الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 11:02

نعود إلى إنسانيّتنا/ بقلم: الكاتب والأديب محمّد علي طه

محمّد علي طه
نُشر: 27/08/20 16:29,  حُتلن: 20:20

نسيرُ نحن العرب الفلسطينيّين في الجليل والمثلّث والكرمل والنّقب إلى الهاوية، وعربتنا بدون فرامل، مانحين العقل إجازة، وواضعين الحلم والصّبر في زنزانة، وقاذفين الثّقافة والحضارة والعلم على الرّصيف.

نسيرُ مخدّرين بثقافة القبيلة وشريعة عمرو بن كلثوم بألّا يجهل أحد علينا فنجهل فوق جهل الجاهلينا، ونعود خمسة عشر قرنًا إلى الوراء حاملين على أكتافنا أرواحًا بريئة زُهقت، ودموع أراملٍ سُكبت، وآهات يتامى احتُرقت، وتلويث الهواء والفضاء، وسرقة النوم من العيون المتعبة.
وأدنا الكلمة الطّيّبة وطلّقنا الحوار، وتنكّرنا لجادلهم بالتي هي أحسن، ونسينا القربى والنّسب والجيرة والعيش والملح، وأطلقنا الرّصاص الحيّ على إنسانيّتنا. الرّصاص الحيّ؟! كم مخادعٍ هذا التّعبير! لماذا لا نقول الرّصاص المميت القاتل سالب الحياة؟
الرّصاصة لا تقتل فردًا واحدًا. الرّصاصة تقتل أمًّا وأبًا وأخوةً وأصدقاء وزوجة وأبناء وبنات كما تقتل القاتل الذي سيعيش حياة لا تعرف راحة وأمنًا وفرحًا. الرّصاصة تقتل الحياة في البيوت والحارات كلّها.
أيّ شيطان هذا الذي يدفعنا إلى وضع اليد على الزّناد لنقتل الآخر وننحر راحتنا أيضًا؟

كلّما وقعت جريمة قتل في مدينة أو قرية شجبنا الجهل والتّهور وعبّرنا عن ألمنا وحزننا ولكنّني لا أفهم وقوع جريمة القتل التي تليها، هل حُزننا رياء وهل شجبنا نفاق؟
كيف ينسى المرء تعاليم الأنبياء والحكماء ويمحو السّور والآيات التي وردت في الكتب المقدّسة وعلّقناها على جدران البيوت؟
وباء العنف ينافس وباء الكورونا فنرتكب الجريمة تلو الجريمة ولا نميّز بين شابٍّ ومسّن أو بين رجل وامرأة أو بين قريب وبعيد.
هل سألنا أنفسنا من المسؤول عمّا يحدث لنا؟ هل هي تربيتنا أم هي عاداتنا التي نمارسها ملفعة باللاعقل؟
لماذا نرقص في أعراسنا وأفراحنا بالسّيوف؟ ولماذا نغنّي " يا هلا بالضّيوف بالرّماح وبالسّيوف"؟
لماذا نعلّم صغارنا مع حليب الأمّ أن يقولوا "أبّاه... أمّاه . . دبسه عصاه"؟ ولماذا نربّي أطفالنا "إللي ضربك اضربه"؟ ولماذا نقول: انا وأخوي على ابن عمّي، وانا وابن عمّي على الغريب؟
إلى متى نعلّق غسيلنا الوسخ على مشجب الشّرطة، التي لا أبرّئها، وكأنّها المنقذ والمخلّص؟ هل نطلب الدّبس . . . .؟
حذّرت قبل عقدين من هذه الحالة التّعيسة التي تؤدّي إلى فقدان الأمن الشّخصيّ وهذا الأمر سيحقّق ما ينشده العنصريّون أعداء شعبنا.
أما آن الأوان كي نصحو؟ كي نعتمد على عقولنا؟
أما آن الأوان أن نعود إلى إنسانيّتنا وأن يكون الفرد منّا انسانًا انسانًا انسانًا ؟!

 المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مرعي مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com     

مقالات متعلقة