الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 21:02

الرئيس الفرنسي المأزوم يتطاول على الإسلام -الإعلامي/ أحمد حازم

الإعلامي/ أحمد حازم
نُشر: 19/10/20 10:11,  حُتلن: 12:40

الرئيس الفرنسي ماكرون يبدو أنه يعاني من انفصام في الشخصية، لأنه لا يستقر على رأي واحد خصوصاً فيما يتعلق بالإسلام، وتصريحاته تشهد على ذلك. ففي العاشر من شهر يوليو/تموز عام 2018 أعلن ماكرون أمام البرلمانيين المجتمعين في فرساي غرب باريس، أنه “لا يوجد أي سبب على الإطلاق لكي تكون العلاقة بين الجمهورية والإسلام صعبة وسيتم وضع إطار وقواعد لتسيير شؤون المسلمين في فرنسا بالتعاون مع الفرنسيين المسلمين ومع ممثليهم”. لكن رأي ماكرون في الإسلام تغير كلياً فيما بعد، وأصبح من عداد السياسيين الأوروبيين الذين ينتقدون الإسلام بشدة بدون أدنى سبب، ليس في tرنسا فحسب بل وفي العالم أجمع.

ففي الثاني من شهر أكتوبر//تشرين أول الحالي ذكر ماكرون في خطاب له خلال زيارته لضاحية لي ميرو في باريس: "الإسلام يعيش اليوم أزمة في كل مكان بالعالم، وعلى فرنسا التصدي للانعزالية الإسلامية الساعية إلى إقامة نظام موازٍ وإنكار الجمهورية الفرنسية"، ما ورد في خطاب ماكرون لم يأت من فراغ، بل جاء تكملة لتحرك حكومي فرنسي ضد الإسلام بدأ قبل أيام من خطاب ماكرون. وقتها قال وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان في كلمة له إن بلاده "في حرب ضد الإرهاب الإسلامي".
لا أعرف كيف وصل الرئيس الفرنسي ماكرون إلى نتيجة مفادها "أن الإسلام أصبح ديانة تعيش في الوقت الراهن أزمة في كل مكان في العالم، وأن المسلمين في فرنسا يتبنون نزعات انفصالية ويلتفون على قوانين الجمهورية». لا ندري من أين أتى ماكرون بهذه المعلومة الكاذبة. لكن مجرد تركيزه على الإسلام سلباً فإن شيئاً ما يكمن في الكواليس، لأن ماكرون يعرف تمام المعرفة أن الإسلام ليس كذلك، فما الذي دفع ماكرون إلى اللعب بالنار من خلال مهاجمة الدين الإسلامي واختلاق مواجهة مع المسلمين؟
يقول المعلق السياسي في صحيفة "رأي اليوم" الصادرة في لندن، "أن هذا التّصعيد للكراهية ضدّ الإسلام والمُسلمين الذي يقوده ماكرون شخصيًّا يأتي تمهيدًا لتمرير قوانين وإجراءات ذات طابع عننصري ضدّ الجِيلَين المُسلِمَين الثّالث الرّابع في فرنسا، بعد الاعتِراف بفشل ما يُسمّى بالخطوات الإصلاحيّة لدمجهما في المُجتمع الفرنسي، مُضافًا إلى ذلك أن ماكرون يُحاول يائسًا استِعادة ما فقده من شعبيّةٍ أمام اليمين المُتطرّف، استِعدادًا للانتخابات الرئاسيّة عام 2022."
ولو رجعنا سنوات إلى الوراء، لرأينا أن الإحتجاجات القوية الكثيرة التي قامت بها حركة السترات الصفراء وقانون العمل لعام ٢٠١٧ ساهما في تقليل شعبية ماكرون ووضعه في مأزق، ولم يكن أمامه أي مخرج من هذه الورطة سوى اللعب بورقة الإسلام والمسلمين اعتقاداً منه بأن هذا الأمر سيساعده في انتخابات الرئاسة الفرنسية المقبلة. الرئيس الفرنسي يمر في أزمة سياسية مع الشعب، ولذلك ذهب بمشاكله الداخلية والخارجية ليضعها في باحة المسلمين، لأن هذه الطريقة بنظره هي الأنجع في الهروب من المشاكل. التي يواجهها ماكرون،
الرئيس الفرنسي ماكرون هو المأزوم، وجمهوريته الفرنسية التي يعتقد أنه يدافع عنها بهجومه على الإسلام هي المأزومة، وليس للإسلام والمسلمين علاقة بهذا. ماكرون يتبجح دائماً بالتحدث عن قيم الحرية واحترام التعددية التي هي كما يقول قيم الجمهورية الفرنسية. والغريب في الأمر أن ماكرون لم يحترم هذه القيم عندما هاجم المسلمين في فرنسا رغم أنهم جزءأً لا يتجزأ من المجتمع الفرنسي، الذي ينادي ماكرون باحترام التعددية فيه.
ماكرون يتهم المسلمين في فرنسا بتبني نزعات انفصالية والانعزال عن المجتمع.أي رفض الإندماج فيه، بالرغم مما تكرره قيادات المنظمات الإسلامية في أوروبا من حديث عن زيادة وتيرة الاندماج داخل المجتمعات الأوروبية، إلا أن ماكرون مصر على توجيه سهام النقد في استهداف واضح للإسلام بشكل عام وللمسلمين في فرنسا بشكل خاص بتهمة عدم الاندماج الكافي.
الباحث عمر المرابط، المحاضر بمعهد الدراسات الاجتماعية العليا في باريس ونائب عمدة مدينة "أتيس مونس" الفرنسية، " يرى ان ماكرون يريد من مسلمي فرنسا أن يذوبوا بحضارتهم ولغتهم وثقافتهم ودينهم في الثقافة الفرنسية". لكن رغبة ماكرون من المستحيل تحقيقها، بسبب تمسك المسلم بقيمه الإسلامية. والحفاظ عليها. ولأن هدف ماكرون طمس الهوية الإسلامية.
الإندماج يا "مسيو ماكرون" له أصول، وهو يعني العيش ضمن إطار الدولة وفق قوانينها مع احترام ثقافتها وقيمها، وليس التخلي عن قيم الفرد الشخصية وثقافته ولغته والذوبان الكامل والتام كما تريد أنت.

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com     

مقالات متعلقة