الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 00:02

جمهورية إيران الإسلامية

بقلم: حازم القواسمي

حازم القواسمي
نُشر: 14/03/21 02:02

لم يرق للإيرانيين حكم الشاه محمد رضا بهلوي الذي كان دكتاتوريا مخابراتيا يشوبه الظلم والفساد والارتباط العضوي مع الغرب الاستعماري خاصة مع الولايات المتحدة التي خذلت الشاه في آخر حياته ولم تستقبله بعد أن تم طرده من إيران فور اندلاع الثورة الإيرانية الشعبية في 16 يناير 1979. وعلى أثر تلك الثورة، رجع المرجع الديني وقائد الثورة روح الله الخميني من مقر إقامته قرب العاصمة الفرنسية باريس لينشأ جمهورية إيران الإسلامية الشيعية ويصبح مرشدها الأعلى لمدة عشر سنين حتى وفاته. وكان يلقب بالإمام الخميني أو آية الله خميني. ومنصب المرشد الأعلى هو منصب يستمر مدى الحياة ما لم يحل حائل دون قيامه بمهامه، وهو أقوى نفوذ سياسي في إيران، وتشمل صلاحياته تعيين أعلى المناصب في الدولة بما فيها رئيس الجمهورية المنتخب وقيادات الجيش ورؤساء الجهاز القضائي.

إيران، التي كانت تعرف باسم بلاد فارس حتى عام 1936، ولغتها الرئيسية الفارسية، يصل عدد سكانها إلى حوالي 80 مليون نسمة، أغلبيتهم من المسلمين الشيعة، بينما يشكل السنة حوالي 10% من المسلمين في إيران. كما أن هناك أقلية مسيحية وأقلية يهودية. كما يوجد في إيران الديانة الزردشتية (أو كما يسميها البعض المجوسية) وهي معترف بها بشكل رسمي، أما البهائية فهي موجودة ولكن غير معترف بها ويتم مواجهتها والتضييق على أتباعها. ولكن بالرغم من وجود عدد من الديانات، لا يُسمح إلا للمسلمين الشيعة بتولي المناصب السياسية المهمة ومفاصل الدولة. وبينما يمارس السنة شعائرهم بحرية ومساواة إلى حد كبير حسب المادة 12 من الدستور الإيراني، إلا أن المساواة ليست حقيقية عندما ننظر إلى التطبيقات العملية. ويسمح للمسيحيين الإيرانيين بممارسة طقوسهم بكل حرية، إلا أن على المرأة المسيحية مراعاة قواعد السلوك العامة. وهناك عشرات الكنائس والمدارس الخاصة والمراكز الثقافية المسيحية. ويسمح بطباعة الإنجيل وتداوله ولكن ليس للتبشير. ويتفق الكثير على عدة أوجه للتفرقة وعدم المساواة والإقصاء بين المواطنين الإيرانيين، فهناك من يقول بأن الإقصاء يعتمد أكثر على الانتماء المذهبي، إلا أن هناك من يدعي أنّ الإقصاء يعتمد في معظمه على الانتماء العرقي في الأساس مثل المجموعات الإثنية غير الفارسية من البلوش والأذريين الأتراك والأكراد والأهواز العرب والتركمان وغيرهم.

يواجه وضع الحريات وحقوق الإنسان في إيران انتقادات شديدة عالمية. فبالرغم من وجود الانترنت والفضائيات، إلا أنّ السلطات الإيرانية متهمة بقمع حرية التعبير وحرية التجمع وتكوين الجمعيات أو الانضمام إليها. وهناك تقارير من مؤسسات حقوقية مثل آمنستي وغيرها تتهم إيران بالاعتقالات التعسفية والتعذيب في السجون وحبس الصحفيين والاعتداءات على المعارضين السياسيين وغيرها من صنوف التقييدات على الحريات العامة وحقوق الإنسان الأساسية التي تنص عليها مواثيق الأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي. وتدافع إيران عن تعدياتها على بعض أوجه الحريات بأنها غير ملزمة بتفسيرات الغرب لحقوق الإنسان، فما هو مسموح في الدول الغربية المسيحية ليس شرطاً أن يكون مسموح في دولة إسلامية شيعية. وتبرر انتهاكها للحريات في كثير من الأحيان كرد على المؤامرات المحاكة ضدها من الدول الاستعمارية الصهيوأمريكية. وما من شك أن هناك العديد من الدول التي تتربص بإيران مثل أمريكا وإسرائيل، إلا أنّ استقرار إيران وتطورها قد لا يقف عند تلك المؤامرات. فالجمهورية الإيرانية الإسلامية تقوم على أساس قيادة المرجعيات الدينية الشيعية، وكل ما عدا ذلك يتبعها وهو دونها. وتدعي إيران أنها تطبق الاحكام الشرعية للدين الإسلامي، بينما يختلف معها فقهاء السنة في كثير من تفسيراتها وسبل تطبيقاتها لشرع الله الإسلامي. ووصل حد الاختلاف ذروته بعيد نشأة الجمهورية الايرانية إلى حرب شيعية سنية لمدة سبعة سنوات مع العراق. وما زال الخلاف حتى اليوم محتدا بين السنة والشيعة، ومنبع ذلك الخلاف محاولة إيران في التوسع الشيعي ونشر مذهبها في العديد من الدول العربية مثل لبنان واليمن والعراق وسوريا وغيرها، ومحاولة فرض سيطرتها وبسط نفوذها والتدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية. لقد قامت إيران على أساس أنها دولة دينية شيعية، ومن الصعب أن تتخلى عن إقحام الدين والمذهب في قيادة الدولة داخليا أو في سياستها الخارجية التوسعية. ولهذا من الصعب أن تتحول إيران إلى دولة مدنية علمانية في المدى المنظور، تعامل فيه جميع مواطنيها على أساس المساواة وعدم التفرقة بسبب الدين أو المذهب أو العرق.

مقالات متعلقة