الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 08:02

لماذا الرهان الفلسطيني على بايدن؟

بقلم:أحمد حازم

احمد حازم
نُشر: 09/11/20 11:41,  حُتلن: 18:35

يبدو واضحاً أن كل مشاكل العالم العربي مرتبطة بنتائج انتخابات الرئاسة الأميركية، لأن قرارات الأنظمة العربية السياسية الحساسة تم تجميدها إلى ما بعد الانتخابات، وكأن نتائج هذه الإنتحابات هي التي تقرر ماذا سيفعل حكام العرب مستقبلاً، أو أن الرئيس القادم هو صاحب القرار في الساحة العربية.
من غير المعقول، أن يعمل الحكام العرب على ربط مصير شعوبهم بالإنتخابات الأميركية، ومن غير المعقول أن يصل التفكير العربي إلى أن الديمقراطيين الذين يمثلهم بايدن هم أحسن بكثير من الجمهوريين الذين يمثلهم ترامب. صحيح أن دونالد ترامب قد أحدث ثغرات وفجوات متعددة وعميقة في العلاقات الدولية، وأن بايدن سيعمل حسب قوله على ترميم ما أفسده ترامب، بمعنى أنه قد يعيد أميركا إلى ساحات العمل الدولي الجماعي، بعد انسحاب ترامب من اتفاقية باريس للمناخ ومن منظمة (الأونيسكو) ومن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، ومن منظمة الصحة العالمية، وقد يعيد أيضاً الدعم المادي الذي كانت تقدمه الولايات المتحدة لوكالة "أنروا" الأممية الخصة بمساعدة اللاجئين الفلسطينيين، والذي قطعه ترامب، لكن بايدن سيظل مثل غيره من الرؤساء الأمريكيين يعمل ضمن استراتيجية تثبيت الهيمنة الأميركية الإسرائيلية.
الديمقراطي بايدن أعلن عن قائمة عمل في الأشهر الثلاثة الأولى من ولايته، والتي لم تتضمن القضية الفلسطينية، فهذه القضية أصبحت شبه معزولة ليس أمريكياً فقط بل وعربياً أيضا، بمعنى أنها لم تعد قضية العرب الأولى. حتى أن الشارع العربي الذي كان يراهن عليه في الأحداث أصبح مجمداً.
ومن الخطأ الإعتقاد بأن بايدن سيقوم بتغيير كل شيء فعله ترامب، باستثناء الأمور التي يوجد لبايدن مصلحة في تغييرها وتعود إيجابياتها للحزب الديمقراطي الذي يمثله بايدن. وعلى سبيل المثال لن يتراجع بايدن في موضوع مواصلة اعتراف دول عربية بإسرائيل ولن يتراجع عن الإستمرار في دعمها عسكرياً ومادياً، ولا ننسى أن غالبية اليهود في أمريكا وحسب الإحصائيات يؤيدون الحزب الديمقراطي.
الفلسطينيون عندهم كل الحق في مشاركة بايدن الفرحة في الفوز، لأنهم يكرهون ترامب بسبب الضرر الكبير الذي ألحقه بالقضية الفلسطينية، التي تعامل معها ترامب من باب "الزعرنة" السياسية على طريقة (الكاوبوي) وليس من باب الدبلوماسية مثل غير من الرؤساء الأمريكيين جمهوريون كانوا أم ديمقراطيون. ولذلك يراهن الفلسطينيون على بايدن، بأنه سيغير الوضع إلى الأحسن مع الفلسطينيين.
نحن لا ننكر أبداً أن بايدن أعلن في برنامج له، في شهر أغسطس/ آب الماضي، عن التزامه بـ "حل الدولتين"، ومعارضته كل الخطوات الآحاديةٍ الجانبٍ لتقويض هذا الحل، وكذلك معارضته التوسع الإستيطاني ولقيام إسرائيل بضمّ أراضي فلسطينية. وإعلانه أيضاً عن نيته إعادة المساهمة المالية الأميركية لوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا)، وإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن.
لكن يجب أن أن لا ننسى أبداً أن جو بايدن ، منذ أصبح عضوا في الكونغرس، عام 1973، ظل من أهم الداعمين لإسرائيل في الحزب الديمقراطي، وقد جاهر بالتزامه المطلق بأمن إسرائيل وتفوقها العسكري، وعندما كان نائبا للرئيس أوباما عمل بجهد كبير على رفع الدعم العسكري لإسرائيل إلى 38 مليار دولار، على مدار عشر سنوات بعد أن كان 30 مليارا.
يجب على العرب الذين يكرهون ترامب أن لا يتوهموا أن بايدن سيصبح حليفهم. في المناظرتين الأميركيتين بين ترامب وبايدن ركز الإثنان على عدة مواضيع رئيسية لكن الشرق الأوسط والتواجد العسكري الأميركي فيه لم يكن من ضمنها. في حملته الإنتخابية السابقة عام 2016 كان موضوع نقل السفارة الأميركية إلى القدس أهم موضوعين في الحملة، وقد صدق ترامب في وعوده لناخبيه بنقل السفارة. فهل سيتغير ذلك في عهد جو بايدن الحليف القديم لإسرائيل ويجرؤ على إعادة السفارة إلى تل أبيب؟
وفي نهاية المقال، أستذكر هنا قولاً للزعيم العالمي فيدل كاسترو. ففي انتخابات الرئاسة الأمريكية التي جرت عام 1960 بين المتنافسين نيكسون وكندي، سأل أحد الصحفيين كاسترو عمن يفضل من الإثنين أجاب : كلاهما فردتي حذاء لشخص واحد. صدقت أيها الراحل، وهذا ما ينطبق بالفعل على ترامب وبايدن.

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com

مقالات متعلقة