الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 11:01

المنع الدستوري لتشكيل الحكومة في اسرائيل/ بقلم: بروفيسور محمد وتد

بروفيسور محمد وتد
نُشر: 25/04/20 10:37,  حُتلن: 15:12

*بروفيسور محمد وتد في مقاله:

باعتقادي لا يجوز لرئيس الدولة ان ينقل التكليف إلى عضو الكنيست بنيامين نتنياهو بغرض تشكيل حكومة وفقًا لاتفاقية "الائتلاف"/"الطوارئ"

بعد ان انتهت الفترة الزمنية التي من خلالها القيت على السيد بني غانتس تشكيل الحكومة، وبعد ان تم ابرام اتفاقية لتشكيل حكومة ائتلافية/طوارئ، ففي هذه الحالة سيُلقي رئيس الدولة مهمة تشكيل الحكومة على عضو الكنيست بنيامين نتنياهو، الا انه لا يجوز من الناحية الدستورية تكليف تشكيل حكومة لمن تم تقديم ضده لوائح اتهام خطيرة.

عندما انقضت فترة تكليف عضو الكنيست مهمة تشكيل الحكومة ، قام رئيس الدولة وفقًا للمادة 10 (أ) من القانون الأساسي: الحكومة ، وأبلغ رئيس الكنيست أنه لا يرى هناك إمكانية لتشكيل الحكومة. هذا على الرغم من أنه كانت مفتوحة أمامه الطريق لتكليف عضو الكنيست بنيامين نتنياهو. الا انه في مثل هذه الحالة ، على الرغم من أن الرئيس اختار عدم تكليف عضو الكنيست نتنياهو، والذي لا يزال بموجب المادة 10 (أ) من القانون الأساسي: الحكومة ، فإن اكثرية أعضاء الكنيست (61 عضو كنيست) قد يطلبون من الرئيس خطيا، تكليف اي عضو كنيست اذا ابدى الاخير موافقة خطية. بكلمات اخرى ، يمكن لـ 61 عضو كنيست أن يطلبوا من رئيس الدولة تكليف اي عضو كنيست، بما في ذلك نتنياهو. تنص المادة 10 (ب): "يفوض الرئيس ... منصب........على عضو الكنيست المذكور في الطلب".
لا يوجد اي دعم للادعاء بأن صلاحية رئيس الدولة لتكليف مهمة تشكيل الحكومة على عضو كنيست هذا او ذاك هي صلاحية مطلقة. بيد ان هذه الصلاحية السلطوية تخضع للمبادئ الأساسية التي تم ارساؤها في القانون الاداري في إسرائيل، بما في ذلك المعقولية والتناسبية . كذلك تخضع هذه الصلاحية أيضاً لفتاوى المحكمة العليا.

لذلك فان صلاحية رئيس الدولة محددة وليست مطلقة وذلك ايضا تباعا لقرارات المحكمة العليا في قضايا درعي وبنحاسي والتي لم تُلغى (هذه القرارات) من قبل السلطة التشريعية. بالرغم من ان القانون يتحدث عن انتهاء ولاية الوزير (الذي تم تقديم ضده لائحة اتهام) فقط في يوم صدور حكم الإدانة ضده وكذلك الادانه بوصمة عار الا ان هذه الفتاوى (قرارات المحكم العليا) وُسعت - ولم يتم إلغاءها من قبل السلطة التشريعية - في حالة شمعون جبسو ويتسحاك روشبرغر. في هذه القضايا الأخيرة ذكرت المحكمة أنه في ضوء التهم ضد اثنين من رؤساء البلديات (نتسيرت عيليت ورمات هشارون) ، يتوجب على مجالس البلديات عقد اجتماع ومناقشة مسألة عزل رؤساء البلديات من منصابهم.

