الأكثر قراءةهذا الأسبوع
آخر تعديل: الخميس 18 / أبريل 14:02

ضحايا وليسوا مجرمين !-سعيد جربان

سعيد جربان
نُشر: 30/04/20 00:44

تخيل عزيزي القارئ أن تغريده عابرة تُكتب من إنسان عابث أو تعليقاً لا مسؤول او تعاطياً غير انساني يمكن أن يؤدي الى نافذه تُسهم في احداث مشكله مجتمعيه وتمنع الاخرين من الذهاب لإجراءات الفحوصات اللازمة والمتعلقة بفايروس كورونا، فقط لخشيتهم من تنمر الاخرين أو من النظرة الغبية التي قد يوجهها شخص لآخر فقط لكونه أصيب بالفايروس في وقت تفرض فيه كل المشاعر الإنسانية والدوافع الاخلاقية من الوقوف الى جانب المصابين ودعمهم ورفع معنوياتهم لينشأ لدينا مجتمع واعي قوي ومتماسك قادرا على مواجهه الظروف.

في ظل هذا الوباء، يطل علينا العنف بشكل آخر. هذه المرة بصورة "عيب". ويجعلنا ننظر الى المصابين على انهم أوبئة تسير على الأرض. مع ان ليس لهم علاقة بالإصابة. فهذا الفايروس كغيره من الامراض المعدية ممكن ان يصاب به أي انسان ويأخذ العلاج ويشفى منه كما يجب. هذا هو التنمر. نوع من أنواع العنف والإساءة ويوجه من شخص او مجموعه من الأشخاص الى شخص اخر سواء وجهاً لوجه او عن طريق الشبكة العنكبوتية بدءا من الأذى الجسدي الى الإساءة اللفظية والنفسية.
وهو سلوك عدواني يؤدي الى الاكتئاب وقد يصل الامر الى انتحار ضحية التنمر.
منذ ظهور وباء كورونا بمجرد ان يصاب أي شخص بالأنفلونزا او الكحة تجد نظرات الناس من حوله تطارده كأنه مصاب بالوباء فالكل يبتعد عنه ويغادر المكان الموجود به بل ويطلق البعض لفظ كورونا على من يشتبه بإصابتهم بالفايروس والاسوأ من ذلك ما يتعرض له متعافو كورونا او المشتبه بإصابتهم به من معامله سيئة من قبل الأقارب والأصدقاء والمجتمع ككل.
وما النتيجة؟ يتحول التنمر في مجتمعنا الى وباء لا يقل فتكا من كورونا لذلك يتخوف البعض من الإفصاح عن أي اعراض قد تصيبهم ويتحاشون الذهاب الى المستشفى او العيادة او العزل الصحي لفحص حالتهم وقد تسوء حالتهم ويفقدوا حياتهم خوفا من تنمر من حولهم.
انتشرت مؤخراً ظاهره التنمر في المجتمع بصوره ملحوظه وهناك العديد من الدوافع والتي تؤدي بدورها الى الكثير من الاثار السلبية على الضحية فقد تؤدي الى اضطرابات نفسيه والى اكتئاب وشعور المتنمر به بحاله من الخوف والقلق والعدوانية ومع الانطواء والعزلة والأخطر من ذلك التفكير في الانتحار.
هناك علاقه قويه بين التنمر والتفكير بالانتحار منذ ظهور الفايروس والذي نتج عنه سلوكيات سيئة جعلت الكل يخشى الاقتراب ممن يعانون من نزلات البرد الموسمية او ممن يتواجدوا في أماكن العمل التي تعتبر الواجهة الأولى لإمكانيه التعرض لحمل الفايروس بالعدوى واقصد بهؤلاء، كل الكادحون والكادحات الذين يعملون داخل المؤسسات الصحية والمستشفيات بحيث يكون خطر انتقال العدوى اليهم اعلى من غيرهم .
المؤسف كذلك اننا نلاحظ حالات تنمر ضد المتعافين من كورونا بدلاً من تقديم يد العون لهم والاطمئنان على صحتهم الامر الذي يؤثر سلباً على حالتهم النفسية ويجعلهم يعيشون حاله من العزلة وكأنهم ارتكبوا جريمة رغم براءتهم منها. فهم ضحايا رضوا بقضاء الله وكل انسان قد يكون معرضا للإصابة في أي وقت ومكان كان.
هذا الامر أصبح خطرا جديدا يهدد استقرار المجتمع ويحتاج لمزيد من التوعية حتى نتمكن جميعا وصول بر الأمان واجتياز هذه المحنه.
للأسف نجد ان أهالي المصابين يتعرضون كذلك للتنمر من قبل الجيران والاقارب وكل المحيطين بهم بحيث يخشى الجميع من التعامل معهم او الاقتراب منهم رغم ان مريض الكورونا نؤكد مجددا ان لا ذنب له فيما حدث معه لأنه ابتلاء من الله عز وجل وعلينا كمجتمع ومختصين ان نقدم الدعم النفسي لهم وندعو لهم بالشفاء ونرى ان محاربه تلك الظاهرة يحتاج لمزيد من الوعي لدى المواطنين فتلك الازمه ناتجه عن حاله من الخوف والذعر لدى الكثيرين.
وهنا يأتي أيضاً دور وسائل الاعلام والتي يتوجب عليها عمل حملات توعيه لتوضيح الاثار السلبية لظاهره التنمر وما تتسبب به من حاله نفسيه سيئة للمريض وذويه فقد يصاب المريض بحاله من الاكتئاب وقد يحتاج البعض الى دعم نفسي حتي يتمكن من ممارسه حياته بصوره طبيعية.
لا بد من الإشارة في النهاية الى أن هذا الوضع العبثي يزيد من حاله الفرقة بين الناس والتركيز على نبذ العنصرية وعلى وسائل الاعلام وكل الجهات المعنية بما فيها جهاز الشرطة والقضاء ان تقوم بدورها للحد من تلك الظاهرة وتنزل اقصى العقوبات بالمتنمرين .
كما يجب على المجتمع ان يمارس دوره في رفض المتنمرين ونبذ اطروحاتهم المتخلفة ... العيب ليس بأن تكون مصاباً، والتنمر هو نوع آخر من الجريمة.

الكاتب هو مركز مشروع "مجتمع آمن" في جسر الزرقاء، مبادرات إبراهيم

المقالات المنشورة تعبر عن رأي كاتبها فقط، وموقع العرب يفسح المجال امام الكتاب لطرح أفكارهم التي كتبت بقلمهم المميز ويقدم للجميع مساحة حرة في التعبير عما في داخلهم ضمن زاوية رأي حر. لإرسال المواد يرجى إرفاق النص في ملف وورد مع اسم الكاتب والبلدة وعنوان الموضوع وصورة شخصية للكاتب بجودة عالية وحجم كبير على العنوان: alarab@alarab.com   

مقالات متعلقة