الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 02:01

تعالي نطير/ بقلم: يوسف حمدان

يوسف حمدان
نُشر: 22/09/20 17:44,  حُتلن: 06:46

حينما انبَلجَ الصبحُ من وجهِها
وعمّ ضَوْؤه سهرةَ المساءِ
كاشفاً تيهَ القَوَامِ في زَهْوِ اللباسْ..
تَيَقَّظَ النجمُ وازدهى، مع أنه
كان قبلَ بُرهةٍ يقاومُ النُعاسْ..
شاهدَ البدرُ وجهَها
فحاكَ هالةً لوجْهِهِ من نورها..
لمَّا مشَتْ على ضِفِة الغَديرْ
شاهدَ الخيْزرانُ قدَّها
فغارَ من خَصرِها الميّاسْ..
رأيتُها تسيرُ كالملاكِ
في حديقةِ الزُهورْ
وقفتُ لاهثاً من لهفةِ الأنفاسْ..
كأن عيني لم تشأْ،
قبل أن يسطعَ النورُ في مُقلَتيْها،
أن ترى في هذه الأرضِ ناسْ..
مذْ ساقت الريحُ أنوارَها
إلى ضِفّتي..
والتقينا صدفةً..
صارَ وجهُها كلَّ ما استولى
على كلّ الحَواسْ..
منذ التَقيْنا
أرسَلَتْ في الأرضِ جَذري
صارت بِدايةَ عُمري
وسقفاً يُظلِّلُ روحي
ورُكنَ الأساسْ..
***
تعالَيْ إن شئتِ
وإن شئتِ لازمي البعدَ عني..
في كِلتا الحالَتيْنِ
لن تخرجي مني.
فأنت من تزيّنَت بجِيدها الدُّرَرْ
وأنا صرتُ مسكوناً بكل ما يعِجُّ فيكِ
من تفاصيل الجمالِ والكمالْ..
وأنت دائما قريبةٌ مرئيةٌ
محسوسةٌ في الروح والنخاعْ
لا تذهبي!
لن تذهبي..
أحسُّ لمسةَ الهواءِ
عندما أراكِ في سَعْف النخيلْ..
أهيمُ في سِحر البهاءِ
عندما أراكِ في شمس الأصيلْ..
أذوبُ في عذوبةِ الأريجِ
عندما أراك في زنابق الجليلْ..
***
تعالَيْ نطيرُ معاً كزوجِ الحمامْ
نحلّق فوق الزهورِ
وفوق الزُّحامْ..
نشاهدُ عودةَ التلاميذِ
بعد الدوامْ..
نراقبُ النشاطَ في نبضِ البلادْ..
تعالَيْ نحطُّ معاً كموقِد نارٍ
ينوِّرُ ليلَ الحصادْ..
تعالَيْ نعيشُ حريقاً
ونبقى معاً
حينما نؤول إلى تربةٍ معجونةٍ بالرّمادِ..
ونصبحُ بعد حينٍ غِذاءً لنرجسةٍ
تُعطّر أجواء وادي.
***
بالأمسِ كنتُ موجةَ بحرٍ
تسيرُ مدفوعةً في كلّ اتجاهْ
منذ التقَينا
بِتُّ أعرفُ معنى الحياةْ..
صِرتُ أعرفُ كيف تطيرُ الفراشةُ
مشدودةً لومضةِ ضَوْءٍ
دون اعتبارٍ لاحتمالِ النجاةْ..
صِرتُ أعرفُ أن الحياةَ
إن خَلَتْ من الحُبِّ
تمْرةٌ خَلَتْ من النَّواةْ..
أدْرِكُ الآن أن ألأنامَ
يدينونَ للحُبِّ
بالبقاءِ على قَيدِ الحياةْ..
***
تعالَيْ..
تعاليْ إليَّ
بدون مركبةٍ
أو قطارٍ أو مطارْ..
تعالَيْ بلا دعوةٍ وانتظارْ
لنبني معا جَنَّةً صغيرةً
لأشِعَّةِ الشمسِ والفراشِ
للطيورِ والأزهارْ..
ونبني بها ملعباً للصِغارْ.

نيويورك

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com


مقالات متعلقة