الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 25 / أبريل 23:01

الأزمة والمجتمع العربيّ- سيزول وباء الكورونا وتبقى العنصريّة

بقلم: د. سراب أبو ربيعة

د. سراب ابو
نُشر: 29/06/20 11:09,  حُتلن: 11:44

 د. أبو ربيعة في مقالتها: 

*في إسرائيل عادت الحياة إلى طبيعتها إلا أنّ العنصريّة لم تتوقف والأزمة الصحيّة اوضحت المفهوم ضمنًا طوال الوقت.

كشفت جائحة الكورونا، والتي مسّت بنا صحيًا بالأساس، عن فجوات إضافية كانت خفية بين أجزاءً مختلفة في المجتمع في إسرائيل، خاصةً العنصرية الممنهجة والمتواصلة ضد 20 من السكان- السكان العرب في إسرائيل.

مع تفشي الجائحة وبدأ الأزمة، كان من الواضح جليًا لنا كيف يحاول رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، من استعمال كلمة "العرب" في خطاباته بصورة حذرة جدًا، وكأن الكلمة تعّد مسبة، واستعمل عوضًا عن ذلك مصطلح نفي المواطنة مرددًا "المواطنين غير اليهود".

شخصيًا، لم اتفاجأ، لكن كنت على أمل دائم، كمواطنة تحترم القوانين- وبالأساس التباعد المجتمعيّ، من خلال المحافظة على لبس الكمامة والقفازات للوقاية، ولا تبعد أكثر من 100 مترًا- أنّ اجد تعاملا أقل عنصريّة، على الأٌقل اثناء تفشي الوباء، لكن بتفكير معمق أكثر، هل كان الوباء سيحميني من العنصريّة فعلا؟!

مع تفشي الوباء أكثر، وتعمق الأزمة، سلوكيات العنصريّة الثابته والمتوقعة برأيي، منها التجاهل المقصود والإقصاء للآخر تفشت هي ايضًا. الفحوصات المخبرية للكشف عن الوباء وصلت إلى مجتمعنا العربيّ بتأخير كبير مقارنة بالمجتمع اليهوديّ، ذلك بعد ضغط كبير من قبل النشطاء والحقوقيين والقيادة العربيّة، والتي دفعت الحكومة إلى اتخاذ المفهوم ضمنًا- إجراء فحوصات مخبرية للمجتمع العربي كما كل مواطن. هذا الواقع عزز لديّ أكثر المفهوم أنّ علي أن احمي نفسيّ وأفراد عائلتي، فلا يوجد من يقوم بذلك.

العنصريّة المُمأسسة تجلت بصورة أكبر مع استمرار الحكومة  بتوزيع اوامر هدم للسكان العرب في القرى غير المعترف بها في النقب، اوامر رافقت الأزمة طوال الوقت، وتجاهلها الإعلام الإسرائيلي وكأنها لم تكن، رغم أنّ الحديث عن 120 الف نسمة يعيشون في ظروف غير انسانية ويفتقرون إلى مقومات الحياة الأساسيّة، منها البنى التحيّة، المياه الصالحة للشرب والكهرباء، هذا عدا عن البطالة، والتي تضخمت فترة الأزمة، إلا أنها تضاعفت وبشكل كبير في النقب، لتمس بأكثر الفئات المستضعفة والتي تعاني الفقر بطبيعة الحال- 80% من العائلات العربيّة في النقب تحت خط الفقر.

حتى مع التحوّل لمنظومة التعلم عن بعد، وصلت إلى الاستنتاج أنّ "تعليمات التعلم وقت الأزمات والطوارئ" ملائمة لاحتياجات المجتمع اليهوديّ والطبقات من الدخل العالي اقتصاديًا فقط، مما أدى إلى توسع الفجوات التعليمية للفئات من ذوي الدخل المنخفض. في الوقت الذي عانى منه الكثير من الطلاب في إسرائيل من نقص في الحواسيب، أكد 55 الف طالب من القرى غير المعترف بها أنهم يعيشون واقع الطوارئ بشكل مستمر ومتواصل. حتى وأنّ تم تزويدهم بالحواسيب المتنقلة، تبقى مسألة غياب البنية التحتية والكهرباء والأنترنت والوعي الصحي، اضف إلى ذلك مشكلة الكثافة السكانية في المنازل، مشاكل عالقة ومعرقلة لتعلمهم عن بعد، حتى وإن رغبوا بذلك.

قرار الحكومة اعادة الحياة إلى طبيعتها ورفع القيود مع تسجيل إنخفاضًا في عددٍ الإصابات بالفايروس، تجاهل وضع المجتمع العربيّ والذي فيه بدأ الفايروس بالانتشار المتأخر، وعن طريق "الخطأ" كما افادنا الإعلام الإسرائيليّ! حتى وانها تجاهلت استمرار فرض قيود وإغلاق على أحد القرى البدوية التي تفشى بها الوباء بشكل خطر! حتى قرار إعادة التعليم إلى طبيعته، رافقه جلسات استشارية تمت مقابل المجتمع اليهودي فقط، مما دفع بإعلان لجنة المتابعة واللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية الإضراب عن التعليم لعدة ايام، كخطوة احتجاجية على عدم الجهوزية في السلطات المحليّة العربيّة للعودة إلى المدارس، بسبب غياب الموازنات والموارد اللازمة للوقاية.

ومع توسيع إضافيّ لقراءة وتشخيص الواقع، نجد أنّ السلطات المحليّة العربية، خاصة في النقب، علقت في ازمة اقتصادية اضافية صعبة أكدت أنّ الدولة تخلت عنهم حتى وقت الأزمات، فقط 2% من مجمل الميزانية التي خصصت للبلديات والمجالس، والتي تقدّر بـ 2.8 مليار شيكل، وصلت إلى السلطات والبلديات العربيّة!.

في إسرائيل، عادت الحياة إلى طبيعتها، فُتحت المراكز والمُجمعات التجاريّة، صالونات التجميل عادت لتخدم الزبائن، وايضًا مراكز اللياقة والرياضة، إلا أنّ العنصريّة لم تتوقف للحظة! الأزمة الصحيّة التي ألمت بالمجتمع، اوضحت المفهوم ضمنًا طوال الوقت.

موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com

مقالات متعلقة