الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الأربعاء 24 / أبريل 06:02

الشك، اليقين والثورة -جوليان عويد

جوليان عويد
نُشر: 14/09/20 13:35

على مرِّ العصور والعهود، صبَّت الشعوب جُلَّ جهدها في البحث عن الاجابة ولم تفلح ايٌ من سبلهم في التنبُّئِ بالمستقبل، فكم من مرَّةً إبتغيت بحرقةٍ لاذعةٍ جرَّ شريط حياتكالى الامام رويدةً فحسب لعلَّك تدري ما يجري بعد دقائق قليلة او ساعات الا ان الحياة قيدتك بسلاسلها الحديدية .


ان الشك واليقين دائرة لا نهائية، الا انه بحساب طول مسارك بامكانك تحديد نقطة التوقف. مما يعني انك بمجرد ايجاد الدلائل يمكنك التيقن بنتيجة المسبِّب لكن ماذا لو كانت مقلتا عينيك محصورتان في محجريهما؟ ان اليقين كاي صفة اخرى نسبية، واما النسبية فهي قانون الكون، إذ انه بقولنا ان فلان بديع الجمال فنحن بوعينا او بغير علم نقارنه بشخص اخر، وعندما نعتقد باننا طبيعيو الحجم، وان الجرذ صغير فاننا لسنا بطبيعيي الحجم، والجرذ ليس صغيرا، وما من كبير او صغير، الا ان الجرذ نسبة للبشر صغير، والبشر نسبة للجرذ ضخام. بمثل القضية عندما نقرُّ باننا على يقينٍ بالحدثِ  المرتقب فنحن نكون قد كدَّسنا ما يكفي من البراهين لتاكيد توقعنا مع التحفظ على كلمة يكفي، فبقولي كافية اعبر عن تفوق الدعائم عن النواكر نسبيًّا. فاذا ملات الدلائل خمسةً من افكارك والنواكر اثنتين من خانات ذهنك فان دماغك يتجاهل دليلي الرفض "ويتيقن"بما ارتقب. اما الشك فهي تلك الحالة عندما تختلف دلائل الاحقاق والانكار بما هو مهمل، وعندها ندخل في دائرة ماذا لو غير النهائية.
ان اعظم انواع الشك هي الثورة، والتي تُعرَّف على انها انتفاضة الشعب ضد فكرة ما، فالتشكيك في فكرة تجُرُّ الى التفكير، وان لم يتم قمع الافواه فان التفكير يؤدي الى التفوه، والكلام يؤدي الى التكاثف والفعل اخيرا، اي ان الثورة هي ثمرة الشك، والتي تؤدي الى انهيار السُلطة، وقيام حكومةٍ جديدة ذات نُظُم حكمٍ أُخرى (من سابقتها). بعد الاسقاط فان الدولة تكون هدفًا اكيدًا للحكام المستبدّين والدول المجاورة وغير المجاورة، ففي الثورة الفرنسية استغلّ نابليون بونابارت زعزعة نظام الحكم الفرنسي وسخّره ليوافق كونه دكتاتور فرنسا، وعندما ثار العرب في الثورة العربية الكبرى على الدولة العثمانية لتحلَّ عن منكبيهم انحدرت دفاعاتهم الحضيض لتنتهز بريطانيا نائبتهم وتدعم حرب 48 وتسلب العرب ارض فلسطين في سبيل اقامة وطن قوميٍّ لليهود. فهل الثورة فعلا هي الحل؟ هل نتيقن بامر الثورة؟ واذا ما شككنا في فاعليتها فما هو الحل اذا لمشاكل الشعب المقموعة؟
هذا ما سيجيبنا عنه التاريخ...
 

مقالات متعلقة