ومضت محكمة العدل العليا إلى القول بشان رؤساء البلديات: بأن قرار المجلس البلدي بشأن جبسو بعدم إقالته من منصبه ، وفيما يتعلق بروتشبرغر بعدم عقد جلسة لاقالته من منصبه (وهو مثل قرار رفض عزله من منصبه) تتعارض مع مبدأ الحفاظ على سيادة القانون، وان هذه القرارات غير معقولة قانونيا إلى حد كبير خاصة في ظل الانتخابات للسلطات المحلية التي كانت على الأبواب، وامكانية ترشح هؤلاء لولاية اخرى. في تلك الحالتين، أكدت محكمة العدل العليا عن عدم ارتياحها - من منظور الجمهور - لترشح جبسو وروتشبرغر في الانتخابات القادمة رغم لوائح الاتهام المقدمة ضدهم حتى وان لم تكن موانع قانونية تمنع ترشحم. وفي ظل هذا الوضع القانوني، رأت المحكمة العليا أنه إذا تم انتخاب المرشحين أو أي منهم لمنصب رئيس البلدية، فسيكون على المجلس البلدي أن يجتمع بعد الانتخابات بوقت قصير ، ومناقشة واتخاذ قرار بشأن عزلهم من منصبهم، وانه في كل الحالات، سيخضع القرار الذي سيُتخذ في المجلس البلدي الى الرقابة القضائية.
تشبه الحالات القانونية او القضايا المذكورة الى حد كبير حالة عضو الكنيست بنيامين نتنياهو، الذي اختار الترشح لمنصب رئيس الحكومة في الانتخابات الاخيرة، ذلك على الرغم من قرار المدعي العام تقديم لوائح اتهام خطيرة للغاية ضده فيما يتعلق بالامانة والاخلاقيات. والسؤال المطروح في هذا الصدد ليس منع نتنياهو من الترشح للكنيست و/أو الحد من رغبته في الفوز بتكليف لتشكيل الحكومة القادمة لدولة إسرائيل, انما, السؤال المتعلق بقضيه نتنياهو اليوم هو صلاحية رئيس الدولة في تكليف نتنياهو مهمة تشكيل الحكومة كعضو كنيست يحمل على كاهلة ثلاث لوائح اتهام خطيرة تتعلق بجرائم الرشوة والاحتيال وانتهاك الامانة.

باعتقادي لا يجوز لرئيس الدولة ان ينقل التكليف إلى عضو الكنيست بنيامين نتنياهو بغرض تشكيل حكومة وفقًا لاتفاقية "الائتلاف"/"الطوارئ". وإذا فعل ذلك ، فسيكون قرار رئيس الدولة ملوثًا بعدم المعقولية القانونية. إن صلاحية المحكمة العليا للتدخل وإصدار أوامر ضد رئيس الدولة في مثل هذه الحالات منصوص عليها صراحة في القانون الأساسي: القضاء؛ والذي من خلاله ، تنص المادة 15 (ج) على أن " تُعتبَر المحكمة العليا أيضًا محكمة عدل عليا؛ وبصفتها هذه تنظر المحكمة في شؤون تعتقد بأن الحاجة تقتضي التدخل فيها من أجل العدالة ولم تُخوَّل محكمة أخرى صلاحية النظر فيها." كذلك تنص المادة 15 (د)(2) دون المس بعمومية ما جاء في البند الصغير (ج)، تُخوَّل المحكمة العليا بصفتها محكمة العدل العليا الصلاحيات التالية: إصدار أوامر للسلطات الحاكمة وللسلطات المحلية وللموظفين فيها والجهات والشخصيات الأخرى التي تتولى مناصب عامّة بموجب القانون، تطالبها باتّخاذ إجراء ما أو الامتناع عن اتخاذ إجراء ما في إطار أدائها المناصب بموجب القانون، وإذا ما تمّ انتخابها أو تعيينها بصورة غير قانونية، تطالبها الأوامر بالامتناع عن القيام بأي عمل."
يشار الى انه تم تقديم العديد من الالتماسات الى محكمة العدل العليا في هذا الشأن ولا شك ان القرارات بها - مهما كانت - سيكون لها اثرا كبيرا على القانون الاسرائيلي والسياسة على حد سواء.

* بروفيسور، متخصص بالقانون الدستوري والجنائي، عميد كلية القانون في كلية صفد الاكاديمية. 

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة