الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 12:02

الجامعة العربية واحتمالات تغييرها الى مقر عربي إسرائيلي- أحمد حازم

احمد حازم
نُشر: 02/10/20 09:50,  حُتلن: 10:20

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا حول له ولا قوة في هذا "الظرف التطبيعي". وكما يقول المثل الشعبي "ضربتين عالراس بوجعو". والضربتان حصلا من دولتين طالما تغنيتا يشعارات الدعم للفلسطينيين والوقوف إلى جانبهم. وما حصل هو العكس تماماً. صحيح أن الإمارات ساهمت بشكل كبير في تقديم الدعم المالي للفلسطينيين ولا سيما في دعم غزة وقامت بإعادة ما تهدم قيها من مستشقيات ومبان أخرى جراء الحرب الإسرائيلية عليها، لكنها في النهاية وضعت خنجراً في ظهر الفلسطينيين من خلال اتفاقية التطبيع مع إسرائيل. أما البحرين فإن مساعداتها كانت تقتصر على تقديم دعم متواضع للفلسطينيين في غزة وإرسال شحنات طبية خجولة.

لكن، كل هذا الدعم الإماراتي والبحريني يعتبر صفراً أمام ما فعله الفلسطينيون لهاتين الدولتين. فلولا المعلم الفلسطيني لما تعلم مواطنيها القراءة والكتابة وبقوا أميين، ولولا المهندسين والمقاولين والأطباء الفلسطينيين لما شهدت الدولتان نهضة عمرانية وطبية، أضف إلى ذلك الكم الكبير من المستشارين والموظفين الكبار الفلسطينيين في وزارات الإمارات والبحرين، وفي رئاسة مجلسي وزراء البلدين. حتى أن اليد العاملة الفلسطينية لها أيضاً بصمة في الحياة العامة في هاتين الدولتين الخليجيتين. ولو وضعنا ما قدمه الفلسطينيون للإمارات والبحرين من أجل تطويرهما في كفة ميزان، وما قدمته تلك الدولتان في الكفة الأخرى للفلسطينيين، لرأينا بكل وضوح أن الكفة الفلسطينية هي الراجحة.

الإمارات والبحرين لم تكتفيا بما اقترفت أيادي زعيميهما بن زايد وآل خليفة من تطبيع مجاني مع إسرائيل لخدمتها وخدمة الصهيونية بشكل عام، بل عملتا بدون وازع ضمير داخل الجامعة العربية ضد كل اقتراح فاسطيني يتعلق بإدانة بالتطبيع. بعد الإعلان عن التوصل لاتفاق إماراتي إسرائيلي برعاية أمريكية لتطبيع العلاقات بين البلدين، طالبت القيادة الفلسطينية بعقد اجتماع عاجل لجامعة الدول العربية على صعيد وزراء الخارجية،لبحث هذا الاتفاق. الأمين العام للجامعة وهو المصري أحمد أبو الغيط رفض الطلب الفلسطيني باجتماع طاريء لبحث الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي.،لكنه دعا إلى اجتماع عادي.

تصرف أبو الغيط لم يكن مستغرباً. فهو سياسي مصري ينفذ سياسة رئيسه السيسي الذي ينفذ بدوره كل ما يطلب منه من دول خليجية مسيطرة في جامعة الدول العربية مثل السعودية والإمارات. والدليل على ذلك، ما أكده لي شخصياً د.واصل أبو يوسف عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية في مكالمة هاتفية، إن "الاتفاق الإماراتي الإسرائيلي كان يستوجب عقد اجتماع طارئ بدل تأجيله لاجتماع عادي، وموقف الجامعة العربية هو موقف متخاذل"، لكن لماذا رفض أبو الغيط الطلب الفلسطيني؟ محللون سياسيون يرون أن أبو الغيط تلقى أوامر من السعودية والسيسي، بوقف كل مشروع قرار حول اتفاق التطبيع خلال اجتماعات الجامعة العربية، وهذا ما جرى بالفعل. فقد أكد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، إن وزراء الخارجية العرب أسقطوا، مشروع قرار فلسطيني بإدانة تطبيع العلاقات مع إسرائيل لغياب التوافق.

وبما أن فلسطين هي الحلقة الأضعف في الجامعة العربية، طلبت من أبو الغيط أن يعمل على الأقل على أن يتضمن البيان الختامي ضرورة الالتزام بالمبادرة العربية لعام 2002، والتي تربط التطبيع بالإنهاء الكامل للاحتلال الإسرائيلي، والالتزام بحل الدولتين، ومبدأ الأرض مقابل السلام. لكن بعض دول الجامعة المتنفذة واجهت هذا الطلب بالرفض، ولم يتضمنه البيان الختامي.

لكن، ماذا عن ردة فعل الإمارات والبحرين لو أقدمت فلسطين على وضع بند رفض التطبيع على هامش الدورة العادية لجامعة الدول العربية؟. تقول المعلومات المتوفرة، ان الإمارات هددت بالانسحاب من اجتماع الجامعة بعد تقديم السلطة الفلسطينية مشروع قانون يرفض التطبيع الإماراتي الإسرائيلي. كما أن البحرين ذهبت في اتجاه آخر لا يقل خطورة عن تهديد الإمارات. فقد هددت بوضع بند من طرفها لتأييد التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وتشجيع صفقة القرن.
أحمد أبو الغيط، كان في منتهى الوضوح في ميله تأييد التطبيع الإماراتي البحريني الإسرائيلي، عندما قال خلال اجتماع الدورة العادية الـ154 لمجلس الجامعة:" الدول العربية لديها الحق في رسم السياسة الخارجية التي تناسبها، وهو حق لا جدال فيه"


بعض الدول العربية المتنفذة رفضت إدانة الخروج عن مبادرة السلام العربية، وأسقطت قراراً لإدانة التطبيع، والأمانة العامة للجامعة العربية اتخذت قراراً بالتغاضي، وفشلت في إصدار قرار يدين تطبيع العلاقات مع إسرائيل، خلال الاجتماع الأخير للجامعة، وكان اجتماعا عادياً عقد على مستوى وزراء الخارجية، حيث رفض طلب فلسطيني بعقد اجتماع طاريء، وكأن التطبيع أمر بسيط لا يستأهل اجتماعاً طارئاً. فماذا نتأمل من هكذا جامعة دول عربية تمنع اتخاذ قرارات ضد إسرائيل.

ما جرى في اجتماع الجامعة العربية الأخير من مواقف سلبية ضد قضية فلسطين ومؤيدة للتطبيع مع إسرائيل، تعتبر الأولى في تاريخ الجامعة العربية. وما دام الأمر كذلك فعلينا أن نتوقع احتمالات مخيفة أخرى سياسياً قد تصل إلى حد المطالبة بقبول إسرائيل عضواً في الجامعة العربية وتحويل اسم الجامعة إلى البيت العربي الإسرائيلي، إذا استمرت دول الجامعة في التخلي عن القضية الفلسطينية والهرولة إلى التطبيع. وكل شيء جائز في هذا الزمن السياسي الرديء.

مقالات متعلقة