِيهَا لكُلِّ طفلٍ حزِين

سأحكي لهُ عن خُبزِ الطّوابِين

عن خابيَةِ العطشَى

خلفَ بابِ المُتعَبين ،

عن مكنَسَةِ القشِّ

وعلَى حِثَّانِ الدّارِ

ينتظِرُك حَبْلُ غسِيلْ.

سأحكِي لهُ

عن بسمَةٍ مُثقلَةٍ

بِهُمومِ السّنين

عن قهوَةٍ سمراءَ

ارتشفنَاها بينَ حينٍ وحينْ

سَأحكِي بِصَمتٍ مُتدفّقٍ

عن عُمقِ الحَنِينْ.

كفرمندا

مقالات متعلقة