الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 28 / مارس 12:01

منصور عباس يغرد خارج سرب المشتركة

بقلم: أحمد حازم

احمد حازم
نُشر: 26/10/20 10:48,  حُتلن: 10:58

 قرأت بإمعان كبير مقالاً نشره "موقع العرب" في الرابع والعشرين من الشهر الحالي تحت عنوان: "يشوّهون صورتي للنيل من أسلوبي السياسي والإسلامي المختلف عنهم" كتبه الدكتور النائب منصور عباس الذي يمثل "الحركة الإسلامية الجنوبية" في الكنيست. أعترف بأني من متابعي وقراء كل ما يصدر عن عضو الكنيست عباس، من تصريحات وما يجرى معه من مقابلات. وأنا شخصياً لا توجد بيني وبين عباس القيادي في "الحركة الإسلامية الجنوبية" أية مشاكل شخصية، إنما فقط اختلاف في المواقف والمبدأ. وثمة أمر آخر: د.عباس تخرج من جامعة علمته كيفية معالجة الأسنان واللثة من الخلل والعفن، ولم يمتط حصان السياسة احترافاً بل على الأكثر هواية، وأنا تخرجت من جامعة علمتني الصحافة والمصداقية في العمل الإعلامي، والتحقت بقطار السياسة مهنياً وليس صدفة أو استغلالاً لظرف معين.
قد يغمز بعض الناقدين إلى متابعتي لعباس من باب السخرية، أو يعتبرونها خطأ، لكن "الإعتراف بالخطأ فضيلة". فأنا لا أتابع عباس على اعتبار أنه مفكر سياسي أو عالم شريعة، أو باحث له دراسات، إنما أتابعه لاكتشاف وإحصاء مغالطاته وأخطائه السياسية وتبيان عنجهيته في الحديث عن نفسه.
وبما أني من متابعي النائب عباس، فقد اكتشفت أنه استخدم صياغة "أسلوبي السياسي" مرات عديدة في االفقرات الأولى من مقاله، حتى أنه ذهب إلى أبعد من ذلك في العنجهية عندما أكد على ذلك في قوله:" أسلوبي السياسي الجديد وغير المألوف". وكأنه أدخل إلى المجتمع العربي أسلوباً جديداً مميزاً في عالم السياسة. ثم يتابع في نفس السطر: "بعض النقاط حول أسلوبي ". أليس هذا كبرياءً؟ فما هو هذا الأسلوب يا ترى؟ هل تعاطى عباس(مثلاً) مع "نتنياهو بأسلوب جديد استطاع من خلاله تغيير مواقفه العنصرية ضد العرب؟ عن أي أسلوب يتحدث؟ وهل مشكلتنا مع اليمن الإسرائيلي هي في الأسلوب؟
عباس يدعي في المقال و(بدون خوف) كما يقول" "بأنه يطرح أسلوبًا سياسيًّا مختلفًا وبراغماتيًا، يوازن بين الثّوابت والقدرة على التأثير". لكن عباس لم يشرح لنا كيف، بل قال: "أنّ هناك محاولة خبيثة تهدف إلى تشويه الحقيقة، وترويج لافتراءات تسعى لتفسير كلّ تواصل لي وجهد أبذله أمام متخذي القرار أو تحقيق أي إنجاز بأنه أمر مشبوه". د. عباس التف على "الحقيقة" وهو نفسه الذي يشوهها. فالذين يتخذون القرار هم مجموعة نتنياهو واليمين، وقد فسر عباس لقاءاته معهم (باعترافه) بأنها إنجازات. لكن نسي عباس أن هذه اللقاءات التي يتحدث عنها كانت نشاطات شخصية ولا علم للمشتركة بها، أي أن عباس غرّد خارج سرب المشتركة. تبريرات عباس لمواقفه أشبه بالجبل الذي تمخض فولداً فأراً.
يقول عباس في المقال:" إذا أردنا إحداث تغيير حقيقي ملموس لمجتمعنا فعلينا أن نكون مؤثّرين فعليًا على صناعة القرار". إذاً عباس بموقفه هذا يؤمن بأن التنسيق مع اليمين وهم صناع القرار يؤدي إلى نتيجة. فإذاً أين الفرق بين عباس وبين الأعضاء العرب في الأحزاب الصهيونية والذين لهم نفس الموقف؟
ثم يعود إلينا عباس في مكان آخر من المقال ويقول:" من دعائم أسلوبي المختلف عن الآخرين هو أنني لم أرث مفاهيم سياسية غير صحيحة". ولكن يا ريت يحدثنا عباس عن إرثه السياسي مهما كان شكله. فإذا كان يقصد إرث عائلي فليطلعنا عليه، وإذا كان يقصد "الجنوبية" بالإرث، فإن القاصي والداني يعرف الحقائق (وخليها بالقلب تجرح ولا تطلع برا وتفضح).
وفي مكان آخر من المقال يتحفنا عباس بقوله: "نهجي ينطلق من أنني لست في جيب أحد، لا يسار ولا يمين. بل بوصلتي هي جيب المجتمع العربي، أي الموارد والحقوق التي نستحقها". ودوري أن أعمل ما بوسعي لانتزاعها من خلال إتقاني لفنّ الممكن السياسي".
بوصلة عباس هي المجتمع العربي؟ لا لا مش معقول. هذا هو التناقض بحد ذاته. من جهة يؤيد عباس حسب أقواله، مبدأ التعامل اللين مع نتنياهو والتودد ‘ليه كونه رئيس حكومة،إذذ يقول في هذا الصدد:" نعم أسلوبي مختلف، فأنا لست من هواة الصراخ والاستعراض، بل أفضّل التعامل باحترام مع الجميع". لكن المجتمع العربي هو ضد نتنياهو وسياسته، فإذاً كيف يكون المجتمع العربي بوصلة عباس؟
سعادة النائب يتطرق إلى الخلافات بين ممثلي "الجنوبية" في " القائمة المشتركة" وبين الأعضاء الآخرين فيها، ويطرح قضايا عديدة أدت إلى هذا الخلاف الذي لا يزال قائماً حتى الآن . ويطرح عباس نفسه في المقال بأنه المنقذ لشعبنا، إذ يقول:" ودوري أن أعمل ما بوسعي من خلال إتقاني لفنّ الممكن السياسي". صحيح يا دكتور، أن السياسة فن الممكن، لكن الممكن له أيضاً أصول، والسير على الجثث بأي ثمن مرفوض مهما كان المقابل.
في نهاية مقاله يقول عباس: "من يحاولون التشهير وتشويه صورتي لن يتوقفوا". وأنا أذكر عباس في نهاية مقالي بمقولة لحكيم صيني:" إذا كان خصمك راض عنك فاعلم أنك تسير في الطريق الخطأ" فقل لي بربك يا سعادة النائب هل نتنياهو راضٍ عنك أم لا؟

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com     

مقالات متعلقة