الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 09:02

جاهلية جديدة بغطاء إسلامي

بقلم: أدهم إبراهيم

أدهم إبراهيم
نُشر: 06/02/21 10:22

هناك تيارا اسلاميا يعتقد باننا من دون حضارتنا العربية الاسلامية في جاهلية، وبها نقود العالم . ومن دونها سنعود الى الجاهلية الاولى . وبهذه الحضارة سنتخلص من جاهليتنا الجديدة .

وقد نسي من يتبنى هذا الاعتقاد ان الحضارة العربية الاسلامية قد شاخت وذبلت نتيجة ركود الفكر وجمود العقل في اواخر ايامها . واننا لايمكن ان نبني حضارة جديدة من حيث ماانتهت لاننا في هذه الحالة سنعود الى نفس صيغتها القديمة التي شاخت . ولذلك نحن بحاجة الى تجديدها باخذ مشعلها من الحضارة الانسانية الحالية ، والبناء عليها من القيم العليا التي ولدت هذه الحضارة .

ان الجاهلية الجديدة ناتجة عن استحضار الجاهلية الاولى ، في الثبات على تقاليد الاباء والاجداد ورفض التجديد ، نتيجة الجهل ، وسيادة الفكر القبلي ، ووأد المرأة .

كما تفعل بعض الانظمة والحركات العربية والاسلامية الآن . فانظر الى افغانستان التي وأدت المرأة اجتماعيا وثقافيا ، ومنعت النساء من التعليم والثقافة . وانظر الى داعش الذي حطم الاثار بدعوى كونها تماثيل . او دعوات بعض الوعاض بتحطيم الاهرامات في مصر . وهم نسوا او تناسوا ان هذه الاثار كانت موجودة عند الفتوحات الاسلامية ولم يتعرض لها المسلمون الاوائل لانهم كانوا رسل حضارة انسانية لا بدع وفتاوي متخلفة جاهلة .
هذه هي الجاهلية الجديدة التي اتخذت الاسلام غطاء لها ، نسخة مكررة من الجاهلية الاولى ، ولكنهم مازالوا في غيهم يعمهون .

ومن الجاهلية الجديدة الدعوة للقضاء على مايسمونه الطابور الخامس ، ويقصدون به مواطنيهم ، بحجة انهم خط الدفاع الاول عن العدو . .
وهذا ماكان سائدا في الجاهلية الاولى فقد كانت القبائل تقاتل بعضها بعضا ، في حالة من الفوضوى يرثى لها . وما اشبه اليوم بالبارحة ، حيث نقتل بعضنا بعضا ، متجاهلين اعداءنا . ولا نعلم متى سنقضي على (الطابور الخامس) للتفرغ للعدو .
ان نظرية تصفية المواطنين (الكفار) بدأت في الجزائر في تسعينيات القرن الماضي ، حتى تكبد الشعب الجزائري مئات ألآلاف من الضحايا . وهذا ماشاهدناه في سوريا ، وفي دولة الخرافة "داعش" في العراق التي شملت جرائمهم كل فئات المجتمع ولم يفرق " المجاهدون المسلمون " بين الشباب والشيوخ أو النساء في كرنفالات القتل والتعذيب ، تحت اصوات التهليل والتكبير . وهم يستندون على الفتاوى التي تبيح لهم مالايباح .

ومازال إصدار الفتاوى مستمرا حتى وصل عددها عام 2018 الى مايقرب من مليون فتوى !
وهذا يعكس حالة الجهل والجمود الفكري عند العرب والمسلمين ، وحاجتهم الى الوصاية والهيمنة على الفكر والسلوك . دون اعمال الفكر .
فالحق بين والباطل بين .

وقد وصلت الفتاوي المتهافته الى حد تحريم ملامسة بعض أنواع الفواكه والخضروات من قبل النساء بدعوى اثارتهن جنسيا !

وهكذا تواترت الفتاوى الدينية التي تقلل من قيمة المرأة وتختزلها في الجانب الجنسي ، ووصفها بالعورة .

اضافة الى تحريم الفنون بكل أشكالها من الموسيقى والمسرح والنحت وباقي الفنون التشكيلية .

وهم كذلك يؤكدون تمسكهم بمفاهيم انكار الآخر ، وانعدام التعايش مع فئات عديدة من المجتمع ، من خلال التعنت بافكارهم المتخلفة والدفاع عنها باستماتة .

ان التحديات التي تواجه العرب والمسلمين في العصر الراهن تكمن في الجهالة والتجهيل . واتخاذ الدين وسيلة للسيطرة على العقول والسطو على حرية الفكر .
وقد جعل المتطرفون من الأرهاب وسيلة لتحقيق أغراضهم في اشاعة الخوف الذي ولد رد فعل سئ لكل ماهو اسلامي لدى شعوب الارض كافة .

ويبدو ان مبادئ الأسلام الحقة التي تستند على القيم العليا مثل التعاطف والتراحم والتسامح قد نسيت .

وبعد هذا كله اما آن الآوان لمراجعة انفسنا وسلوكنا وثقافاتنا التي تكرس التفرقة وتشيع روح الكراهية للاخرين . لنتخلى عن الصدأ الذي طرأ على الإسلام الحقيقي نتيجة فتاوي التحريم والتحليل على مدى عقود طويلة ، وندعوا الى التجديد والتحديث في كل مايتعلق بفهم الشريعة وتفسيرها الخاطئ .

ان تكفير الآخرين ، والاحجام عن التماهي مع الحضارة بدعوى التشبه بالغرب ، تعد من اكبر العقبات امام اي اصلاح او تحديث .
وتجعل مجتمعاتنا العربية والاسلامية تغوص في مستنقع الجهل والتخلف ، وتحبط اي محاولة للتقدم والتجديد ، وتقف حجر عثرة امام الانفتاح على شعوب العالم المتحضر .

ان الجاهلية الجديدة تكمن في كل ما يفعله الاسلاميون الجدد بمجتمعاتهم من تخريب وتحريض على القتل والذبح ووأد النساء اجتماعيا . استجابة لتفسيرات عقيمة وفتاوي خاطئة .
وهي بذلك تعيد نفس طباع الجاهلية الاولى ، وتتسم بصفاتها في الجمود والتخلف ، والاستسلام للواقع المزري .
ولذلك فاننا بحاجة الى ثورة اخرى في وجه الجاهلية الجديدة . كما جاء الاسلام ثورة على واقع الجاهلية الاولى .
وبعكسه فان توجهاتنا وافكارنا المتخلفة ستكون عائقا امام تقدمنا اسوة بشعوب الارض . وسنذهب الى الانقراض والابادة اذا لم نستجب لمتغيرات الحياة الجديدة وهذه من سنن الحياة.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة