الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 09:01

منتهو الصلاحية السياسية.. في فلسطين

بقلم: حميد قرمان

حميد قرمان
نُشر: 10/07/21 16:05,  حُتلن: 19:13

يتكرر ذات المشهد التآمري في فلسطين، موجة احتجاجية محدودة، شهدتها مدينة رام الله مؤخرا إثر مقتل مواطن اثناء اعتقاله من قبل قوات الامن الفلسطيني، وهو عمل فردي مرفوض من قبل مكونات الشعب الفلسطيني كافة.. فيتم استغلاله في محاولة بائسة جديدة لاستبدال القيادة الفلسطينية الحالية بجهات منتهية الصلاحية السياسية في الوطن.

جهات.. تسعى لتضخيم أي "خطأ سياسي" نابعة من تصرف شخصي لأحد افراد النظام المؤسسي الفلسطيني الى ثورة شبيهة بثورات ما يسمى "الربيع العربي"، ذات السيناريو.. وذات العناصر السياسية.. وذات الاعلام الدعائي القائم على نظريات "غوبلز" النازية، وذات السعي لانتاج رد فعل شعبي عارم يقلب موازين القوى في الشارع الفلسطيني.. بطرح اسماء جديدة يتم تلمعيها في الاعلام الرقمي من خلال صفحات مواقع التواصل الاجتماعي لرفع قيمتها أسهمها في البورصة السياسية الفلسطينية، خاصة بعد ردود الفعل الفصائلية المقيدة بـ "بيانات وتصريحات" مستهلكة المفردات السياسية والاعلامية المعتادة.

المشهد القائم لم يكن كافية لاعادة انتاج الجهات "المنتهية الصلاحية" في الشارع الفلسطيني، فوجودها لا يخدم الأجندات بعض الجهات التي تتصارع لتمرير المخطط الذي ينتظر شرخا سياسيا على الساحة الفلسطينية لتنفيذه بأسلوب سياسي مماثل تماما لما شهده الشرق الاوسط خلال العقد المنصرم من ثورات ما يسمى "الربيع العربي"، فليست المرة الاولى التي يتم تضخيم "حدث نابع من خطأ فردي" لتحقيق مآرب سياسية أصبحت واضحة المعالم في الشارع الفلسطيني، لكنها المرة الاولى التي يتم الزج بالجيل "الشاب" المندفع والمراهق ليكونوا في الخطوط الامامية في مواجهة رجال الامن الفلسطيني، فرأينا اطفالا ومراهقين، يشاركون بهدف خلق فوضى سياسية ضاغطة تدفع لانهيار السلطة، فكان المشهد الاحتجاجي سيء الإخراج.. مع اعتماد واضح في استخدام أساليب الإساءة والاستفزاز والنواح ليتم خلق رد فعل قمعي أكبر من قبل قوات الامن، ينتج عنه نسخة مكررة من سيناريو ما يسمى ثورات الربيع العربي، ولان ذلك الجيل أو جزء منه لا يزال غير ناضج سياسيا، فكان وسيلة سهلة، يتم تشكيلها حسب القالب السياسي تحت عناوين وشعارات براقة تخدم مصالح فئات أو جهات تقف منتظرة بشغف.. الفوضى التي تؤدي لانهيار السلطة الفلسطينية لتقديم نفسها بديلا امام القوى الاقليمية والدولية في القضية "رقم واحد" على مستوى العالم.

منتهو الصلاحية سياسيا وفكريا.. والذين ما يزالوا قابعين في محاور اقليمية تسعى لفرض أجنداتها في المنطقة، يستغلوا جاهدين اي ظرف سياسي، لاعادة طرح أنفسهم في الشارع الفلسطيني، خاصة بعد فشل أسلوب تشكيل رأي عام مضاد من خلال وسائل الاعلام المتحيزة، فما يسمى ثورات الربيع العربي، أعطت الشعب الفلسطيني الوعي السياسي، فكان إدانة مقتل المواطن الفلسطيني، مع عدم الانجرار لشعارات مثل إسقاط النظام أو حل السلطة بل شاهدنا من أعلن رفضه ممن شارك في الموجة الاحتجاجية لمثل هذه النوعية من الشعارات الهدامة، وهذا ما لا يفهم الجيل الشاب في الوقت الراهن بسبب قلة الخبرة وعدم النضج السياسي.

لهذا من يتابع المشهد الفلسطيني العام، ويتعامل يوميا مع تعقيداته ومعضلاته السياسية.. يدرك ان محاولات السيطرة على الشارع السياسي لن تنتهي، فقبل حادثة مقتل المواطن، استغلت حركة حماس انتهاكات حي الشيخ جراح في مدينة القدس وما ترتب عليها من هبة شعبية فريدة ونوعية في اساليب المقاومة الشعبية السلمية، لتُدخل قطاع غزة مجددا في حرب غير محسوبة النتائج، ولم تحقق أية نتائج سوى اعادة طرح نفسها اقليميا ودوليا.. كحركة قادرة على الحكم والتفاوض.. من خلال شعبية "وهمية" في الشارع الفلسطيني يسمحلها ببسط سيطرتها على مؤسسات منظمة التحرير، وفرض شروطها على القوى والفصائل الفلسطينية.

لهذا الحقيقة التي يدركها الشعب الفلسطيني؛ بان هناك فصائل وجهات فلسطينية "منتهية الصلاحية" سياسيا.. تريد خدم مصالح دول في المنطقة.. بتقديم الفلسطيني وقضيته مجددا.. كقربان في معابد السياسة الدولية، تقربا للإدارة الامريكية الجديدة.

حقيقة آخرى يغفل عنها الكثير، في فلسطين.. الجميع معارض، فالمواطن الفلسطيني بالعموم معارض وناقد، وان كان من بوتقة السلطة الحاكمة أو يدور في فلكها، وهي ميزة الفلسطيني الذي دأب على التمرد بوعي على واقعه البائس الذي أنتجه الاحتلال، والذي يسعى الى تكريس مبدأ الخنوع والرضوخ، وهو ما لن نجده في أبجديات أو مفاهيم النضال الفلسطيني المستمر.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة