الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 05:02

سئمت تكاليف الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا ابا لك يسأم/ بقلم د.صالح نجيدات

كل العرب
نُشر: 17/01/14 08:48,  حُتلن: 09:34

د. صالح نجيدات في مقاله:

الحياة أنفاس معدودة ودقات معدودة وأيام معدودة تنطوي بسرعة البرق 


سئمنا من زعمائنا غير الواعين وغير الوطنيين الذين قتلوا شعوبهم ودمروا اوطانهم من أجل الكرسي 

إنتشرت ظاهرة غريبة في حياة الناس ألا وهي ظاهرة الملل والسآمة والشعور بالضيق والضجر والتي أصبح لها وجود نسبي يقل ويكثر لدى الكبير والصغير


في ظل إهتمام الإنسان بالناحية المادية وإنشغاله بنفسه، وبسبب ضغوط الحياة والواقع الاقتصادي الصعب الذي يعيشه أكثر الناس اليوم، وإنسداد الأفق السياسي ووضع الأمة المزري وضعف صلة الناس بربهم وطاعتهم له وتقوقع الناس في بيوتهم وضعف التواصل الاجتماعي، إنتشرت ظاهرة غريبة في حياة الناس الا وهي: ظاهرة الملل والسآمة، والشعور بالضيق والضجر والتي أصبح لها وجود نسبي يقل ويكثر لدى الكبير والصغير، والذكر والأنثى، وصار كل واحد منهم يعبر عنها بأسلوبه الفريد، وطريقته الخاصة.

روح المبادرة
ومن علامات هذه الظاهرة، سماع الاغاني والموسيقى. ممارسة عادة التدخين. التسكع في الشوارع والأسواق. مشاهدة القنوات الفضائية والإدمان عليها، كثرة النوم وحب الراحة والكسل. العزوف عن القراءة الجادة الى قراءة الجرائد والمجلات الهابطة. الثرثرة بالهاتف لغير فائدة أو للإساءة للآخرين. إهمال الطالب مذاكرة دروسه وضعف الاستعداد للاختبارات، وقتل روح المبادرة وغيرها وغيرها. لا يوجد أسوأ من أن تشوب حياة المرء شائبة السأم والملل وقد سئم الشاعر زهير بن ابي سلمى تكاليف الحياة لأنه بلغ الثمانين، لكن ماذا كان سيفعل لو عاش زماننا هذا ورأى ما نرى وشاهد ما نشاهد؟ لا شك ان السأم سيدركه قبل الاربعين. أحياناً يتسلل اليك الملل فيشلك عن كل شيء لا تجد نفسك نشيطاً لأي شيء تقرأ ثم ترمي ما تقرأ، تسمع فتمل السماع تتحدث فتمل الحديث لا تريد أن ترى شيئاً، ولا أن تسمع شيئاً، دائماً تجدك غارقاً في ملل نفسك تقتل الوقت بالوقت والملل بمزيد من الملل.

الحقد والكراهية
وهذه حالة أعتقد انها تتلبس كثيراً من الناس في حالات إحباطهم، وضمور النشوة لديهم وعدم استطعام الأشياء بسبب تراكمات التناقض واضطراب قانون الأشياء من حولهم، فتقبض على ذواتهم مخالب السأم بقسوة. وهذه حالة خطرة قد تنتقل بالمرء في حالة إستمرارها وسيطرتها على النفس قد تنقل المرء الى حالة من العدمية والإحساس بعدم جدوى الحياة والوجود وأحيانا تؤدي الى الانتحار. الحياة أنفاس معدودة ودقات معدودة، وأيام معدودة تنطوي بسرعة البرق وإذا كان الإنسان المؤمن العاقل يدرك رسالته في الكون ومن ثم فإن عليه أن يؤديها الى أن يلاقي وجه ربه. الكثير منا يشعر أنه عاجز عن أن يؤدي رسالته، لأنه عاجز عن الفعل والحركة، وأصبحت مهمته مهمة المتفرج المعطل الا من السمع والبصر، سئمنا من مناظر ذبح الأبرياء، سئمنا من الكلام الأجوف المردد، سئمنا من أحاديث النفاق، سئمنا من حياة الغاب الذي تعيشه الأمة العربية، سئمنا من الركض العنيف، السخيف، وراء تفاهات الحياة، بل سئمنا من انتظار الأمل وانتظار الفرج للمعذبين في الأرض، سئمنا من قراءة الفلسفات وترديد المثل، سئمنا من عجزنا ومن هواننا وضعفنا، سئمنا من كثرة حسرتنا ودموعنا، وآهاتنا على الاطفال والايتام والارامل وعلى الذين يبادون وتراق دماؤهم وتمزق أشلاءهم فلا يجدون من يبكي عليهم الا أمثالنا ممن يبكون في سرهم، سئمنا من الخلافات والانقسامات ومن العصبيه القبلية والطائفية، سئمنا من الحقد والكراهية، واخيرا سئمنا من زعمائنا غير الواعين وغير الوطنيين الذين قتلوا شعوبهم ودمروا اوطانهم من أجل الكرسي.

الأخلاق والمبادئ
ماذا نفعل يا أخواننا، هل نحن بهائم ً نأكل ونشرب ثم نموت؟ أليس هذا مدعاة لليأس والحزن والملل والقنوط؟ ماذا نستطيع أن نعمل حينما تبث شاشات التلفزيون بصور الجثث والاشلاء المبعثرة في شوارع عالمنا العربي المنتهك المباح ماذا نستطيع أن نعمل عندما ترى كيف يقلب الحق باطلاً والباطل حفا والظلم عدلاً والعدل ظلماً والخطأ صواباً والصواب خطأ والجريمة فضيلة والفضيلة جريمة؟

وأسوأ من ذلك كله ماذا تستطيع أن تعمل أن ترى هذه الأقلام، الرديئة، البذيئة، التي باعت كل شيء باعت الأخلاق والمبادئ والغيرة الوطنية وأخذت تسمسر على مستقبل الأجيال في سبيل رغبات، ونزعات، هابطة، مرتذلة، في غفلة من ذوي البصائر والمخلصين أو في حالة عجز من أولئك الذين يتحرقون حباً، وخوفاً على أوطانهم، وهذا هو الموت، موت الأمة حينما يتراكض أبناؤها على حفر قبرها ووأدها حية، كل هذا يحدث لان الامر وسد لغير اهله .
واخيرا وليس آخرا، ما أضيق العيش لولا فسحت الأمل .

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

 

مقالات متعلقة