الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 00:02

تلميع حماس سياسيا..-بقلم: حميد قرمان

حميد قرمان
نُشر: 28/05/21 03:49,  حُتلن: 03:56

بعد الاستماع لكل الخطب العصماء لقادة ما يسمى محور المقاومة، وبعد التهديدات وحجم امتلاك الصواريخ القادرة على نسف اسرائيل عن بكرة ابيها، أطرح سؤال بشكل مباشر: لماذا لم يتم تحرير فلسطين الى الآن؟

سؤال آخر: لماذا تم القبول بوقف إطلاق النار ما دام الانتصار كان حتميا؟

بل.. لماذا استمرت اعتداءات الاحتلال في مدينة القدس.. رغم الانتصار العرمرمي؟

الحقيقة..انه لم يكن هناك انتصار بل مسلسل طويل من استعراضات وهمية لشعارات عبثية تجلب كالمعتاد لهذا المحور.. شعبية عربية واقليمية بهدف اعادة انتاج وتكرار تجربة حزب الله في جنوب لبنان عام ٢٠٠٦ بعد انتصاره الوهمي انذاك، فمن يهتف لحماس اليوم.. هتف لحزب الله ولحسن نصر الله بالأمس.. والنتيجة ان لبنان غارق في مشاكله وازماته، ومهدد بشبح الافلاس بسبب تراكم الديون.. وقلة المساعدات الخارجية بسبب فساد قيادات العهد العوني.. وهو ما أسهم في عجز على كافة المستويات، وبالنظر الى قطاع غزة فهو ليس باحسن حال.

حماس، تريد الخروج من معضلاتها في القطاع وازماتها في الإقليم.. وخاصة بعد ان بدلت جلدها في العشر سنوات الأخيرة، وانتقلت من معسكر "ايران سوريا".. الى معسكر "قطر تركيا".. وانخفض منسوب شعبيتها فلسطينيا وعربيا واقليميا بعد فشلها في ادارة حكم غزة، وبروز فساد قياداتها.. والذي ادى الى نوع من الصراع بين تياراتها.. وبالنظر الى نتائج انتخاباتها الاخيرة ندرك حجم الصراع الذي جعل السنوار يفوز برئاسة حماس في غزة بفارق ضئيل عن منافسه، وجلب خالد مشعل مجددا لحكم حماس في الخارج تحت قيادة اسماعيل هنية.. الذي يريد للتيار المدعوم ايرانيا داخل الحركة ان يعزز من وجوده وسياساته داخل الحركة.. في مقدمة للعودة الى الحضن الايراني-السوري، خاصة بعد المصالحة الخليجية والتي ستؤثر حتما على الدعم القطري للحركة.

فحماس الآن.. تبحث عن ما يلمع صورتها مجددا لتستطيع من خلاله تمرير سياسات اقليمية بشعبية عربية قائمة على تحميس بسطاء الناس المتعطشين للنصر.. ولو كان فقط في محطات الاعلام الاخواني وصفحات التواصل الاجتماعي، نصر وهمي يسمح لايران من تقوية موقفها التفاوضي حول برنامجها النووي مع الدول الغربية الكبرى من جهة، ومن جهة آخرى توصل رسائل سياسية للسعودية التي تتحاور معها في العراق، ان ليس فقط النفوذ الايراني في اربع عواصم عربية فقط بل هناك حركات وأحزاب تمتلك القوة العسكرية.. تدين بالولاء لنظام الملالي في المنطقة.. ولهذا رأينا بعض الكتاب والصحفيين من "مرتزقة ايران" يكتبون ويدعون في مقالاتهم لاعتماد حماس كجهة بديلة عن السلطة الوطنية الفلسطينية، بل بعضهم رمى لحل السلطة وسحب الاعتراف من منظمة التحرير كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني والاعتراف فقط بحماس، وتقديم لها كل اشكال الدعم.

فحماس تدرك.. ان الطرف السياسي خاصة بعد تولي ادارة ديمقراطية برئاسة بايدن مقاليد الحكم في الولايات المتحدة.. يسمح لها بافتعال حرب محسوبة النتائج، تعطي لها مساحة لمناورة تعزز من وجودها سياسيا في ساحة الشرق الاوسط.. مما يجعلها قادرة على الاستمرار في ظل تراجع حركات الاخوان المسلمين في كل مكان.. وهو ما يفسر محاولات حركة الاخوان في بعض الدول العربية من اظهار وجودها الجماهيري في الشارع العربي خلال التصعيد الاخير في غزة، فرأينا مسيرات ليس الهدف منها فقط دعم غزة او القدس، بل ايصال رسائل سياسية لادارة بايدن الديمقراطية، بان الاخوان ما زالوا يمتلكون حضورا سياسيا في الشارع العربي تستطيع به الادارة من استكمال مخططات ادارة اوباما السابقة بخلق موجات جديدة من ما يسمى الربيع العربي، وهو ما يفسر اختباء الاخوان وعناصرهم في جحورهم السياسية طوال عهد الرئيس ترامب، بل ان حماس لم تطلق صواريخها يوم الاحتفال بافتتاح السفارة الامريكية في القدس، فالسؤال المشروع ما الذي اغضب حماس هذه المرة.. ولم يغضبها سابقا؟

حماس استطاعت دغدغة مشاعر العرب.. ولعبت لعبة التصعيد الأخير في غزة بإتقان، فرأينا اسماعيل هنية يتصل ببعض الزعماء العرب، والزج ببعض مناصريهم وراياتهم في بعض مظاهرات الشعب الفلسطيني في مدن القدس ورام الله والخليل لايهامنا بمدى شعبية الحركة، وتسابق قياداتهم للظهور الاعلامي على الفضائيات والصحف لتسويق نصرهم العرمرمي.. مما خلق نوعا من التنافس الخفي اعلاميا بين قيادة حماس من جهة والجهاد الاسلامي من جهة اخرى.. ليستأثر كل طرف بالنصيب الاكبر من الدعم الايراني لهم.

حماس بالمحصلة وكعادتها.. سرقت صمود الشعب الذي تحمل الرعب والخوف والدمار.. بسبب مغامرة حمساوية ايرانية لها اهدافها بعيدا عن القدس ومقدساتها.. وحولت الانظار عن القضية الاساسية في منطقة الشيخ جراح، التي ما زال السكان الاصليون مهددون بالتهجير، فكيف يكون نصرا وهو لم يحقق أهدافه؟ كيف يكون نصرا والمسجد الاقصى مهدد يوميا بالاقتحام من قبل قطعان المستوطنين؟

حماس بالنتيجة.. تريد التفاوض والحوار.. فهي سئمت دور الحركة المرتزقة التي تؤدي خدمات عسكرية أو التي تبيع مواقف سياسية من خلال بيانات صحفية لهذه الدولة او تلك، بل تريد ان تكون مقبولة دوليا، معترف بها كطرف يستطيع بناء نظام سياسي فوق أرض غزة، تماما كطالبان التي خاضت مؤخرا حوارا مع الولايات المتحدة، ولا أستبعد انه في قادم الايام ان تعلن قطر رعايتها لحوار استراتيجي بين الامريكان وحماس.. في حال تم الاتفاق النووي بين ايران والدول الغربية وعلى رأسهم الولايات المتحدة.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 


مقالات متعلقة