الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الثلاثاء 19 / مارس 08:02

بقاء نتنياهو في الحكم عار على إسرائيل / بقلم: احمد حازم

احمد حازم
نُشر: 29/05/20 10:10,  حُتلن: 13:57

لا يختلف إثنان حول سياسة نتنياهو "الثعلبية" وقدرته على تجيير الأمور لصالحه. فهو الذي أقنع الجنرال غانتس زعيم حزب (أزرق أبيض) بالتحالف معه في تشكيل الحكومة، التي لم تكن لترى النور لولا تغيير مواقف الجنرال، الذي كان قد تعهد بعدم الانضمام لحكومة مع نتنياهو طالما أن الأخير يواجه مشاكل قضائية، لكنه غير موقفه في وقت لاحق، ووافق على تقاسم السلطة. كما أن نتنياهو أقنع غانتس برئاسته الحكومة في الفترة الأولى من الشراكة، أي في السنة والنصف الأولى، وهو الذي "فكك" تحالف كاحول لافان الذي يتزعمه غانتس وبعثر قادته. وها هو نتنياهو "ثعلب السياسة" يبعد قرار المحكمة عنه بالتأجيل، والله أعلم متى سيصدر قراراً فعلياً بحقه، فيما لو صدر فعلاً.

صحيح، أن نتنياهو تنازل عن وزارة القضاء لمصلحة حزب "أزرق أبيض" الذي يرأسه غانتس مجازفاً بذلك في قضية محاكمته، لكنه ليس بهذا الغباء كما يتصور البعض، ونتنياهو لا يمكن أن يسلم رقيته لخصمه سياسيا حتى وإن اتفق معه. فقد ضمن نتنياهو أمرين مهمين لهما علاقة بمحاكمته، أولهما: الحق في رفض تعيين أي شخص في منصب المستشار القضائي للحكومة وفي منصب الادعاء العام. و ثانيهما: أنّ نتنياهو ضَمِن، وفق اتفاق الائتلاف الحكومي مع غانتس، أن يكون ثلاثة من بين تسعة أعضاء في لجنة تعيين القضاة من أنصاره الذين يريدون إحداث تغيير في تركيبة المحكمة العليا في إسرائيل لمصلحة القضاة الأكثر يمينيةً، وهذان الأمران لمصلحة نتنياهو.

خلال العقد الأخير اكتسب نتنياهو خبرةً واسعة في المناورة السياسية والإيقاع بخصومه في فخ "السياسة الثعلبة" من خلال تقديم إغراءات بمناصب في حكومته، مثلما فعل مع شاؤول موفاز رئيس حزب كديما، وإيهود باراك رئيس حزب العمل، ومثلما فعل أيضًا مع تسيبي ليفني ويئير لبيد.

المواطن العادي يتساءل وبحق: لأي وظيفة شاغرة في الدولة، يطلب من المتقدم إليها أن يكون سجله العدلي نظيفاً ولا يمكن قبوله إذا كان يتعرض لاتهامات، فما بالك إذا كان المتقدم لمنصب رئيس حكومة يشمل سجله القضائي تهماً عديدة، ورغم ذلك أغمض القضاء عينه، وأغمض رئيس الدولة عينيه وكلفه بتشكيل الحكومة. كيف هذا؟ يعني أن نتنياهو يلاحق في ثلاث قضايا مختلفة، ولا شك أن يوم الرابع والعشرين من مايو/أيار كان يوماً غير عادي لإسرائيل بشكل عام، لأنه اليوم الذي يقف فيه لأول مرة رئيس وزراء أمام القضاء لمحاكمته. في حالة نتنياهو كان المفروض به أن يخجل من نفسه، لكنه كان في غاية الوقاحة، عندما صرح أمام الصحفيين أثناء دخوله مقر المحكمة. “أقف أمامكم صلباً ومرفوع الرأس ". فكيف يمكن لسياسي أمامه لائحة من الاتهامات بالرشاوى والفساد واستغلال المنصب، أن يكون مرفوع الرأس. والمفروض أن يكون مطأطأ الرأس وليس غير ذلك.

القاعة رقم 317 في المحكمة المركزية في القدس، كان من المفترض أن ينطلق منها قراراً بشأن نتنياهو، لكن بدلاً من ذلك، أعلن القضاة عن تأجيل جلسة المحاكمة إلى يوم التاسع عشر من الشهر المقبل، وتم السماح له بعدم حضور الجلسة بحجة أن مرحلة الأدلة غير مكتملة. إذاً ، نتنياهو من ناحية عملية كان هو المنتصر في بداية المحاكمة، ليس ذلك فحسب: ففي خارج المحكمة، وجه هجوماً عنيفاً على ما يسمى "سلطات انفاذ القانون" ( ولا نعرف أي قانون ( حتى أنه أظهر عداوته للصحافة، حيث طلب بإخراج الصحفيين من قاعة المحكمة. فأين الديمقراطية الإسرائيلية التي يتشدق بها نتنياهو؟؟
لكن، ما الذي يريده نتنياهو من وراء مسرحية المحاكمة؟ من الطبيعي أن يفعل نتنياهو كل ما في وسعه وبكل الوسائل المتاحة له، ليخرج من هذه (المسرحية) سالماً معافىَ "مرفوع الرأس" كما قال عندما دخل قاعة المحاكمة. وبالتأكيد لو أن نتنياهو ليس لديه ضمانات "بانحياز" القضاء له لما تنازل عن وزارة القضاء. صحيح أن المسألة ستأخذ وقتا، لكنه في النهاية سيخرج من هذه "الاتهامات مثل "الشعرة من العجينة".


نتنياهو على ما يبدو، وانطلاقاً من سياسته الثعلبية قرأ الخارطة جيداَ قبل تشكيل الحكومة ورتب لكل خطوة يقدم عليها بعد تشكيل الحكومة، وأعد العدة لمواجهة كل قرار قد يتم اتخاذه ضده في الحكومة الثنائية. يوجد بين حزبَي الليكود و"أزرق أبيض" اتفاق الائتلاف الحكومي ينص على أن يتم اتخاذ القرارات وسَنّ القوانين بالتفاهم بين نتنياهو وغانتس، وأن يكون لكل منهما الحق في تعطيل أي قرار تتخذه الحكومة، لكن نتنياهو استطاع بدهائه السياسي أن يستثني من هذا التفاهم موضوع ضمَّ مناطق في الضفة الفلسطينية المحتلة؛ بمعنى أنّ من حق حزب "أزرق أبيض" معارضة الضم، ولكن ليس من حقه منع اتخاذ هذا القرار. وبذلك لن تكون أمام نتنياهو أي صعوبة للضم على مستوى الحكومة.
نقطة أخرى لا بد من الإشارة وإليها وهي أن نتنياهو سيسرع قي عملية الضم ما دام ترامب على رأس الإدارة الأمريكية، لأنه غير متأكد من فوز ترامب في الانتخابات المقبلة، التي ستجري غي خريف هذا العام

مقالات متعلقة