الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: السبت 20 / أبريل 04:02

أنا، حفيدي جمال والذئب/ بقلم: حسين فاعور الساعدي

حسين فاعور الساعدي
نُشر: 05/05/20 10:20,  حُتلن: 14:29

صديقي الوحيدُ الوفيُّ الذكيُّ الشجاعُ جمالْ*
صديقي يا ابن الثلاثِ الطوالْ
جميلٌ كزهرةِ لوزِ
كطلّةِ صبحٍ
نديٍّ كنسمةِ صيفٍ
وعيناكَ عينا غزالْ
فيهما عالمان: شتاءٌ حزينٌ
وصيفُ أمانْ
أحِبّكَ يا ابنَ الثلاثِ الطوالْ
وأهوى سؤالَكَ حين يليه سؤالٌ
يليهِ سؤالْ
تلوذُ بحضني وتهمسُ:
"احكي عن الذئبِ. جدي!"
فأروي الحكايةَ...
تُصغي بعينينِ جاحظتينِ
وتسألني بانفعالٍ:
ألذئبِ رأسٌ؟
ألذئبِ عينٌ؟
ألذئبِ أنفٌ كأنفكْ؟
ألذئبِ فمٌّ؟
ألذّئبِ عمٌّ؟
ألذّئب خالْ؟
هل الذئبُ يبكي؟
هل الذئبُ يضحكْ؟
ألذئبِ أمٌّ تُعاقبْهُ إن راحَ يلعَبُ،
أو لم يكن كالرجالْ؟
ألذئبِ أبُّ؟
هل الذئبُ ابنُ حلال؟
وأنهي الحكايةَ
تنهضُ: "أين عصايَ؟"
تسيرُ أماميَ كالشبلِ...
أمشي ورائك كالسلحفاةِ
فتصرخُ: أسرِعْ!
تعودُ الطفولةُ تَسْري بجسمي كأفعى
وأنت كظبيٍ صغيرٍ أماميَ تسعى
فأحبوا وراكَ،
أعدّلُ ظهري
ويشتدُّ بين الضلوعِ الحراكْ
تغيبُ وراءَ الشجيراتِ،
تبعدُ عني،
أخافُ عليكَ الأفاعي
أنادي بصوتٍ أجشٍّ وكلي ارتباكْ:
تعال نعودُ... أنا خائفٌ يا جمالْ!
فتصرخُ بي من بعيدٍ: "وماذا تخاف؟"
تعودُ وعيناك تقدح ناراً
وتُمطرني بالسؤالِ وراء سؤالْ:
هل الذئبُ خلفَ التلالْ؟
أم هنا خلفَ هذي الشجيراتِ،
حدّ الطريقِ هنا؟
هل الذئب يسكن في بيتنا؟
أم الذئبُ بين الجبال؟
وأتعبُ...
أخشى عليكَ
فأطلبُ منكَ:
تعال نعودُ أنا خائفٌ يا جمالْ
فتصرخُ بي باحتجاج شديدٍ:
لماذا تخافْ؟
سأضرِبُهُ بالعصا
ألستُ أنا من سيحمي الخراف؟؟

*جمال هو اسم أحد أحفادي ولكنه يرمز لهم جميعاً ولكل هذا الجيل الذي يسأل ويلح في السؤال.*

 موقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكاركم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية منبر العرب. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان:alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة