الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 29 / مارس 12:02

علينا ان نفرض اجندتنا الصحية قبل فوات الاوان في ظل جائحة الكورونا/ د. محمد خطيب

د. محمد خطيب
نُشر: 10/08/20 20:05,  حُتلن: 12:33

ما هي الخطة المقترحة لتحسين الصحة في المجتمع العربي؟ ولماذا يصمت النواب العرب حيال عدم إدراجها في ميزانية الدولة؟!

د. محمد خطيب يجيب على تساءل: ما هي الخطة المقترحة لتحسين الصحة في المجتمع العربي؟ ولماذا يصمت النواب العرب حيال عدم إدراجها في ميزانية الدولة؟!

الخطة متعددة المجالات والسنوات لتحسين الوضع الصحي في المجتمع العربي، هي خطة قامت بتحضيرها وزارة الصحة ووزارة المساواة الاجتماعية وبالتشاور والتنسيق مع العديد من المهنيين العرب (الطب، الصحة الجماهيرية، المهن الطبية المساعدة، التغذية وغيرها) ومع مقدمي الخدمات الصحية (صناديق المرضى) ومنظمات المجتمع المدني العربية ذات العلاقة. وقد بدأ العمل على بلورة هذه الخطة على خلفية عدم وجود اي ذكر للخدمات الصحية في الخطة الحكومية ٩٢٢ لتطوير البلدات العربية التي أقرتها الحكومة وبدأ العمل بتنفيذها منذ ٥ سنوات، رغم المعرفة التامة والمسبقة بالنواقص والحاجات الملحة والمتعاظمة والفجوات القائمة.

كان لي الشرف أن أكون الى جانب العديد من الزملاء المهنيين، وأحد هؤلاء بشكل شخصي وكمندوب عن جمعية الجليل والمنتدى المدني لتطوير الصحة في الجليل. ونحو بلورة هذه الخطة اهتممت كمركّز اللجنة القطرية للصحة المنبثقة عن لجنة المتابعة العليا، ومنتدى الصحة النفسية الذي أقيم لهذا الهدف، بإيصال توصياتهم للقائمين على تحضير الخطة وإدراج هذه التوصيات فيها.
تطرح الخطة تدخلات على اربعة مسارات: البنى التحتية الفيزيائية، البنى التحتية البشرية (القوى العاملة)، البحث العلمي والمعلومات، السياسات والقوانين الصحية. ويشمل ذلك، اقامة العديد من الخدمات الصحية في البلدات العربية، مراكز للتنمية الصحية مناطقية، نقاط دعم نفسي، غرف طوارئ اولية، دعم السلطات المحلية لتطوير مساحات مطوّرة للصحة كمسارات المشي والملاعب والحدائق، ملاكات للاختصاصات الطبية المطلوبة، برامج تأهيل، تقوية الطواقم العاملة، مسارات تعليم جديدة، منظومات تكنولوجية للمعلومات والاعلام الصحي وغيرها. في ذات الوقت تتركز الخطة في خمسة مواضيع الأكثر إشكالية في المجتمع العربي وفق الابحاث والتحليلات والمعطيات: السكري والسمنة، التدخين وأمراض الرئة، الصحة النفسية، صحة الأطفال، صحة النساء حيث تطرح خطوات عملية في كل المسارات المذكورة اعلاه في هذه المواضيع. وقد تم تحديد الميزانيات المطلوبة وبالتفصيل حيث بلغت بالمجموع حوال ٩٠٠ مليون شيكل (جزء منها هو استثمار لمرة واحدة والجزء الآخر هو مستمر عبر السنوات). من الواضح، وكما يجمع الكثيرون من المهنيين العرب ذات العلاقة، على ان هذه الخطة غير مسبوقة في المجتمع العربي ومن شأنها، في حال تنفيذها، إحداث تغيير كبير في الخدمات وفي الوضع الصحي للسكان العرب، مما يجعلنا ايضا جاهزين اكثر لاي أزمة صحية الآن ومستقبلاً.

منذ سنتين ونحن نعمل على دفع الخطة لمصادقة وزارة المالية من ثم الحكومة ضمن قرار حكومي وإدراجها في ميزانية الدولة. وكان لي الشرف بعرض الخطة في وزارة المالية خلال اجتماع شارك فيه أعضاء لجنة الصحة في اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية العربية وآخرون. غير ان جولات الانتخابات المتتالية التي حصلت حالت دون تقدم المصادقة على الخطة. ومع تأليف الحكومة الجديدة تابعنا هذا الموضوع لأهميته رغم واقع الكورونا الذي أشغلنا جميعاً. ولكن للأسف، اتضح لنا أن الخطة غير مشمولة في الميزانية المقترحة للمصادقة قريباً، رغم الوعودات المتتالية. ومنذ أكثر من شهر، نحاول حث المسؤولين بما فيهم أعضاء الكنيست العرب للتدخل لأن هذه الخطة هي من أهم المواضيع لمجتمعنا وتقدمها يحتاج فقط الى ضغط وقرار سياسي .. لكن للأسف، لا يوجد أي تجاوب وكأن الموضوع لا يخصنا. أشير الى أنني قمت بنفسي بارسال رسائل موجهة شخصياً لكل النواب العرب مع الاستعداد لتوفير كل المعطيات الصحية والمعلومات المفصلة عن الخطة. وللأسف، اثنان منهم فقط قاموا بالرد ومن الواضح ان الرد أتى من باب رفع العتب ودون أي تعليق!

أزمة الكورونا أثبتت أهمية الصحة التي في النهاية هي أساس الاقتصاد والمجتمع، وأوضحت مدى حاجات مجتمعنا العربي للبنى التحتية، القوى العاملة المهنية المتخصصة، خدمات الطوارئ والمعلومات إضافة الى الخطورة المتزايدة لدى السكان العرب للإصابة بهذا الوباء. أزمة الكورونا كانت وما زالت فرصة لإجبار الحكومة والدولة على تبني هذه الخطة الأولى من نوعها، من حيث حجمها، ومضمونها ومنظومة بلورتها.
وهنا أريد ان أحذر من أن عدم إدراج الخطة الآن سيعني دفنها الى سنوات، والقبوع في واقعنا البائس على الصعيد الصحي وتكريس الوضع القائم بكل علاته وإشكالاته، وهي مسؤولية تتحملها الدولة والحكومة أولاً ومن ثم قياداتنا السياسية وكل من توانى عن العمل والمساهمة في اخراجها الى حيز التنفيذ. ولكي لا يحصل ذلك على النواب العرب الخروج عن صمتهم وعن اللامبالاة غير المفسرة والعمل على وجه السرعة فيما تبقى من الوقت وقبيل إقرار الميزانية. ما هو مطلوب اليوم هو العمل الفوري والسريع،وإيصال ووضع الخطة على أجندة وزير الصحة ومديرها العام (الجديدين) وسلم أولوياتهم ومناقشة مركباتها من حيث التمويل نحو إدراجها في الميزانية. هذا برأيي يستوجب توكيل المهمة لأحد النواب أو طاقم مصغر من بينهم لقيادة الموضوع، وغني عن القول أننا كمهنيين ومؤسسات متداخلين سنقوم بما يطلب منا لنجاح هذا الجهد. 

* د. محمد خطيب -  جمعية الجليل. مركّز اللجنة القطرية للصحة

مقالات متعلقة