الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 13:01

قراءة الماضي لتحليل الحاضر واستقراء المستقبل - لا تضيعوا اربع سنوات قادمة بيوم!

بقلم: د.سلام قدسي

د. سلام قدسي
نُشر: 01/03/21 14:54,  حُتلن: 20:49

رئيس الحكومة بيبي نتنياهو محاط باستراتيجيين يتدارسون نبض الناخب الإسرائيلي اليهودي يوميًا، ويضعون على طاولته سيناريوهات محتملة على ضوء الاستطلاعات والمستجدات والمؤشرات المحتلنة، وهو يقوم بالاستماع إليهم فبفضلهم بقي في الحكومة 11 سنة متتالية، وهي سابقة في تاريخ الدولة. بيبي نتنياهو يستغل سلطته التنفيذية بحنكة لتثبيت نفسه كرئيس وزراء ورئيس لحزب الليكود الذي يسيطر على وزارات حيوية من مالية وصحة، لكن الأخطر في هذا المقال هي وزارة الأمن الداخلي والشرطة. فمثلا صرح الضابط العام للشرطة (كوبي شبتاي) قبل أيام بالحرف الواحد في الإعلام العبري: " شرطة إسرائيل تعمل وفق تعليمات الحكومة" (משטרת ישראל פועלת בהתאם להנחיית הממשלה).

هدف النجاح المعلن عند بيبي نتنياهو الحصول على ثلاثين مقعدا كحد أدني لحزب الليكود وحصول أحزاب اليمين المؤيدين له على اغلبية في الكنيست (61 مقعدا وما فوق) لتشكيل حكومة متجانسة. استطلاعات الرأي الى اليوم اعطته بالمعدل 28 مقعدًا وهي دون تطلعاته.

السيناريوهات التي وضعت على الطاولة:

السيناريو الأول: إدارة جائحة الكورونا والتطعيمات والمساعدات المالية. الخطة فشكلت ولم تحقق لنتنياهو هدفه فجاءت آراء الناس متباينة ولم تزد من شعبيته.

السيناريو الثاني: برم اتفاقيات سلام مع دول عربية جديدة. أيضا لم تحقق له الهدف ولم تزد شعبيته.

السيناريو الثالث: مغازلة الناخب العربي والدخول الى البلدات العربية والإعلان عن تعيين وزير عربي في حكومته القادمة. أيضا هذه السناريو لم يحقق الهدف، بل جاء بنتيجة عكسية. وهذا مؤشر لسيناريو عكسي محتمل سأوضحه حالا.

استمر الاستراتيجيون في البحث والعمل ليل نهار للتوصل الى سيناريوهات جديدة معقولة لحل رموز معادلة الـثلاثين مقعدا واغلبية مؤيدة، دون اللجوء إلى سيناريوهات استوائية متطرفة، لكن على ما يبدو انهم في ازمة حقيقية.

ثمة سيناريوهات قديمة تم تفعيلها من قبل في انتخابات سابقة مثل توجيه ضربة في إيران، او سوريا، او لبنان، او غزة او اغتيال شخصية بارزة. لكن مثل هذا السيناريو شبه مستحيل في هذه الانتخابات لان الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة (بايدن) تمر في فترة الـ 100 يوم الأولى التي تعتبر فترة انتقالية. كما ان وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس، رئيس حزب كاحول لفان معارض وغريم سياسي لنتنياهو ولن يسمح له باستخدام مثل هذا السيناريو الذي من شانه ان يقويه في أوساط اليمين.

على الاغلب لم يبق أمام الاستراتيجيين الذين لا ينامون الليل والنهار الا سيناريو واحد ووحيد، من شانه ان يقوي اليمين. وهو سيناريو كبش الفداء العربي الذي يمثل في وجدان الناخب اليهودي اليميني الامتداد والخطر العربي.

جذور هذا السيناريو تعود لتجربة انتخابات الكنيست التاسعة عام 1977 ونصر الليكود وتحقيق الانقلاب الكبير. فلأول مرة بتاريخ الدولة ينتصر الليكود على المعراخ (العمل). ويصبح مناحيم بيجن رئيسًا للحكومة.

كانت أحداث يوم الأرض في العام 1976 أي قبل عام واحد فقط من الانتخابات قد علقت في أذهان الناخب اليهودي الذي خاف من العرب واتجه نحو اليمين نافرًا عن حزب العمل الذي بدأ يتجاوب مع الضغوطات الأمريكية للتفاوض مع منظمة التحرير الفلسطينية. في انتخابات العام التالي تحطم حزب العمل أمام الليكود فاقدًا 19 مقعدًا عن الانتخابات السابقة بينما حصل الليكود على 43 مقعدًا كانت كفيلة بتشكيل ائتلاف حكومي يميني.

بالمقابل تعزز الحزب الشيوعي- الجبهة من أربعة مقاعد في انتخابات عام 1973 الى خمسة مقاعد عام 1977، شغرها النواب الشيوعيون: مئير فلنر، شارلي بيطون، افراهام لفيبراون، توفيق زياد، توفيق طوبي.

المعادلة واضحة والاستراتيجيون منتبهون لها: 19 مقعدًا يمينيًا إضافيا مقابل مقعد عربي واحد في حال استثارة اليمين بالتلويح بالخطر العربي القادم.

هذه الاستراتيجية استخدمها بيبي نتنياهو في انتخابات عام 2015 حينما ظهر في فيديو يخيف المصوت اليهودي بان العرب يتدفقون للصناديق.

السيناريو الموضوع حاليا على طاولة بيبي نتنياهو- تشويه صورة قيادات الجماهير العربية واظهارها على انها قيادات محرضة وداعمة للعنف.

من المتوقع ان نرى استفزازات علنية في الأيام القريبة مثل هدم بيوت غير مرخصة.. سيتم تزويد الشرطة بمعدات تكنولوجية متطورة لتوثيق وتصوير الاحداث، ستستخدم لإثارة الرأي العام اليهودي بان العرب هم من افتعلوا الأحداث، بينما الشرطة ردت ودافعت عن نفسها. في هذا السيناريو لا وزن للرأي العام العربي، لأن مقابل كل مقعد عربي سيحصل اليمين لا سيما المتطرف على مقاعد عديدة بسبب الفرق في نسبة السكان لصالح الأغلبية اليهودية كما حدث عام 1977.

سيتم اظهار القيادة العربية على انها قيادة محرضة مهددة للأمن العام كما حدث في انتفاضة الأقصى عام 2000. في سيناريو أكثر تطرفًا من المحتمل خروج الأحداث عن السيطرة وسقوط ضحايا.

نتيجة الأحداث المحتملة قد يحقيق بيبي نتنياهو هدفه بعبور حاجز الثلاثين عضوًا وحصول اليمين على اغلبية لتشكيل حكومة برئاسته دون تناوب. بالمقابل قد يحصل العرب على مقعد او اثنين إضافية عن الاستطلاعات التي نشرت حتى اليوم.

نحتاج الى قيادة حكيمة تستطيع ان تحمي شعبنا من مثل هذا السيناريو الذي يحاك لنا. وإعداد سيناريو بديل لحماية شعبنا وعدم جره الى احداث دامية.

أنا متفائل بقدرة قيادتنا على التفكير بعقلانية وعدم الانجرار الى سيناريوهات انتخابية ، وقدرتنا معا على قلب السحر على الساحر لحماية مستقبل أولادنا وشبابنا.
لا تضيعوا 4 سنوات قادمة بيوم!

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com 

مقالات متعلقة