الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 05:02

أراها من بعيد - بقلم: يوسف حمدان

يوسف حمدان
نُشر: 13/06/20 18:41


هي التي تعطي الحياةَ طعمَها
وتملأ الفضاءَ بالضياءِ
في ليالي الصيف والشتاءْ..
هي التي تظلُّ دائماً معي
تحيطُ بي كأنها الهواءْ..
وعندما يضيعُ زورقي
في لُجَّة البحارْ
أراها في المدى منارةَ الميناءْ..
أراها كلما ولّيتُ عيني للعُلا
تعدُّ للنجومِ حفلةَ المساءْ..
وكي يراها عائدٌ إلى الديار كالفَنارْ
كتبتُ اسمها على وجه السماءْ.
***
هل تهجريني إن نأيتُ
أو نأت عني البلاد؟
أنا الذي وشَّمت أيادي الأرض
وجهه بلون تربة الحقول والرمادْ..
أنا الذي تشكّلت ملامحي
من النزول والصعودِ
في الوديانِ والتلالْ..
أنا الذي تعلمت عيناهُ
رؤية الأشياء من بعيدْ
لأن الأفق لا ينسدُّ
خلف حقل القمح
أو بيارة البرتقالْ..
هل تهجريني لأنني أُبعِدتُ
عن سلال التين والخروبِ
في السهول والجبالْ؟
لا.. لن تهجريني..
فأنت تعلمينَ أن غدرَ البعض
من أبناء جلدتي
هو الذي استضاف جُند الاحتلالْ.
***
أراها كلما رأيت مشمشاً
في معرض الخضار في الأسواقْ
الشكل شكلُ المشمش الشاميِّ
لكن طعمهُ بلا مَذاقْ..
أراها كلما اشتهيتُ
طعم التين والصبارِ
والبرقوق والدراقْ..
أراها كلما غرقتُ
في دوامة الحنينِ
تحت وطأة الفراقْ..
أراها كلما اشتهيت نكهةً
تفوح في الصباحِ
من فرن الزقاقْ..
وكلما اشتهيت الزعتر البلديّ
والزيت المصفى والرقاقْ..
أراها كلما رأيتُ
في الأحلام سهرةً صيفيةً
لمَّت جميع الأهلِ والرفاقْ.
يوسف حمدان - نيويورك

مقالات متعلقة