إذا لم تأكل أو تشرب،لتقوي جسدك وتزرع فيه الحياة، تموت ويدفن جسدك في الثرى لتصبح حينها شيئاً بلا معنى  وكأنك لم تكن ، ولا يبقى منك سوى ذكراك.
أما الروح العظيمة التي قدرت لنا نعمة غالية من الله تبارك اسمه،فهي بحاجة لغذاء من نوع آخر..غذاء يشعرها بالغبطة والسرور والارتياح ،لتعلو وتطير في السماء ببهجة وفرح لأنها مشبعة بكل ما تحتاجه.
والصداقة هي غذاء الروح والنور الذي يحييك ،وينبض بالسعادة فيك..
إنك يا هذا لا تستطيع أن تحيا دون صديق يدفىء برد أيامك، ويحيي ما مات أو اُنتشل من قلبك.
فالصداقة كلما مرت الأيام كبرت وازدادت عمقا وانغراسا في ذاتنا التي تقّدر بصدق معنى الصداقة الحقيقية التي لا تسعى الى أهداف أو مصالح معينة..
فنحن وللاسف بتنا في زمن يقول"صديقي من اكسب منه أما عندما يحتاجني فلا تعد لي حاجة به" لم يعد قيمة  لا للصداقة ولا للمحبة الخالصة  العميقة ...
ولكن مهما اخذتنا الحياة  في هفواتها وصفقاتها  التي لا تنتهي ،ومهما عشنا تجارب وقضينا أياما طويلة،لا نستطيع  أبدا أن نقول أننا عشنا ولمسنا النور الروحي فينا، طالما لم يكن معنا من يفرح لفرحنا قبلنا، وينجرح لمآسينا مثلنا وأكثر منّا الذين  يستحقون لقب  الأصدقاء الحقيقيين، الذين مهما أبعدتنا الحياة عنهم  تبقى لهم مكانة راسخة  في القلب،لا يستطيع أي كان  أن يمحوها أو يستبدلها بشيء آخر..
قمة الصداقة تكون حينما تفهم صديقك ويفهمك دون حاجتكما للكلام ..فمن صدى الصمت تستطيع أن تلمس وتحس بما يختلج في صدره من ألم حزين، فرح أو شوق وحنين.
حينها تكون مطمئنا فحتى لو شاء القدر وفرق بينكما بالوداع الابدي فالارواح متعانقة لن يستطيع احد ان يفرقها سوى من خلقها.وقلبك حينها سينبض بقلب صديقك  لتحيا بداخله لا تموت أو ترحل من وجدانه حتى آخر العمر..
فحافظوا على الصداقة  لانها النهر الذي لا يجف أو ينقطع، بل يبقى نابضا فيكم ليحييكم ويحيي الحياة فيكم.
واحفظوا أصدقاءكم في أعماقكم ليبقوا النبض الذي يسري في وجدانكم، ولا تخافوا من بعد الأماكن والمسافات وقلة اللقاء ... فطالما الأرواح  قريبة ومتضامنة لن يضركم بعد المسافات..بل اجعلوا بعد الأماكن يزرع فيكم الحنين والمحبة العظيمة التي تحيا الدنيا بوجودها وتسطع بأنوارها...
كفركنا