الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الإثنين 29 / أبريل 15:01

هل متّ حقًا يا شهاب؟/ بقلم: بكر أبوبكر

بكر أبوبكر
نُشر: 11/02/22 10:31,  حُتلن: 11:42

سبقتنا بخطوة واسعة جدّا، وتقدمت الركبَ الطويل المنتظر! فهل أراك مللتَ الانتظارَ فانتزعت الريادة؟ هل مُتّ حقا يا شهاب؟ وأنت الذي اقتحمت الموت نحو فلسطين فتبرعت لها طوال سنوات عمرك المتوتر بجزء عزيز من جسدك؟

أأقدمت أخيرًا على ركوب حافلة الرحلة النهائية هكذا دون ضجيج؟ وفي زمن انتصار المجهول على المعلوم والمتناهي الصغر على العظماء والفيروس التاجي على كل الرقاب والرؤوس المكلّلة بالتيجان؟

هل متّ يا شهاب؟ وفي ظني أن الثوار لايموتون؟ وأن الشعراء في القصيدة يخلّدون؟

أتراكَ فعلتها حقّا، واعجبي... وفي اعتقادي ان في ذهنك آلاف القصائد لم تكتب بعد؟

هل أراكَ اكتفيت من رسمك لدواوين النخوة والاستنهاض والتعبئة والصراخ والهدير في أذن عالم موقور؟

ومالي لا أحسّ بوجع القلب فيك وأنت تنهض كل صباح على وجه القلوب الميتة لتلك الجثث الآدمية الشكل وهي تنهش في محيّاك والأرض والزيتون؟

هل جرؤتَ أن تجتاز المسافة الضيقة المنحدرة الفاصلة بين الأنا الدنيا والأنا السماوية فاندمجت للمرة الأخيرة فيما لم نعد نراه وأنت هناك ترانا؟ أهكذا هي الحال؟

شهاب الهادئ في أحيان، والغاضب بحُب الوطن والهادر في أحايين لم يهبط من قطار الثورة أبدًا، فلقد رسم فلسطين في انفعالات المناضل بمئات القصائد التي كانت أكبرُ من كل الرتب.

واللواء شهاب محمد الكاتب والمحلل السياسي مانزع القلم من يده اليمنى إلا ليردّ عليك السلام حين تجاوره في الحقل الملاصق لبيته غير البعيد عن مقام النبي ذوالكفل.

محمد شهاب بإسمه الثوري الفتحوي الحركي هو الحاج أحمد نظمي داود ابن قرية حارس الأبية الصامدة ككل شقيقاتها قرب سلفيت، تلك القرية الوادعة ولكنها المسيّجة بحوائط الحقد والعنصرية وتقيؤات عصابات المستعمرين اليومية حول القرية، هو صديقي ورفيقي وزميلي شهاب محمد المفوض السياسي وعضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب.

أفعلتها يا شهاب!

هكذا بكل هدوء!

بمثل وخزة الإبرة في أصبعك...

ما تفعله صبيحة كل يوم لتقيس مستوى السكر...

في مجرى دمك الملون بأربعة ألوان جميلة!

أهكذا هي النقلة؟

وهكذا هي الانعطافة!

وهكذا هي حفلة الوداع؟

هل متّ حقا يا شهاب؟

لمَ لا تجيب؟

وهل تموت الشُهُب في السما؟

أم تظل تضئ على مدى الدهور والأزمان؟

هل أراك قريبا أم انك تطلّ علينا اليوم من عليائك مع الصديقين والشهداء؟

أراك في انتباهتك الأخيرة قد استيقظت من غفلتنا وأضغاث حلمنا،

فكيف لك أن تنام؟

#بكر_أبوبكر

استطراد الشهادة، ومفارقات صارخة

*للمفارقة العجيبة أن وردني خبر وفاة وشهادة الأخ شهاب محمد (أبومحمد) في 4/5/2020 واتصلت للتأكد فكان من الاحياء في "أضغاث الأحلام"[1] التي مازلنا نعيشها، حتى الموعد المقرر في 11/2/2022 فكانت ال21 شهرًا التقريبية الفاصلة بين الوفاة المصطنعة وتلك المقررة زاخرة بنقاشات وحوارات وسيوف مرفوعة وأصوات أذان، وأشعار وتعليقات من المخلص الحاج أحمد نظمي على عديد من كتبي الكثيرة التي صدرت، وعلى سطوري بنفسِهِ الحاسم المتقد.

* بل وكان له أن أعاد نشر جزء من تراثه الغني بالتسلسل وهو يحتفظ بكل التألق والقوة التي اشتهر بها.

* من أواخر مقالاته الجميلة التي كتبها كان مقال: حول خبر ملكية الجزائر الشقيقة لوقف إسلامي في القدس، وكان مما سطّره شعرًا في الجزائر قوله مما نقتطف

في الزمن الغابر

بعض الناس نيام..||

وكان على الأوهام كلام ..||

وكانت عند حدود الصبر ،

هي البنيان .. ||

هي الايمان .. ||

وحكايتها

يرويها الناس بكل

لسان. .. ||

الجزائر تستبق الوقت

وترد الزمن وتملأ كل

الصحف ،

وتصنع كل الأخبار .. ||

* ثم كتب مقالًا نقديًا (في 28/1/2022م) ولربما هو مقاله الأخير! عن شهادات التقدير والجوائز (التي يستحقها أكثر من كثير غيره) وشهادات الدكتوراه مما جاء فيه: "لقد تحفظت أيضا حتى على الأساليب المنقوصه في منح الجوائز الرسمية لتحريرها من شبهات الحديث عنها، وهو كثير والذي سمعناه يكفي أن يكون سببا اما لفتح حوار بين أطرافه، أولضرورة المراجعة واقرار النزاهة التي تطمن الجميع ان الموقف في السليم وأكثر وأنه لا مجال للتدخلات والمداخلات فانها جوائز ثقافية وعلمية وليست جوائز سياسية وتنظيمية ودبلوماسية."

* ولم يستطع ]"أبوالشهب" العظيم[ كما كنا نلقبه تحببًا، أن يشاركنا في لقاء عدد من اخوته القدماء الأصلاء في بيت الأخ المعطاء أبوالوليد د.ياسر في كفر لاقف-قلقيلية (بعض الحضور ممن لم نرهم من 30 عامًا فاصلة) بتاريخ 13/1/2022م، لانشغاله بذات اليوم في عزومة الأخوة الأمانة العامة لاتحاد الكتاب التي هو منها برئاسة المبدع مراد السوداني، في بيت شهاب في قريته الجميلة حارس.

*يا للمفارقات أيضًا أن يتوفى القائد الوطني والكاتب والشاعر والأسد الفتحوي الهصور شهابنا المضيء شهيدًا الوطن في نفس فترة وفاة والدة أختنا الكريمة النجيّة السميّة الوفيّة نجوى عودة في سلوان القدس، ووفاة الاخ د.جمال محيسن عضو مركزية فتح في 7/2/2022م.

* وأيضًا في ذات الفترة عقب استشهاد ثلاثة أبطال أشاوس من كتا.ئب شهدا.ء الأقصى. (8/2/2022م) برصاص الغدر والخبث والمكر الصهيوني الجاثم على صدور الأمة وعلى أرضنا أرض فلسطين وهم: أشرف المبسلط وأدهم مبروك ومحمد الدخيل.

* والأشد بذلك والامرّ وربما في مفارقة قدرية عجيبة أيضًا أنه لم يستطع أن يترك أمه غاليته وحيدة صاعدة الى العلى! بل لحقها إثر إيام قليلة وسويعات فقط بعد وفاتها رحمها الله ورحمه في عشقٍ أبدي لم نرى له مثيلًا!؟

*إنا لله وإنا اليه راجعون بلا أضغاث أحلام ولا غفلة حيث اليقظة.

هامش

[1] يحكى أن الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كتب إلى الحسن البصري قائلا له : اجمع لي بإيجاز بين أمرى الدنيا والآخرة ؛ فكتب الحسن البصري : (إنما الدنيا حلم ، والآخرة يقظة، والموت متوسط ، ونحن في أضغاث أحلام ... من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر، ومن نظر فى العواقب نجا ، ومن أطاع هواه ضل ، ومن حلم غنم ، ومن خاف سلم ، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم ، ومن فهم علم ، ومن علم عمل ... فإذا زللت فارجع ، وإذا ندمت فأقلع، وإذا جهلت فأسأل ، وإذا غضبت فأمسك).


[1] يحكى أن الخليفة عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه كتب إلى الحسن البصري قائلا له : اجمع لي بإيجاز بين أمرى الدنيا والآخرة ؛ فكتب الحسن البصري : (إنما الدنيا حلم ، والآخرة يقظة ، والموت متوسط ، ونحن في أضغاث أحلام ... من حاسب نفسه ربح ، ومن غفل عنها خسر ، ومن نظر فى العواقب نجا ، ومن أطاع هواه ضل ، ومن حلم غنم ، ومن خاف سلم ، ومن اعتبر أبصر، ومن أبصر فهم ، ومن فهم علم ، ومن علم عمل ... فإذا زللت فارجع ، وإذا ندمت فأقلع ، وإذا جهلت فأسأل ، وإذا غضبت فأمسك).

مقالات متعلقة