الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 18:02

الفكاهة (16) المحاكم والقضاء

بقلم: سهام فاهوم غنيم - باحثة اجتماعية

سهام فاهوم غنيم
نُشر: 24/01/20 19:42,  حُتلن: 13:15

في هذه الحلقة من الفكاهة الساخرة في العين الساهرة سنتطرق إلى موضوع المحاكم والقضاء.
سنبدأ الموضوع بقصة طريفة عن قاضٍ من اشهر قضاة العرب وأذكاهم وهو إياس بن معاوية والذي ولد عام 46هجرية وعاش ست وسبعين سنه.
وهو الذي قال فيه الشاعر أبو تمام:
إقدام في سماحة حاتم في حلم احنف في ذكاء إياس
حضر رجلان إلى إياس ليحكم بينهما, الاثنان كانا في حمام البلدة, وعندما خرجا لارتداء ثيابهما كانت هناك عباءتان واحدة خضراء وواحدة حمراء, ادعى الاثنان أن كل واحد صاحب الخضراء؟
ماذا فعل إياس؟
طلب إحضار مشطين وقام بتمشيط كل واحد ومن كان على شعره صوفا اخضر هو صاحب العباءة الخضراء ومن كان على شعره صوفا احمر هو صاحب العباءة الحمراء, وهكذا عرف من صاحب الخضراء ومن صاحب الحمراء!
إن التراث العربي (الأصلي وليس المزور) يذخر بآلاف الأخبار عن القضاء والقضاة حيث القاضي الذي يتبحر في هذا البحر الزاخر يستفيد ويتمتع ويُغْني ثروته الفكرية كثيرا, فمن إياس لوحده سيتعلم الكثير.
إن مهنة القضاء تتطلب مواصفات خاصه , ربما يستطيع كل قاض أن يكون محاميا بينما ليس كل محامي يستطيع أن يكون قاضيا, في رأيي القضاء فهم وحدس وبصيرة قبل أن يكون علم, فهناك صفات بشرية خاصة يجب أن يتمتع بها القاضي, لا تكفي معرفة القوانين ولا كيفية تطبيقها , القوانين اول على آخر كتبها بشر بظروف وحيثيات معينه, لا شك أن هناك فرق بين قاضي محامي وقاضي قاضي, لا شك أن هناك قضاء بالفطرة يعتمد على الفراسة والبصيرة كما هي بعض المهن الأخرى التي تحتاج لمواصفات خاصه, لا يكفي أن يحفظ القاضي القانون الأهم أن يدرك ما وراء القانون فكثيرة هي حالات وراء الأكمة ما وراءها.
فقانون الضمير اهم لأنه هو قانون المصير.
في اعتقادي لربما يندهش الكثير من هذه الفكرة وهي فصل القضاء عن المحاماة بمعنى أن تقام كلية منفردة للقضاء في البلاد حيث يدرس القضاء كمهنه مستقلة, طبعا هذا يشمل دراسة القوانين لتأهيل الطالب للقضاء, والطلبة الذين يتم اختيارهم يجب أن يتمتعوا بمواصفات ذهنية وعقلية وحسية خاصة وفريدة من نوعها, يجب أن يتمتعوا بالبصر والبصيرة والفراسة والحدس, أما الشجاعة وهي المطلوبة أيضا فقد افتقدها الكثير من القضاة بسبب الأوضاع المخيفة في بلادنا والعالم, فالقاضي بعد أن كان حرا اصبح اليوم مهددا, خاصة وان الإعلام اصبح قاضي الإعدام الاستباقي. إن القضاء يتجه اليوم إلى تطويل فترة التداول لعل المعنيين في القضية يتوصلون إلى حلول او صفقات بينهم, وهذا ما يحدث فعلا ففي كثير من الحالات يكون الحل الذي يتم التوصل اليه خارج ردهات المحاكم حتى في القضايا الخطيرة والشائكة.
دائما كنت أتساءل في قرارة نفسي كيف ممكن لمحامي كمبيناتور أن يكون قاضيا مستقيما؟ تبادل المواقع والكراسي ليس بالأمر السهل!
وأخيرا في اسرائيل القضاء في خطر حقيقي من الداخل والخارج, حدسي يقول إن هناك خصخصة في الأفق للقضاء كما هو الحال في التعليم والصحة وإدارة السجون وقطاع الطاقة وغيرها ولربما سيكون نظام وجود المحلفين في القضاء جزء من ذألك. للتفكه نقول تخيلوا غدا تأتي شركات خاصة أمريكية او صينية او روسية او شركة من شركات مجموعات الربح السريع (الشرعي والغير شرعي) تستلم القضاء! لذألك نقول اللهم لا نسألك رد القضاء بل نسألك اللطف به!
سابقا كان رقي الدولة يقاس بما تقدمه للضعيف, أما اليوم ففي ظل النظام العالمي الجديد يُعتمد على إبقاء القوي المفيد وإزالة الضعيف الذي ليس منه فائدة. فالدولة بشكل عام تحاول التخلص من الأجهزة التي تشكل عليها عبئا وتقوي الجهاز الذي يدر عليها ارباحا مالية فليس عجبا أن تتقلص الخدمات الاجتماعية وحتى عام 2050 لن يكون هناك تأمين وطني.
إن العالم يتجه لنظام حق القوة وليس نظام قوة الحق لذألك هذا يضعف جهاز القضاء فجهاز القضاء يكون قويا عندما يكون الحكم عن طريق قوة الحق وضعيفا عندما يكون عن طريق حق القوه.
اليكم الصورة القلمية الساخرة عن الموضوع
اخْتَلَفْنا الأِخْوِه السِتِّه
على وِرْثِةْ مِنْ سِتِّي
في الأَوَّلْ تَقْريبًا كُنَّا مِتِّفْقِينْ
وْعَلَى كِلْمِه واحْدِه مِتِّحْدِينْ
وْلَمَّا كُلْ واحِدْ اسْتَشارْ عِنْدو الْمَحْروسِه
كُلْ واحْدِه أَعْطَتْ فِكْرَه مَدْروسِه
وْهيكْ وِارْجِعْنا وِاخْتَلَفْنا
وْمَعْ الْمَحاكِمْ وِالْقَضاءْ إِإِتَلَفْنَا
وْكُلْ واحْدِه تْقولْ لَجوزْها خَلِّيكْ قَوي يا عْينَيِّه
وِانْفَتْحَتْ طاقْةِ الْفَرَجْ على سِتْ مُحامِيِّه
وِالْكُلْ فَكَّرْ إِنُّو بْيومْ وْليلِه تِنْحَلْ الْقَضَيِّه
وْبينْ فَتِحْ مَلَفْ وْتَسْجيلْ وْدَفْعَة عَلى لِحْسابْ
كُلْ واحِدْ حَمَلْ أَرْنَبْ اخْضَر لَلْمُحامِي مَعْ دَقِّةْ بابْ
وْهاتْ أَخْذْ وْعَطا بينْ الْأِخْوِه لَحَدْ ما صَاروا أَعْداء
وْكُلْ واحدْ بْيِطَلَّعّْ بِالثَّاني وْكَإِنُّه بِيْقولُّو لَأَقَطْعَكْ أَشْلاءْ
وِالْكُلْ بِيْقولْ شَهِرْ اوْ شَهْرينْ راحْ تِنْحَلْ
وْلَمَّا يْراجْعوا الْمُحامِي يْقولْ بُكْرَه جَلْسِهْ اوْ جَلِسْتينْ وْبِنْفِلْ
وْإِجا الشِّتَا وَلا حَياةَ لِمَنْ تُنادي
وْهيكْ قَرَّرْ كُلْ واحدْ مْنِ الْأِخْوِه يِزْرَعْ شَقْفِه بِالْعَنادي
إِلْأَوَّلْ أَخَذْ النَّاحْيِه الشَّرْقِيِّه وْزَرَعْ فيها مْلوخِيِّه
وِالثَّاني أَخَذْ النَّاحْيِه الْجَنوبِيِّه وْزَرَعْ فيها زَعْتَرْ وْميرَمِيِّه
والثَّالِثْ أَخَذْ النَّاحْيِه الشَّمالِيِّة وْزَرَعْ فيها مَلْفوفْ
والرَّابِعْ أَخَذْ النَّاحْيِه الْجَنوبِيِّه لَيْرَبِّي غَنَمْ للصُّوفْ
وْلَمَّا طِلِعْ الْمَنْتوجْ الْخامِسْ والسَّادِسْ طالَبو باِلْحُصَّة
على اعْتِبارْ إِنْهُمْ شُرَكا وْهيكْ خِلْصِتْ القُصَّه
وْبَعِدْ سَنِه تْقَرَّرَتْ جَلْسِه عَلَنِيِّه
جَلْسِةْ تَعارُفْ بينْ القاضِي وِالْمُحامِيِّه
وْبَعِدْ سَنِه تْقَرَّرَتْ جَلْسِه ثانْيِه
وْعَيَّنْ القاضي مْهَنْدِسْ لَلْقِسْمِه بْثانْيِه
وْهيكْ خِلْصَتْ الْجَلْسِه بْسُرْعَه
بَسْ مِشْ أَحْسَنْ لَوْ عْمِلْنا قِسْمِه بِالْعينْ اوْ بِالْقُرْعَه؟
والْكُلْ اسْتَنَّا المُنْقِذْ الْمِغْوارْ
لَيِقْسِمِ الْأَرْضْ وْيِعْمَلْ مِثِلْ عَدالِةْ غَوَّارْ
وِتْعَيَّنَتْ جَلْسِه بَعِدْ سِنْتينْ
وِبْآخِرْ لَحْظَه اعْتَذَرْ الْقاضي يا نورِ العينْ
إسْتَقالْ لِأَنَّو وِصْلَتو حُرْبايِة Mee too
تُهْمِةْ تَحَرُّشْ بْصَفْ السَّابع قَبِلْ أربعينْ سَنِه وْتو
يا وِيلي شُو بَدُّو يْصيرْ فيكْ يا قاضي ميشو
وْبَعِدْ فَتْرَه انْتَقَلْ لَواحَدْ ثاني الْمَلَفْ
وْإِحْنا ناطْرينْ مِثْلِ الدْيوكْ الِّي بْتِسْتَنَّا الْعَلَفْ
وِتْقَرَّرَتْ جَلْسِه بَعِدْ سِنْتينْ
وْقَدَّمْ الِمْهَنْدِسْ فيها تَقْسيمْ على مَرْحَلتينْ
وْضَلَّتْ الْقَضِيِّه زيتْ وْرُبْ وْرُبْ وِزيتْ
لَحَدْ تَقْريبًا كُلْ واحِدْ فينا راحْ يْبيعْ البيتْ
وْمَرَّتْ الْعَشَرْ سْنينْ
وْإِحْنا نْقولْ راح تُفْرَجْ وْاَلله بِعينْ
وْفي يُومْ وِصِلْنا إِخْطارْ
لَنِطْلَعْ مِنِ الْأَرْضْ مَعْ إِنْذارْ
لِأَنُّه راحْ تْمُرْ فيها سِكِّةْ حَديدْ
وْهيكْ إِحْنا راحْ نْصَفِّي عَالْحَديدْ
وِاجْتَمَعوا السِتِّه بَعْدَ جَهْدٍ جَهيدْ
بَسْ بَعِدْ كُلْ هَالنَّطْرَه
ما شافو إِلاَّ خَرابِ الْبَصْرَه
صَدَقوا أَجْدادْنا لَمَّا قالوا رِزْقِ الْعُقَّالْ عَالْمَجانينْ
وْمِشْ بَسْ هيكْ وْكَمانْ رِزْقِ المُحاميينْ عَالشَّياطينْ (الخلافات يسببها الفكر المتشيطن)
بْتِعْرَفوا بَدِّي أَسْألكو سُؤال
لما يصير في قطار يمر من أرضنا ممكن نسافر في ببلاش لأنو الأرض كانت إلنا؟

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة