الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 08:01

عن تجربة السورية جدعة أبو فخر والوطن في قصيدتها/ شاكر فريد حسن

شاكر فريد حسن
نُشر: 03/02/21 08:56,  حُتلن: 09:00

يعج المشهد الثقافي والأدبي السوري المعاصر بالأسماء الشعرية النسوية الجديدة ، منها الشاعرة جدعة أبو فخر القادمة من عاصمة جبل العرب السويداء ، وتنتمي لعائلة معروفيه متعلمة ومثقفة ، ولها تاريخ نضالي ماجد ، وتعمل مدرسة للغة العربية .
تهوى جدعة أبو فخر كتابة الشعر منذ الصغر ، ولها الكثير من الخواطر والنصوص النثرية ، نشرت البعض منها في عدد من الصحف والمواقع الالكترونية ، وعلى صفحتها في الفيسبوك ، وساهمت في ديوان " ملوك الياسمين " مع مجموعة من شعراء وشاعرات سوريا الحبيبة ، وديوانها الشعري البكر لم يرَ النور بعد .
جدعة أبو فخر شاعرة متبتلة في محراب العشق للوطن السوري ، وانسانة عاشقة حد النخاع للوطن ، ملتزمة بقضاياه وهمومه وأوجاعه اليومية وأحزانه ومآسيه ، ومنحازة لسوريا وشعبها ، قلبًا وقالبًا .
إنها تعيش الحدث ، وتكتب قصيدتها من الأعماق بإحساسها الشاعري المرهف ، فتاتي عفوية صادقة . قصائدها ناعمة شفافة ، تحمل أبعادًا وايحاءات ودلالات واشارات عميقة متعددة ، وتغلف الرمز الشفاف بشعرية الاداء ، ولغتها الشعرية واضحة سلسة ممتنعة ، بعيدة عن الافتعال والإبهام ، نابضة بالحب والحياة والجمال ، وتتجلى في نصوصها الروح الوطنية العالية وكل معاني الوفاء والالتصاق بالثرى السوري ، وتتدفق صياغتها الشعرية كلحن سمفوني عذب يحمل طابع الشجن .
ونلمس في كتابتها طاقة إبداعية وقوة تعبير وتوصيف جميلة ، وهي لون من الكتابة النثرية المتوهجة التي أحسنت صنعها وأجادت فيها .
جدعة أبو فخر تتميز بأصالة وصدق الانتماء الوطني والقدرة على اجتراح الرؤى والأفكار والمعاني التي تنسجم مع نبضها وإيمانها ، فهي سورية الجذور والهوى والهوية ، وكتاباتها وطنية بامتياز .
تتناول جدعة أبو فخر موضوعات من قلب الحدث على أسس فكرية ومواقف سياسية وقومية عروبية ترتئيها وتؤمن بها وتجاهد في الذود عنها ، وتكافح لأجل تحقيقها . وهي تلفت الأنظار لصدقها في الاداء والتعبير عن مشاعرها واحاسيسها الوطنية ، وللعفوية والبساطة الآسرة التي تعلف بها نصوصها ، ولطاقتها الشعرية التي تتنفس من خلالها .
وفي جل كتاباتها نجدها شاعرة تتفاعل مع الحدث ، تعايشه بدقة ، تعانق الجرح وتسكن الألم ، وتجعل منه شعرًا ذا ملامح ومزايا إنسانية ، فتؤنسن الأشياء بلغة سلسة ، وبأسلوب بسيط سهل ممتنع ، وتبرز شاعرة الوطن والشمس المكافحة والمقاتلة بالكلمة والقصيدة في سبيل وطنها الجريح وغده الجميل .
فلنسمعها في قصيدة " في دمشق " ، التي ترسم فيها حلمها المشتهى باللقاء ، ونراها مسكونة بالهم الوطني العام ، منحازة لسوريا ودمشق ولشعبها وشهدائها وتاريخها ، ونحس فيها بروح وطنية وثابة ، دفاعًا عن الأرض السورية المجبولة بالحنين والدم والأفئدة التي تنتظر الخلاص والفرح القادم من بين ركام الحزن :
يمرّ السنونو حالماً بأطواق الياسمين
في دمشق
ينام الياسمين على صدر عاشق
لا يستكين
في دمشقَ
يأتي الخريف بلون الربيع
وخير الشتاء
بنكهة صيف جميل
***
وحدها دمشق
تزين الخريف
وحدها تجمع حبيبين حالمين
غارقين بين بردى و قاسيون
تعنيهم التفاصيل الصغيرة
وحدها
تربت على كتف عاشق أن أستفيق
ويبقى حالماً بالتفاصيل الصغيرة
بنكهة نبيذ عتيق
***
في دمشقَ وحدها
يرسم العاشق حلمه المشتهى بحبر اللقاء
فتولد القصيدة
نعم هذا يحدث في دمشقَ
وحدها
جدعة أبو فخر في تجدد دائم بين قصيدة وقصيدة ، في المبنى والمعنى ، في الحرف والمفردة ، ونلمس أن لها تجرتها وخصوصيتها في التعبير والتصوير والبوح ، وفي رؤيتها الممهورة بالصدق والحميمية والانتماء .
وفي الإجمال ، جدعة ابو فخر فارسة في محراب العشق الوطني والكلمة الوطنية الملتزمة الصادقة الهادفة ، ومقاتلة على درب الحرية لإنجاز المشروع الوطني القومي السوري ، متفانية في حمل الرسالة الوطنية دفاعًا عن بلدها ووطنها وسوريتها العزيزة على قلبها ، بوجه مؤامرة التفتيت والتفكيك الاستعمارية ، وهي كاسمها جدعة في التعبير والذود عن قضايا الوطن وهمومه .
تحية من القلب للصديقة الشاعرة ابنة جبل العرب جدعة ابو فخر ، وتمنياتي لها بالمزيد من الانتاج والعطاء والتجدد الشعري واغناء تجربتها وانضاجها أكثر ، وإلى الأمام.

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com

مقالات متعلقة