الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 08:01

ابنة البروة عبور درويش على درب الابداع

بقلم: شاكر فريد حسن

شاكر فريد حسن
نُشر: 27/03/21 10:39

عبور درويش ابنة البروة التي تقطن في قرية الجديدة الجليلية، قد اقتحمت عالم الشعر وامتطت صهوة الابداع، ونشرت نصوصها في صحيفة " الاتحاد "، وفي صحيفة "الحقيقة "، وفي عدد من المواقع الالكترونية المحلية والعالمية وفي صفحتها على الفيسبوك. تعمل محررة إخبارية ومترجمة، وصاحبة مجلة "لنا " الفكرية الثقافية الموجهة لطلاب المدرسة الابتدائية، تكتب المقالة والقصة القصيرة وما يختلج صدرها من بوح شعري.
عبور انسانة موهوبة تكتب بلغة تأخذنا ونحن نقرأ نصوصها في فسيح فضاءاتها وانفساح آفاقها الى ما يثير الدهشة والمتعة الجمالية، وهي تنغمس بريشة وحبر روحها حين ترسم لوحاتها الشعرية والنثرية الفنية، باسلوب أدبي رمزي أحيانا، تحقق من خلاله روح الابداع الحداثي الذي تسعى اليه.
وفي نصوصها تبرز عبور ملامح الوطن، وتعكس همومنا الوطنية، مستخدمة الكلمات الموحية ذات الأبعاد النفسية المؤثرة، التي تعتمد على الصورة والرمز والايحاء والاستعارات البلاغية.
إنها تكتب باسم روح انتفضت، وطمأنينة انقرضت، وأرض لم تحرث بعد، ورغيف خبز لم يخبز، وحلم لم ينجز ، وأصالة باتت منسية..!
ومن قصائد عبور درويش التي راقت لي، قصيدتها الى روح الانسان محمود درويش، وهي بعنوان " قم وعانق الحوريات "، حيث تخاطب شاعرنا الراحل، وقلبها يملؤه الشجن والحزن لرحيله الفاجع، فتقول:
يا صاحب الصهيل الأخير
انك الآن صامت وأي صمت هذا يدوي الاذان
انني اقف على شرفتي المعتمة
وقبس نور يتسلل من شموع العزاء
اشواك الندم تلسعني وتخنقني علامات السؤال
بالامس مررت من هنا قاصدا احدى الاخوات
هرعت نحوك لاصافحك
ارتعشت اناملي وتراجعت خطواتي بخجل
ودون ان تلاحظني عدت الى شرفتي
وغمرت رأسي بين قصائدك كعصفورة بلا اجنحة
اعترف انني خجلت من خجلي
ولكني على الاقل قادرة ان اعترف
هل اخترتتا ام القدر فعل
كي نكون جديرين بك وان نرفع صورك فوق جدراننا الحزينة
يا محاربا بلا سلاح انهض من سباتك الابدي
قم للحظة واحدة.. نحتاج بعض سطور
اختتقت الحروف وتشوهت العبارات
وانطوينا على انفسنا بين الصفحات
وتتناول عبور درويش في قصائدها الى جاتب القضايا الوطنية، الاوضاع السياسية والمسائل الاجتماعية، والاخلاقيات والفضائل والقيم الانسانية التي تتهاوى، عدا الرثاء، وغير ذلك من الشعر الهادىء المتسم بالصدق العفوي ورقة المشاعر والرؤى البعيدة.
واللافت في كتاباتها مهارتها الوصفية شعريًا في نقل صورة امينة لما يحدث ويجري في الواقع من آفات اجتماعية وأعمال عنف وقتل يومي، وما يجيش في الصدور والنفس البشرية التواقة للخير والمحبة والتسامح والعدل الانساني، وتطالب باعادة حساباتنا ، فلنسمعها تقول وهي تتساءل : لماذا قتلت بيان وهي ما زالت تحبو نحو عقدها الأول:
يا من حملت السلاح بيدك
وبين اضلعك كانت الضغينة
تخفق بالوريد والشريان...
هل لك أن ترجع عقارب الزمان....؟
هل بامكانك أن تعيد طفلة دثرت بالتراب والأكفان؟؟
ترو يا بن هذا الجيل ...
لا تسلبهم الطمأنينة والأمان ا
أما أثقل جيبك هذا السلاح ...؟؟
ألم تثقل مسامعك أنات الأمهات...؟؟؟
أما آن لهذا العنف أن يندحر؟؟؟
ولعل الروح الانسانية باجمل صورها، تتجلى عند عبور في قصيدتها " أماه " الزاخرة بكل مشاعر الحب واسمى معاني الوفاء والاجلال والتقدير لنورالكون، أمها الغالية التي وهبتها من عمرها النضارة والنقاء الروحي، وعلمتها مسك القلم، وقيمة المعرفة، وأهمية القلم، فتناجيهاةة في يوم عيدها:
على مشارف عيدك
واقفة أنا
حائرة خائرة القوى
ةأيا نور الكون..
يا من حملتني
بين أجفان الطمأنينة
ووهبتني من عمرك
نضارته ورحيقه
يا من جزأت من اجلي
ثواني الزمن ولحظاته
وأزحت عن دربي
أحجاره وعثراته
اعدذريني
لا تضيع مني أزاهير اللغة
في حضرة الأمومة
يا رفيقة الدرب
دعيني ألملم
ما هدر من لحظات عمرك في تربيتي
وأسكبه تعاليما في كتاب الحياة
وتبعث عبور درويش بنداء لشاعر الوطن والانسانية سميح القاسم، وتناديه بكل ما في داخلها من احساس ورهافة وشفافية قائلة:
يا سميح القاسم
قم لنرسم معا قوس قزح
اصرخ بوجه آلامك
وعد لتكمل القصيدة
قاوم لاجل من
يبكون ويصلون
حتى تعود
لأجلنا -
لاجل الوطن
انهض لحبيبتك العذراء
عد للرامة للجليل
والجولان
تناديك قدسنا
عد لتربت على كتف الوطن
قبل أن يعلو بكاء الرجال الرجال
وقبل أن يوغل صمت النساء النساء
عد لكتاباتك
عيور درويش لها مخزون من الموضوعات والموتيفات المختلفة، وما تكتبه هو قطعة من ذاتها، واسلوبها الكتابي مؤثر ورمزي، وهي تميل الى الكتابة الطويلة والاسترسال، وليس الى الومضة التي تسم الجيل الشعري الجديد، وهذا يدل على نفسها الشاعري وقدرتها على مداعبة الحروف، ودغدغة الكلمات.
إنها شاعرة واعدة تحث الخطى على درب الشعر والابداع بكل ثقة وايمان برسالة الأدب الملتزم المنحاز لنبض الناس والشارع.
فاجمل التحيات لعبور درويش، متمنيًا لها مستقبلًا شعريًا جميلًا، وقدمًا الى الامام وبلوغ الهدف المبتغى والمنشود.

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان alarab@alarab.com 


مقالات متعلقة