الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الجمعة 19 / أبريل 06:01

الشاعر د. قدور رحماني! هل كادت تقتلك القصيدة؟/ بقلم: حسين فاعور الساعدي

حسين فاعور الساعدي
نُشر: 27/05/20 18:37,  حُتلن: 19:28

هل للدكتور الشاعر قدور رحماني أعداء؟ لا أدري. ومن كان يقصد في قصيدته "منتصف الجرح"؟ أيضاً لا أدري.
ما أدريه أن الشاعر تعرض لحادث سير مؤلم أياماً بعد نشر القصيدة وفي نفس اليوم الذي نشرت تعقيبي على هذه القصيدة في صحيفة رأي اليوم اللندنية وصحيفة المثقف والمجلة الثقافية الجزائرية وصحيفة كل العرب ومواقع أخري. وقد كتب لي الشاعر تعقيباً قصيراً ومرتبكاً على احد المواقع بعد الحادث مباشرة يقول فيه أنه تعرض لحادث سير ويتألم. بعدها فقد الوعي وظل في غيبوبة طويلة، كما عرفت فيما بعد.
لا يوجد تواصل مباشر بيني وبين الشاعر شفاه الله لأعرف منه ما الذي حدث. لكنني عرفت من أحد أقاربه أن حادث السير "لم يكن بريئاً". هذه العبارة أقلقتني كثيراً وقضّت مضجعي. وجعلتني أتردد كثيراً في كتابة هذا المقال خوفاً على الشاعر. هل من المعقول في عالمنا العربي وبالذات في الجزائر أن يتعرض شاعر لمحاولة اغتيال لأنه عبر عن ذاته؟ أيعقل أن تؤدي قصيدة ليس فيها شتيمة ولا تجريحاً إلى محاولة إزهاق روح بريئة؟ أعرف أن هامش ما يسمونه حرية التعبير يكاد يكون معدوماً في معظم الدول العربية. وكل الكتاب والشعراء الذين يكتبون بحرية موجودين في المنافي القسرية أو الاختيارية خارج أوطانهم. ولكنني أعرف أن في الجزائر حكومة منتخبة ورئيس جمهورية أختاره شعبه بمنتهى الحرية.
قصيدة "منتصف الجرح" قصيدة جميلة وراقية مليئة بالصور والألوان وليس فيها إلا نبذ الظلم والظالمين. فهل وصل الظلم حد كم الأفواه علانية وبشكل وقح؟
لن تنهض شعوبنا ولن تخطو خطوة واحدة إلى الأمام طالما لا قيمة للإنسان في وطنه. وطالما ظل الإنسان العربي ليس في موقع الصدارة من حيث تعامل المؤسسات معه ومن حيث ممارسته لحياته اليومية. ما قيمة الوطن دون إنسان؟ وما فائدة الدول إن لم تكن لخدمة الإنسان؟
لا أريد أن اتهم جهة معينة بالوقوف وراء الحادث الذي تعرض له الشاعر الدكتور قدور رحماني. لعدم توفر المعلومات كيف وقع الحادث المؤلم ولا أين وقع. لكنني أشعر أن وراء الأكمة ما وراءها للأسباب التي ذكرتها أعلاه. ولأننا نعرف جميعاً أن هنالك هجمة شرسة لتدجين الشعراء والكتاب العرب وتجنيدهم لخدمة أجندات السلطة والجهات الحاكمة في الدول العربية. تدجينهم وترويضهم بالترغيب بواسطة الجوائز المفبركة والمدفوعات تحت عناوين مختلفة أو تدجينهم وترويضهم بالترهيب بواسطة قطع الأرزاق أو التعتيم والتهميش أو حتى السجن أو القتل والأمثلة كثيرة لا حصر لها.
إن كثرة الجوائز الأدبية في السنوات الأخير التي منحت من جهات بعيدة كل البعد عن احترام إنسانية الإنسان، ولكتاب لم يحرك مشاعرهم وأقلامهم قتل الأطفال في اليمن والعراق وسوريا وأبدو دعمهم للجماعات الإرهابية بكل برودة أعصاب، إنما يدل على حجم الخطر الذي يواجهه الكتاب والشعراء الملتزمون بقضايا شعوبهم.
إن الهجمة قوية وشرسة وتستعمل مختلف الأساليب والطرق. وجنود هذه الهجمة منتشرون في كل مكان ويحاولون الوصول إلى كل المواقع وبأقنعة مختلفة. ما يميز هؤلاء الجنود سواء كانوا شعراء أو أدباء أو نقاد أنهم يُفرغون كل شيء من مضمونه وينشرون ويطبّلون للرديء ويعتّمون ويتجاهلون الجيد. الكثيرون من هؤلاء الجنود غير واعين لما يقومون به وربما يظنون عندما ينشرون عملاً هابطاً أنهم يشجعون الأدب. لكن معظمهم يخدم السلطة لأنه يأكل من خبزها ومن مصلحته تعميم الرديء ولجم الجيد للمحافظة على موقعه.
هؤلاء الانتهازيون الذي يتغطون بالكتابة عن الثورة والثوار ويطبلون للتغيير بينما يمارسون التحجير والتدمير هم الخطر الحقيقي الذي يواجهه الأدباء الملتزمون. لأنهم على استعداد تام لفعل أي شيء للمحافظة على مواقعهم فهم يرون أن الأدباء الملتزمون هم عدوهم الحقيقي وليس التخلف والجهل والقوى الخارجية المستعمِرة لأوطانهم. وهم يستنجدون بالسلطة يحرضونها ويوقعون بالأدباء الملتزمين في سبيل المحافظة على مصالحهم ومواقعهم.
تمنياتي للدكتور الشاعر قدور رحماني الشفاء العاجل والعودة إلى موقعه المرموق بين زملائه من الأدباء والشعراء الملتزمين بقضايا وهموم شعوبهم وللجزائر الحبيب كل الخير واليمن والأمان.

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة