الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 05:02

أكذوبة السلام الدائم والشامل والعادل/ بقلم:الشيخ محمد محاميد

كل العرب
نُشر: 30/10/13 15:05,  حُتلن: 08:43

الشيخ محمد محاميد في مقاله:

مجرد التفكير بحل السلام الشامل الدائم "الأبدي" هو مجرد مضيعة للوقت فحتى نكون صادقين مع أنفسنا إن ارض فلسطين لا تتسع لدولتيّن ولا تتسع لشعبيّن مختلفيّن

اليهود يتمسكون بشرعية وجودهم على ارض فلسطين بحجة أنها الأرض الموعودة لبني إسرائيل ولا ادري ما نسبة ذرية بني إسرائيل في مجتمعهم الحالي بالإضافة لادعائهم أنها أرض الأباء والأجداد

الطرف الإسلامي يرى أرض فلسطين هي جزء مبارك مقدس من ارضية العالم الإسلامي وأرضها تعتبر أرضا وقفا إسلاميا منذ أن اوقفها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولا يمكن التفاوض على شبر من أرض فلسطين

في نظر الطرف الفلسطيني حق العودة هو من المُسلمات التي لا مجال للتفاوض والتناقش عليها ومن حق كل إنسان هُجر من بيته في يافا وحيفا وعكا واللد والرملة وبئر السبع وعسقلان وصفد وبيسان وطبريا أن يعود إلى بيته الأصلي فهو صاحب الدار

إن إمكانية تحقيق السلام الدائم والشامل والعادل ليُنهي عقود من الصراع العربي الإسرائيلي على أرض فلسطين مجرد ضرب من الخيال وخوض بالمحال، فهذه الأكذوبة التي لا أصل لها في عالم الحقيقة وفي منطق العقلاء سوقتها أطراف عالمية "كالولايات المتحدة الامريكية والاتحاد الاوروبي على سبيل المثال وليس الحصر" والقائم المشترك بين هذه الاطراف المذكورة إنها محسوبة على إسرائيل وداعمة لها عسكرياً واجتماعياً واقتصادياً وسياسياً، فطرح فكرة السلام الدائم جاء ليخدم الأجندة الإسرائيلية وحدها ويكون بالطرف الآخر مجرد عامل تسكين وتخدير لإيجاد اطراف مُغررة بالحل الدولي لتعمل على كبح المقاومة وإخراس كل صوت مؤيد لها.

فمجرد التفكير بحل السلام الشامل الدائم "الأبدي" هو مجرد مضيعة للوقت، فحتى نكون صادقين مع أنفسنا، إن ارض فلسطين لا تتسع لدولتيّن ولا تتسع لشعبيّن مختلفيّن لألف ألف سبب وسبب سأتطرق لأهمها وأبرزها في مقالي هذا الذي أطرح فيه وجهة نظري ورؤيتي الواضحة في مستقبل قضية الصراع العربي الإسرائيلي الدموي على أرض فلسطين. أولا ضرورة استبدال مصطلح السلام الشامل الدائم "الخيالي" لمصطلحات اكثر واقعية كالهدنة مثلا أو كوقف اطلاق النار أو تهدئة بعيدة الأمد والمقصود ببعيدة الأمد أي تستمر لسنوات طويلة حيث تتضمن عملية سلام مؤقتة متفق عليها من الاطراف المختلفة برعاية ووصاية دولية، تماما كاتفاقية صلح الحديبية بين النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش، حيث تنازل المسلمون يومها عن بعض حقوقهم الآنية كأداء العمرة مثلا في ذات العام مقابل اتفاقية "وقف اطلاق النار" وفق المعايير المتطابقة لذاك الزمن، حيث عكف المسلمون يومها على الاعداد والتجهيز والتحضير لبناء قوة كبيرة وإنشاء تحالفات واسعة معظمها لقبائل قد اعتنقت الإسلام ودخلته مؤمنة بعد تفرغ العالم الإسلامي يومها للدعوة بالإضافة للإعداد مستغلين اتفاقية التهدئة!، حتى قام الكفار يومها بخرق الاتفاقية حينما اغاروا على قبيلة خزاعة الموالية للمسلمين، فخرج المسلمون بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم يومها بجيش جرار تم اعداده في فترة التهدئة "صلح الحديبية" ليفتحوا مكة المكرمة لتكون ضمن جغرافية ونطاق الدولة الإسلامية حينئذ، فضرورة تغيير المصطلح ستكون عامل مساعد على بناء المجتمع الفلسطيني القويّ.

شرعية أرض فلسطين 
ثانيا سأتطرق إلى بعض المسائل التي لا يمكن أن تقوم أي عملية سلام حقيقية دون حلها وتجاوزها، وأبرز هذه المسائل هي مسألة شرعية أرض فلسطين عند كل طرف من الأطراف المتنازعة على بسط سيطرتها على الأرض، وأبدأ بنظرية اليهود الذين يتمسكون بشرعية وجودهم على ارض فلسطين بحجة أنها الأرض الموعودة لبني إسرائيل ولا ادري ما نسبة ذرية بني إسرائيل في مجتمعهم الحالي بالإضافة لادعائهم أنها أرض الأباء والأجداد والتي لا يمكن أن يتنازلوا عن متر واحد منها لأنها الوطن القومي للشعب اليهودي، وأما في الطرف الإسلامي فأرض فلسطين هي جزء مبارك مقدس من ارضية العالم الإسلامي وأرضها تعتبر وقفا إسلاميا منذ أن اوقفها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولا يمكن التفاوض على شبر من أرض فلسطين، فإن الصدام الناتج عن المسألة الفكرية العقائدية المتعلقة بشرعية الوجود لا حل لها ولا يمكن أن يلتقي خطيّن متوازيّين بغض النظر عن خط الحق والباطل.

مسألة اللاجئين الفلسطينيين
ثالثا مسألة اللاجئين الفلسطينيين في مخيمات اللجوء بالشتات، ففي نظر الطرف الفلسطيني "واتحدث عن الشعب الفلسطيني العظيم ومعظم تياراته" حق العودة هو من المُسلمات التي لا مجال للتفاوض والتناقش عليها، ومن حق كل إنسان هُجر من بيته في يافا وحيفا وعكا واللد والرملة وبئر السبع وعسقلان وصفد وبيسان وطبريا.. أن يعود إلى بيته الأصلي فهو صاحب الدار، وتماما ذلك ينطبق على الإنسان الفلسطيني الذي هُجر عنوة من قريته وحقله في اللجون والجورة والشجرة واجزم وام الزينات وبيت دجن وصرفند والطنطورة والخ من القرى المُهجرة...، وهؤلاء اللاجئين الذين يتمسكون "بكواشين الطابو" الذي يثبت ملكيتهم للأرض والدار حيث تجاوز عددهم اليوم اكثر من 6.5 مليون فلسطيني لا يمكن الوصول إلى حل نهائي عادل دون أن يُسمح لهم بالعودة إلى ديارهم، وهذا ما ترفضه إسرائيل جملة وتفصيلا، لأسباب كثيرة على رأسها المخاطر الديموغرافية التي ستجعل من اليهود أقلية على أرض فلسطين مما سيتسبب بتبخر حلم دولة الشعب اليهودي، وبالإضافة لذلك اسرائيل جعلت هذه التجمعات السكانية التي هُجر أهلها مسكنا للقادمين الجدد من يهود الشرق والغرب...، فلا تتحقق عودة هؤلاء الكاملة إلا بنزوح الطرف الآخر، او ان يتوصلوا لحل إلى عودة مرحلية إلى منطقة النقب والجليل! وهذا ما لا ولن تقبله إسرائيل ابدا.

مسألة القدس والحرم المقدس
رابعا والمسألة الأخيرة التي أختم بها مقالي هذا، هي مسألة القدس والحرم المقدس، إسلاميا لا يجوز التفريط على ذرة تراب من ارض القدس ولا على شبر من ارض المسجد الاقصى المبارك اولى القبلتين وثالث الحرميّن الشريفين فلا مجال لاي تفاوض او أي نقاش على هذه المسألة، فللأمة كلها حق بمسجدها المقدس كله دون استثناء وسلخ جزء منه "كحائط البراق مثلا"، وأما عند اليهود فإنهم لن يتنازلوا عن القدس ولن يتخلوا عن مخطط بعض الجماعات اليهودية الخبيثة التي ترمي لهدم المسجد الأقصى وإقامة هيكل سليمان المزعوم مكانه.. بالإضافة لمسألة الصراع على هوية القدس والسيطرة عليها، فهذه قضية لا حل دائم لها وفق رؤيتي الشخصية وتصوري للأمور..، فيجب أن نتخلص من مصطلح السلام الدائم ونستبدله بالمصطلحات الملائمة وأكررها مرة أخرى وأخيرة: "تهدئة، هدنة، ووقف اطلاق نار".

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.net

مقالات متعلقة