الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 13:02

الفرق بين الكتابة للأطفال والكتابة للكبار - بقلم: الكاتبة جميلة شحادة

الكانبة جميلة شحادة
نُشر: 08/02/20 18:52,  حُتلن: 18:54

الكتابة هي أحد أنواع التعبير عن المشاعر الإنسانيّة التي تجول في خاطر الكاتب، وعن أفكاره، وآرائه، وخبرته الإنسانيّة في الحياة؛ وعندما تكون هذه الكتابة جميلة وبليغة التعبير وتؤثر في نفوس القرّاء سواء كان ذلك شعراً أو نثراً، ندعوها أدبا. وجدير بالذكر ، انه ومنذ القرن العشرين بدأت كلمة أدب تدل علي معنيين؛ عام ويطلق على كل ما يُكتب في اللغة مهما يكن موضوعه وأسلوبه وكل ما ينتجه العقل البشري من علم وفلسفة وأدب، ومعنى خاص يُراد به التعبير الجميل المؤثر في المشاعر (ضيف، 1983).
على أي حال مهما كان المعنى الذي تدل عليه كلمة أدب، المهم انه للإنسان ومن الإنسان، وهذا بالطبع يشمل الطفل بجميع مراحل الطفولة؛ المبكرة ( من 3 - 5 سنوات)، والمتوسطة ( من 6 - 8 سنوات)، والطفولة المتأخرة ( من 9 - 12 سنة تقريبا)، ومرحلة اليقظة الجنسية ( من 13 - 18 سنة) ( عبد الفتاح،200). غير ان الكتابة للأطفال تختلف عن الكتابة للكبار ، ولها مميزاتها التي يتوجب على الكاتب للأطفال ان يعرفها، ويأخذها بعين الاعتبار عند الكتابة؛ حيث غفل عنها الكثيرون من الكتاب المحليين في أدب الأطفال، فعندما نقرا أدب الطفل العربي المحلي، نجده غالبا يعبر عن كاتبه وليس عن جمهوره (الأطفال)، ويعكس مشاكل وإشكاليات البالغين لا الأطفال، بل ويعبر عن وجهة نظر البالغين. سواء من حيث الأفكار المتضمنة في العمل، أو من حيث حجم النص، أو المفردات اللغوية المستخدمة؛ ولما كان إدراك الطفل، يتفاوت مع إدراك البالغ، فإنه لا يتوقع من الطفل استيعاب المعاني التي قصدها البالغ عند كتابة النص الأدبي. فإذا كان أدب الكبار تبدعه القرائح، وتتم عملية الابداع في ظل مطالب الحياة دون شروط سابقة وتوجيهات خاصة، فإن أدب الأطفال على العكس من ذلك؛ حيث يجب ان يُكتب في ظل شروط سابقة وينطوي على توجيهات. فأول ما يجب ان يأخذه الكاتب في أدب الأطفال بالحسبان هو الناحية التربوية في كتاباته، حيث تتضمن كتاباته رسائل تربوية او قيم انسانية، اجتماعية وغير ذلك من القيم، على ان لا يغفَل الكاتب عن الناحية الجمالية والفنية في صياغة كتاباته؛ فلا يجب ان يُنظر للاعتبارات التربوية على انها معوقات تحدُّ من انطلاق الكاتب وتُفقد النص عنصر تشويق، هذا بشرط ان لا يعتمد الكاتب اسلوب الوعظ ولا اسلوب التلقين والأسلوب التقريري؛ بل عليه ان يصيغ كتاباته بأسلوب تشويقي ويفتح ابواب التفكير والإبداع والابتكار عند الطفل، وهذا من اهم أسس الكتابة للأطفال.
عنصر آخر على الكاتب في أدب الأطفال ان يأخذه بعين الاعتبار هو ان ادب الأطفال أدب خيالي، في الوقت الذي ينطوي فيه ادب الكبار على الكثير من المواقف، وانه عمل لغوي يمثل تجربة انسانية تجاه الكون والحياة والمصير، ومبدعه لا يملك خلال عملية الابداع الا ان يكون صادقا وحساسا ومنفعلا. لذا على الكاتب في ادب الأطفال ان يهتم في كتاباته ان يحرك خيال الأطفال وينميه، ولا سيما ان الخيال هو النافذة للتطلع على المستقبل. وبما ان طفل اليوم ليس ذلك الطفل الذي عرفناه قبل اربعة عقود واكثر في ظل التقدم العلمي والتكنولوجي؛ لذا على الكاتب في ادب الأطفال ان تثير كتاباته في الطفل عنصر التشويق، وتوقظ موهبته، وتقوي ميوله، وتحثه على التفكير والتخيل، ويكتب له عن الخيال العلمي لا بهدف نقل المعارف فقط، وانما لكي يُخرج ادب الأطفال من ميادينه التقليدية، وليحفز الطفل على البحث، وارضاء فضوله ازاء العلم، وازاء استكشاف الفضاء والعوالم المجهولة.
فرق آخر وجب التطرق له في ادب الأطفال هو ان هذا النوع من الأدب هو مشاهدة بصرية أي قراءة ومشاهدة للرسوم، وايضا يتلقاه الطفل عن طريق الأذن؛ بينما ادب الكبار في معظمه أدب على ورق، يقرأ كثيرا ويسمع قليلا. كذلك فإن ادب الأطفال له خصوصيته في الوقت الذي يميز ادب الكبار حريته واستمراريته. وعليه يجب ان يكون الكاتب في ادب الأطفال على وعي كامل بالاعتبارات الفنية بل ودارسا لأسلوب الكتابة غير معتمد على موهبته في الكتابة فقط.
ان الكتابة للأطفال تفوق صعوبتها الكتابة للكبار. وان لم يستطع الكاتب في ادب الأطفال ان يكتب بلغة تكون بمستوى جميع الاطفال الموجه لهم عمله، ولا يستطيع ان يثير فيهم شغف القراءة والمثابرة عليها، ولا يثريهم بثروة لغوية، ولا ويفتح ابواب التفكير والإبداع والابتكار لديهم، ولا يساهم تنمية قدرة التخيل لديهم، فالأفضل ان يوفر جهده ووقته لأمور أخرى.
************************
بقلم الكاتبة، جميلة شحادة // الناصرة

مقالات متعلقة