الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 12:01

الإرهاب الصيني بحق شعب الأويغور المسلم/بقلم: د. حسن صنع الله

د. حسن صنع
نُشر: 23/01/20 10:38,  حُتلن: 14:44

بدأ دخول الإسلام إلى تركستان منذ زمن الخليفة عثمان رضي الله عنه، ثم اتشر بفتوحات قتيبة بن مسلم 83-94 هجري/ 702-712م, شعبها من أصل تركي ويكتبون لغتهم بأحرف عربية, بقيت تركستان دولة إسلامية مئات السنين إلى أن غزاها المد الشيوعي وقسّمت إلى غربية بيد الإتحاد السوفياتي, وشرقية بيد الصين عام 1949 وقتل الزعيم الشيوعي ماو سي تونغ منهم أكثر من مليون, وغير اسمها الى شينغيانغ, وبدأ بإدخال شعب "الهان" الصيني إليها حتى نقص عدد المسلمين إلى52.4% (عددهم ١١ مليون من أصل ٢١ مليون عدد سكان تركستان الشرقية الكلي حسب الإحصاء الصيني).

تفيد إحصاءات رسمية وجود 30 مليون مسلم في الصين منهم 23 مليونا من الإويغور، فيما تفيد تقارير غير رسمية أن عدد المسلمين يقدر بحوالي 100 مليون، أي نحو 9.5% من السكان.
حاولت الصين الشيوعية التدخل في الديانات الأخرى من خلال عدة حملات مثل إعادة تفسير الكتب الدينية وفقا للأيديولوجية الشيوعية. مارست الشيوعية الصينية سياسات متنوعة في سنوات الستين والسبعين من العنف بحق الشعب الأويغوري من أجل تذويبه، وبعد موت ماو سي تونغ كانت هناك فترة من الانفتاح النسبي للصين على الصعيد الداخلي والخارجي، مُنح الناس خلاله نوعا من الحرية استمرت حتى أحداث 11/9/2001، التي أثّرت على الأويغوريين كثيرا، حيث نفّذت كثير من السياسات القمعية باسم محاربة الإرهاب، في مكان لم يعرف سوى إرهاب الدولة، فقد استغلت الحكومة الصينية هذه الأحداث لصالحها لتذويب الأويغوريين في المجتمع الصيني بشكل قسري.
في تركستان الشرقية أكثر من مليون أويغوري (هناك تقارير تتحدث عن ثلاثة ملايين) يقبعون في معسكرات اعتقال جماعية تسميها سلطات الصين مراكز تدريب وتطلق عليها المنظمات الحقوقية مراكز إعادة تأهيل قسري، ترفض حكومة الصين نشر أي معلومات عنها، وعلامات الاستفهام حول هذه المعتقلات بدأت تظهر للإعلام عام 2017.
في العام 2014 زار شي جين بينغ الرئيس الصيني منطقة تركستان الشرقية ورأى المظاهر الإسلامية في الملبس والمأكل والعادات والمساجد، وقال " ماذا فعلنا هنا خلال سبعين سنة؟" لم يتغير أي شيء، وعليه بدأ يخطط بينغ منذ 2014 لتذويب هذا الشعب ليكون صينيا بكل شيء، فبدأت فترة المعسكرات والاضطهاد لمحو هويته الدينية والعرقية بشكل قسري.
في العام 2007 بدأت السلطات تسأل الناس في الإقليم عن الصلاة وقراءة القرآن، وكان الناس لوجود نوع من الحريات يجيبون بنعم، وقد حفظت هذه السجلات وتم استغلالها فيما بعد لقمع الشعب الأويغوري ودمغه بالإرهاب والتطرف وفق هذه السجلات، حيث أصبحت الاعتقالات تتم بناء على هذه السجلات.
لقد تم تشخيص الإسلام في الصين على أنه "مرض أيديولوجي" بحاجه إلى علاج، وعليه بدأت الاعتقالات بشكل رسمي عام 2016، ولكن بناء المعسكرات بدأ عام 2007 قسم منها بني تحت الأرض، بحسب بعض الشهادات التي تفيد أنه تم بناء 1200 معسكر جديد.
قصص مأساوية وشهادات نشرت على مواقع التواصل عن مسلمين قضوا في هذه المعسكرات، وحملات تظهر بين الفينة والأخرى من فرط مأساوية هذه القصص، في المقابل لا توجد تحركات دولية كافية لإيقاف هذه الجرائم بحق شعب أعزل.
تفيد الشهادات من داخل المعتقلات أن الكلام ممنوع على المساجين، ويمارس ضدهم تعذيب نفسي يتخلله حرمان من النوم، ضرب بالعصي لإرغامهم على الاعتراف بالإرهاب، وكذلك إجبارهم على حفظ أشعار تمدح وتمجد الحزب الشيوعي، كما ويتعرضون للحبس الانفرادي وإجبارهم على الحركة الدائمة لكي لا يمارسوا الصلاة (معتقلات غسيل دماغ).
بين عامي 2016-2018 هدمت الصين في تركستان الشرقية ما يقرب من 33 مركزًا دينيا شملت مساجد تعود لمئات السنين ومقابر.
وفي شهر تموز 2019 ذكر بيان المكتب الاعلامي لمجلس الدولة الصيني أن السنوات الخمس الماضية شهدت قتل 1588 شخصًا في إقليم شينغيانغ وصفتهم "بالإرهابيين سيئي السمعة", تمت سرقة أعضائهم.
قامت السلطات الصينية أيضا بحظر كتب تعرّف بثقافة الأويغور وهويتهم، واعتقلت ما يزيد على 400 كاتب وشاعر وأكاديمي أويغوري.
في تجسيدها للوحشية بأبشع صورها تقوم السلطات الصينية بإجبار النساء الأويغوريات على تناول حبوب منع الحمل او إجراء عمليات لتصبحن عقيمات، ويفرض على كل بيت وضع صنم داخل البيت، ويفرض عليهم أكل وشرب المحرمات، وبيعها في نهار رمضان, ويمنع الحجاب وصوم رمضان للطلاب والموظفين, وصارت المساجد شبه خالية خشية إلصاق تهمة التطرف والإرهاب بهم واعتقالهم، مع التضييق على أئمة المساجد, وتفرض عليهم ممارسة طقوس أعياد الصينيين, هذا ناهيك عن أن السلطات تجبر الأويغوريات بالزواج من الصينيين، وكل من ترفض تعتبر متطرفة وتعتقل هي وعائلتها وتوضع في المعسكرات, ويتم تشجيع الصينيين على الزواج بالأويغوريات مقابل مبلغ 50 ألف يوان ويعالج مجانا ويتعلم اولاده في الجامعات مجانا ويعطى وظيفه مع امتيازات.
لقد كان في الصين قرابة 56 قومية، استطاعت الصين خلال 70 عاما محو نحو 40 اقلية وتذويبها، ومع كل ذلك يجتهد الأويغوريون في المحافظة على تقاليدهم وعاداتهم.
كثيرا ما يكون الصمت سيد الموقف على الصعيد الرسمي عالميا عندما يتعلق الأمر بممارسات عنصرية وارتكاب جرائم إنسانية بحق المسلمين، فمن الصين إلى الهند وميانمار ووصولا الى الغرب وحتى في بلاد العرب, يبدو أن ماكينة الحريات والحقوق وعدم التفرقة على أساس العرق والدين واللون يصيبها الشلل كون الضحية مسلما، فالكل يضطهد المسلمين بحجة محاربة ما يسمى الإرهاب والتطرف الإسلامي, ذاك التعريف المحرف، إذ إن الإرهاب لا دين له، ولكن دول غارقة في الدكتاتورية تروج لهذه الوصمة بدعم من مجتمع دولي يدعي الديمقراطية.
لقد خذلت مواقف غالبية الدول العربية والإسلامية شعب الأويغور، بفعل العلاقات الإقتصادية والمصالح التي تربطها مع الصين، التي سحقت الشعب الأويغوري بسبب مطالبته بحقوقه والتمسك بهويته الدينية والعرقية، زد على ذلك فأراضي تركستان الشرقية تحوي النفط واليورانيوم, ومعدل الأراضي الصالحة للزراعة يبلغ 850 الف كم مربع أي ثلاثة أضعاف مساحة فرنسا، وموقعها الاستراتيجي يتقاسم الحدود مع ثماني دول وهي نقطه هامة في طريق الحرير التجارية جهة الغرب.
وعليه, فربط الأويغور بالإرهاب تجارة رابحة بالنسبة للصين من أجل السيطرة على مقدرات هذا الشعب, وما لم يتحرك العرب والمسلمون والمجتمع الدولي لحماية شعب الأويغور فانه سيتم القضاء عليهم.

مقالات متعلقة