الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 08:02

عيلوط الحزينة على (أحمدها)

بقلم أحمد حازم

احمد حازم
نُشر: 10/12/20 12:38,  حُتلن: 14:12

فتى في مقتبل العمر اسمه أحمد أبو راس، كان عمره 16 عاما، فتى في مطلع شبابه، كانت لديه أحلاماً مستقبلية فقضى عليها العنف في المهد. قتل بكل دم بارد. قالوا ان الذي قام بعملية قتله فتى من مجتمعه العربي وليس من أعدائه. وقالوا أنه وحيداً لأهله بمعنى أنه (الذكر) الوحيد. وحتى لو لم يكن كذلك وكان له مائة أخ هل ستكون المصيبة أخف؟؟ القتل هو قتل.


سمعت والد الفتى مجدي أبو راس وهو يتحدث في لقاء إذاعي عن ابنه، فانسالت الدموع على وجنتاي رغماً عني، ومن المستحيل أن يسمع الإنسان كلام الأب ولا تنهمر دموعه، هذا إذا كان لدى المستمع مشاعر وأحاسيس. سمعته كيف كان يتحدث عن طيبة وأخلاق المغدور به، سمعته كيف كان يوصيه بالإبتعاد عن الشر وعدم الإقتراب منه، فجاءه الشر وقضى عليه.


تحدث والد الفتى بصوت منخفض فيه حسرة وألم على (أحمده) الذي كان ينتظر بفارغ الصبر كل يوم وكل شهر حتى يكبر سنة أخرى، يكبر ويكبر ليصبح شاباً، لكن الله وضع حد لانتظاره، لتعرضه للقتل. كانت علامات القتل، كما قال والده، بادية على جسمه علامات تعذيب وضرب على الرأس والظهر والجانبين. وقد يكون (الفاعل القاتل) ، كما قال الوالد، قد استعمل جنزيراً حديديا أو حزاماً لضرب ابنه. هكذا يبدو من آثار التعذيب، إضافة لتقارير الشرطة التي تؤكد أنه تعرض للطعن، وقد يكون التعذيب قبل الطعن.


الشرطة تقول انه تم القبض على مشتبه بقتل الفتى أحمد أبو راس وهو أيضاً فتى في مقتبل العمر لم يتجاوز بعد أل 16 ربيعاً. يا إلهي(!!) كيف يمكن لفتى في عمر الورود أن يكون قاتلاً وهو على مقاعد الدراسة؟ كيف يمكن أن يكون فتى لم ير بعد محاسن الحياة من مساوئها أن يكون لديه هذا الحجم من العنف؟ ولكن مهما تكن الخلفية للقتل فلن تكون أبداً مبرراً . كان من المفترض أن يكون الإثنين في غرفة دراسة وليس واحداً معتقلاً والآخر بجوار ربه.
عيلوط حزينة.عيلوط كئيبة. نقول ان هذه مشيئة الله. نعم هذا صحيح. ولكن ماذا بعد؟ ألم يحن الوقت لنصحو ونعرف ماذا يفعل أولادنا. ألم يحن الوقت لنعطي أولادنا الوقت الكافي لحمايتهم من تأثيرات خارجية على مجرى حياتهم قد تزرع فيهم بذور الشر والرذيلة والإنحطاط والإنجرار وراء الفواحش؟ تعالوا نكون صريحين مع بعض: كم من الفتيان يخرجون مساءً ويعودون متأخرين إلى بيوتهم ولا أحد يسأل؟ وإذا سأل الأهل فالجواب يكون عادة:" كنت عند صاحبي". كم من الأهل يذهبون إل المدارس ويسألون عن سلوكيات أولادهم؟


المشكلة أننا نصيح ونصرخ، نثور ونهيج عندما نسمع بوقوع حالة قتل وبعدها نهدأ . وتظل هذه الحالات تتكرر دون التفكير بوضع حدود جذرية لها. ما جرى في بلدة كابول هو مثال على ذلك. قالوا: الحمد لله توصلنا إلى هدنة لمدة 14 يوماً. طيب يا جماعة وبعد الهدنة شو؟
لا أجوبة ولا حلول والوضع يسير من سيء إلى أسوأ. لمن نشتكي أمرنا؟ للشرطة المفترض أن تحمينا وتعاقب من يتسبب بالعنف؟ فهي غير مكترثة بنا لأننا درجة ثانية أو ثالثة ورابعة. هلى نرفع صوتنا لأعضاء الكنيست؟ لا يفعلوا شيئاً وكلهم منشغلون ببعضهم البعض في المناكفات وتبادل الرشق الكلامي. هل نشتكي إلى لجنتي المتابعة والسلطات المحلية فهما لا حول ولا قوة لهما يعملان ما يستطيعان.


كلمة أخيرة وصريحة. الفتى أحمد أو راس والفتى المتهم بقتله هما ضحيتان لمجتمع عربي لا تتعامل الدولة الموجود فيها بجدية لحمايته كما تتعامل مع المجتمع غير العربي فيها، وهما ضحية لمجتمع عربي تعجز قياداته عن إيجاد أدنى الحلول لدرء التهديدات الإجتماعية عنه.
رحمك الله يا أحمد وألهم ذويك الصبر والسلوان، وتعازينا الحارة لبلدة عيلوط.
إنا لله وإنا إليه راجعون

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة