بعد حل الكنيست، والإعلان عن موعد انتخابات جديدة في الثالث والعشرين من شهر مارس/آذار المقبل، طرأت تغييرات على تركيبة بعض الأحزاب الصهيونية، كما تتعرض "القائمة المشتركة" لخطر انقسامها، إضافة إلى ظهور أحزاب عربية ويهودية جديدة، وتحالفات عربية ويهوديةـ.
ومن الأحزاب العربية، التي ظهرت على الساحة مجددا،ً وتريد خوض انتخابات الكنيست حزب اسمه "معاً..لعهد جديد" يرأسه الكسلاوي محمد دراوشة مع مجموعة أخرى من أكاديميين من مختلف مناطق الداخل الفلسطيني. القائمة التي ستخوض انتخابات الكنيست المقبلة باسم الحزب، تضم أسماء المرشحين الأربعة الأوائل فيها وهم: إيمان غرة الملك،الدكتورعلي الهزيل، محمد دراوشة وجريس مطر. وهي أسماء لم تكن معروفة من قبل في عالم السياسة على صعيد الكنيست، لكن البعض منها له نشاط على صعيد السياسة ال محلية ،مثل الدكتور جريس مطر، الذي كان رئيساً لمجلس عيلبون المحلي ومحمد درواشة الذي شغل العديد من المناصب الإجتماعية والأكاديمية: مدير مركز المساواة والعيش المشترك في مؤسسة جفعات حبيباه وعضو في هيئة معهد شالون هارتمان، وهو ناشط اجتماعي سياسي واقتصادي أدار مشاريع شراكة يهودية عربية عدّة، أدار حملات تشجيع التصويت في المجتمع العرب، وغيرها..
هذه الأسماء تحاول تجربة دخول عالم الكنيست، عسى أن تحقق برنامجها الذي يطالب مشاركة العرب في اتخاذ القرار، والتأثير لتحسين حالة المواطن وتقديم خدمات أكثر وحقوق أكثر للإنسان وللمجتمع وللمجالس المحلية. هكذا يقولون في برنامجهم.
في المؤتمر الصحفي الذي عقده محمد دراوشه عبر الزوم ونشر موقع العرب أهم تفاصيله في العاشر من الشهر الحالي، يقول دراوشة بالحرف الواحد:" أتينا لنكون بيتا سياسيًا بديلاً، وهدفنا النهائي هو أن نكون قائمة عربية يهودية مشتركة". أن تعملوا من أجل بناء "بيت سياسي" فهذا من حقكم وفهمنا ذلك، لكننا لم نفهم ما المقصود بكلمة "بديلاً". فهل المقصود بديل عن القائمة المشتركة مثلاً؟ إضافة إلى ذلك لم يعلن في القائمة عن أسماء يهودية أم أن ذلك سيأتي لاحقاً؟
يقول دراوشة: " لن ندخل في حكومة لا تضمن مسبقا سن قانون أساسي للمساواة لجميع المواطنين، واعتماد مبدأ المواطنة المتساوية كأساس لمجتمع مشترك بين العرب واليهود". يبدو أن دراوشة عنده فائض من التفاؤل: فإما أن يكون عنده ثقة بالنظام لتحقيق مطلب المساواة اعتماداً على "قانون الإستقلال" وإما أن تكون لديه سذاجة التصديق بالنظام . فالتعامل الرسمي من الدولة ومؤسساتها الحكومية إزاء المواطن منذ تأسيس الدولة، بندرج في إطار العنصرية المطلقة، ولا توجد أي مؤشرات تدل على إمكانية تغيير النظام لهذا التعامل. بل بالعكس من ذلكن فإن العنصرية تزداد اتساعاً وقانون القومية خير دليل على ذلك.
ثم يتابع دراوشة بالقول عن أهداف حزبه: " التأثير والشراكة الكاملة في اتخاذ القرارات من خلال الجلوس في الحكومة القادمة هو الهدف الذي وضعناه نصب أعيننا، ومنصتنا هي منصة اجتماعية اقتصادية و مصممة على معالجة المشاكل الملتهبة للمجتمع العربي". سامحك الله يا محمد على هذا الحلم. كيف يمكن لك أن تفكر بذلك وأنت في دولة غالبية سكانها اليهود وغالبية النظام فيها مع العنصرية نهجاً؟ أنا لا أمنع عتك حق الحلم، ولكن أعاتبك كيف يمكن لإنسان مثقف ملم بالشأن المحلي أن يفكر يوماً بانتزاع حق المساواة والتأثير في اتخاذ القرارات وهو في موقف الضعيف؟ وكيف لك أن تعالج مشاكل ملتهبة لمجتمعك وأنت في هذا الموقف؟
تعال معي لنفترض أن قائمتك عبرت نسبة الحسم (مجرد افتراض) فماذا تستطيعون فعله؟ أكيد لا شيء. آه يا محمد كم أن حلمك كبيراً عندما تقول:" ان الحزب يسعى ليكون جزءًا من الحكومة والتأثير والشراكة الكاملة في اتخاذ القرارات من خلال الجلوس في الحكومة القادمة هو الهدف الذي وضعه الحزب نصب أعينه"، هل نسيت يا محمد أن أي حكومة قادمة ستكون بدون شك (كما يبدو الآن ) يمينية السياسة والنهج. فهل تقبلون بأن تكونوا جزءأً من هكذا حكومة، هذا إذا وافقوا على دخولكم بها.
وقد لفت انتباهي قولك:" أيضاً نريد قطعة من الكعكة بطريقة شرعية ومتساوية، وطوال سنوات حكم نتنياهو لم يفعل ما يكفي لتعزيز المجتمع العربي في إسرائيل، وحتى تصريحاته الأخيرة لا تقنعنا."
أنت يا محمد في صدد بناء حزب عربي جديد لا تعرف بعد إذا كان بإمكانكم عبور نسبة الحسم، ولذلك من المبكر جداً أن تطالب وتشترط وكأنك في موقع قوة. والكعكة التي تتحدث عنها لا يمكن ولا بأي شكل من الأشكال أن يتم تقسيمها حسب طريقتك، بل فقط حسب الطريقة التي اتبعتها كافة الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة لغاية الآن، وهي الطريقة العنصرية. لكنك أيها المرشح المتفائل صدقت بقولك "نتنياهو لا يقنعنا". ولذلك لا تنتظر من الكعكة سوى "اللحسة" المتعارف عليها للعرب، فقط لا غير. نحن نتفهم جهودك من أجل "إنقاذ الزير من البير" ونتمنى لك التوفيق.
المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com
إقرا ايضا في هذا السياق:
- إسرائيل أمام مأزق دولي... سياسيون وجنرالات مهددون بالإعتقال | أحمد حازم
- قراءة في مقال مهند صرصور.. أين أخطأ وأين أصاب| بقلم: الإعلامي أحمد حازم
- قانونية دولية تحاكم إسرائيل... بنسودا إفريقية الهوية فلسطينية الضمير/أحمد حازم
- تحية للحراك الشبابي في ام الفحم| بقلم: الإعلامي أحمد حازم
- حماس وفتح في قائمة واحدة... تنازل تام لشروط عباس/ أحمد حازم
- القائمتان العربيتان أمام خيار صعب.. إما تسمية يميني أو البقاء في المعارضة| الإعلامي أحمد حازم
- جواسيس جدعون وعرب جيّدون.. كتابان وجهان لعملة واحدة/ أحمد حازم
- اعترافات خطيرة لشركة تلقيح بفايزر...هل نحن أرانب وفئران للمختبرات؟-الاعلامي أحمد حازم
- رسالة أخرى "للمشتركة الثلاثية" و"الموحدة"...ابعدوا فيديوهات ودعايات التجريح في منافساتكم| بقلم: أحمد حازم
- "نتنياهو بعرف يلعبها مزبوط"... هكذا يستغل الظروف لصالحه|أحمد حازم