الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 15:01

سيناريو تقسيم الأدوار و"بيضة القبان"

احمد حازم

احمد حازم
نُشر: 07/04/21 12:03,  حُتلن: 14:27

الخلاف الذي حدث في الحركة الإسلامية في العام 1996 والذي أدى إلى انقسام الحركة إلى قسمين: شمالية وجنوبية، كان سببه الرئيس دخول الكنيست. فبينما، تؤيد (الجنوبية) المشاركة في انتخابات الكنيست وتهلل وتطبل لفوائد منبر الكنيست للمواطن الفلسطيني في الدولة العبرية دولة قانون القومية، ترفض (الشمالية) المشاركة في هذه الانتخابات التي تؤكد أنها لا فائدة منها مطلقا. وأن إسرائيل ومؤسساتها لا يمكن أن يكونوا منابر لخدمة الفلسطينيين بل منصات لضربهم سياسياَ واجتماعيا. لذلك لم تكن (الشمالية) في يوم ما تؤمن بما يفعله صناع القرار فيها للفلسطينيين. وهذا هو موقف "الشمالية" التي تم حظرها في العام 2015. وكافة المراقبين والمحللين السياسيين يعرفون تماما بأن حظر الشمالية له علاقة بموقفها من إسرائيل، وليس بالنهج العام كحركة سياسية دينية، ولو كان الأمر كذلك لتتم أيضاً حظر "شقيقتها؟!" الجنوبية. لكن الفارق كبير جداً بينهما في الأداء السياسي تجاه إسرائيل مثل الفرق بين الإيمان والإلحاد، وأعني استحالة إعادة شقي الحركة.
ومع أن السنين أثبتت صحة موقف (الشمالية) لكن (الجنوبية) ظلت مستمرة في نهجها ولغاية اليوم في رفع علم الموالاة للكنيست، حتى وصل الأمر بهم ليقولوا أو بالأحرى ليتكهنوا بأنهم "بيضة قبان" في تشكيل الحكومة الإسرائيلية المقبلة.
في الثالث والعشرين من شهر ديسمبر/كانون أول عام 2018 قال الشيخ كمال خطيب على صفحته في الفيسبوك: "أن منبر المساجد أطهر وأصدق من منبر الكنيست". صدقت يا شيخ فهل من يفهم هذا الكلام؟ وهل الإخوان في "الجنوبية" يقتنعون بهذا القول؟ أكيد لا. والدليل على ذلك وجودهم في الكنيست..
أنا أعتقد بوجود تقسيم أدوار في "الموحدة": إسمعوا هالتمثيلية المضحكة: في وقت قسم اليمين في الكنيست تم الإعلان عن إصابة منصور عباس بوعكة صحية وصار نزيل المستشفى. (سلامتك يا دكتور) لكن مرض صاحب مقولة "لا في جيب اليمين ولا في جيب اليسار" في يوم قسم الولاء في الكنيست لا يعني الإعفاء كلياً منه. وفي يوم آخر لا بد للدكتور منصور من قسم يمين الولاء لدولته إسرائيل. يعني ما في مهرب. وفي اليوم نفسه فعل مازن غنايم عكس منصور عباس. (والله جريء أبو محمد) . فقد ظل غنايم واقفاً يتلذذ بسماع النشيد الوطني الإسرائيلي (هتكفا) ولم يخرج من القاعة أسوة بزملائه العرب. والسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا بقي غنايم واقفا خاشعا عند سماع (هتكفا) ولم يخرج مع زملائه في الكنيست. أكيد لديه سبب "ويا ريت أبو محمد يحكيلنا عنو".
إذاً، منصور عباس مرض يوم قسم الولاء ومازن غنايم ظل "منتصب القامة" في ذلك اليوم أمام نشيد دولته في كنيسها. يعني عملية إخراج متقنة كما تبدو لي.. على أي حال التاريخ يعيد نفسه وهذا ليس بجديد على أعضاء كنيست عرب. فهناك من هم مستعدون ليكونوا حالة سياسية شاذة عن المألوف العربي.
ليس فقط في الحياة العامة يوجد شذوذ من ذلك النوع الذي دعمه نواب "الجبهة" بل وفي السياسة أيضا يوجد انحراف. ففي العام 2015 ظلت عايدة توما مسرورة لسماعها نشيد وطنها إسرائيل كل الوقت حتى الكلمة الأخيرة مصحوبة بموسيقى اقشعر لها بدن عايدة فأبت إلا أن تبقى إلى جانب زميلها النائب أيمن عودة حتى نهاية النشيد. لا تؤاخذوني فهكذا يقول أرشيف برلمان دولتكم.
وأخيراً، قام الرئيس الإسرائيلي بتكليف بنيامين نتنياهو مهمة تشكيل الحكومة.
هذا التكليف ليس سهلاً على نتنياهو الذي يخرج هذه الأيام من محكمة إلى أخرى بسبب اتهامات فساد ورشاوى, منصور عباس قال أنه لن يوصي على أحد على أساس "لا في جيب اليمين ولا في جيب اليسار". مفهوم. ولكن ماذا تقصد بقولك انك ستتعامل مع أي رئيس حكومة قادم؟ كيف يعني. أعطينا موقف واضح يا دكتور. وليس كل واحد يفهم لغة الألغاز.
نتنياهو أمامه 28 يوما لتشكيل الحكومة وعليه أولاً إقناع واسترضاء أبناء جلدته من اليمين وعندما يتوقف الأمر على منصور عباس في تلك الحالة سيخرج الديك ويصيح عارضا مطالبه. عباس ينتظر ويراقب. نعم هو لم يوصي على نتنياهو، لكنه ينتظر ما سيفعله نتنياهو ومدى حاجته إليه. أنا أتحدى أن يعلن منصور عباس أنه لن ينقذ نتنياهو لو حصل على 57 صوتاً وسيتركه يذهب للجحيم. أتحداه أن يفعل ذلك. يعني عدم التوصية، والغياب يوم القسم، وتصرفات أخرى كلها مجرد ألاعيب مكشوفة.
على أي حال إسرائيل لا تزال تعاني من أزمة سياسية الأسوأ في تاريخها، ويرى محللون أن نتنياهو حتى لو استطاع تشكيل حكومة فستكون حكومة هشة ستتعرض لهزات لا بد وأن تودي إلى انتخابات خامسة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة